تناولَ الفلفل الحار خلال مسابقةٍ فأُصيب بالصمم.. أطباء ينصحون لتجنُّب الوقوع في حالةٍ مشابهة

تنتشر فيديوهات لمسابقات تناول الأطعمة الحارة، إلا أن الأمر بدأ يتحول من كونها مجرد منافسة إلى مأساة، إذ أصيب أحدهم بعد تناول طعام حار، بدقيقتين بالصمم.

وقال بين سوماديويريا الذي نشر مقطع فيديو لنفسه وهو يتناول “معكرونة الموت” في إندونيسيا العام الماضي، “تصاعد الألم كله إلى أذني لدرجة أنني شعرت وكأنهما أُصيبتا بالصمم”، بحسب موقع Live Science.

وتعرض قناة سوماديويريا على يوتيوب فيديوهات له ولأصدقائه وهم يتناولون أطباق المعكرونة التي تتسبب في احمرار الجلد وذرف الدموع من العينين.

لا توجد إجابة طبية مؤكدة عن تسبب إصابة الفلفل الحار بالصمم، ولكن من الممكن أن يرجع ذلك إلى الارتباط المعقد بين الفم والحلق والأذن.

الآثار الإيجابية للفلفل

صُنِعت المعكرونة التي تناولها سوماديويريا في إندونيسيا من 100 قرنٍ من الفلفل الحار، المعروف أيضاً باسم الفلفل التايلاندي. ويُحدث هذا الفلفل الأحمر الصغير تأثيراً كبيراً – فهو يحتوي على وحدات تتراوح بين 100 ألف و225 ألف وحدة حرارية على مقياس سكوفيل الذي يُستخدم في قياس كمية البهارات والتوابل، ويجعلها أكثر حرارة من فلفل الهالبينو بـ 45 ضعفاً.

ويعد فلفل كارولينا ريبر أقوى نوع فلفل في العالم، حيث ينمو في كارولينا الجنوبية وتزيد درجة حرارته عن فلفل الهالبينو بـ 440 ضعف، ومع هذا ربما يكون فلفل أنفاس التنين (دراجون بريث) أحد الأنواع التي تتنافس على صدارة قائمة الفلفل الحار).

وأخبر سوماديويريا موقع Live Science أنه لا يتمالك نفسه عندما يتعلق الأمر بالتوابل: فهو يصنع صلصة الفلفل الحار ومخللات الفلفل الحار لتناولها مع وجباته.

ويظهر سوماديويريا في الفيديو المُصور قبل أن يقوم بغمر رأسه في المياه الجارية الباردة، وهو يقول “لا أستطيع سماع أي شيء يا رجل”.

يُطلق على المادة التي تُنتج الحرارة في الفلفل الحار الكابسيسين، ومن المحتمل أنه تطور ليحمي النبات من الفطريات. ويثير مادة الكابسيسين الخلايا البشرية، وخاصة الأغشية المخاطية التي تبطن الفم والحلق والمعدة والعين.

وتتسبب كميات بسيطة منه في إحساس بالحرقان حيث تتفاعل مستقبلات الألم في هذه الأغشية مع العامل المثير. ومن خلال زيادة نسبة تركيز هذا العنصر، يفرز الجسم المادة المضادة في محاولة لحماية نفسه: ويفرز الجسم المخاط والكثير من الدموع في محاولة لخلق حاجز بينه وبين مادة الكابسيسين. ويُطلِق الجسم مادة الأندروفين لمنع انتقال الألم والذي من الممكن أن يتسبب أحياناً في نوع من الخدر في الفم.

وقال الدكتور مايكل غولدريتش، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى روبرت وود جونسون الجامعي في نيوجيرسي، أن هذا الشعور بالخدر يُمثل السبب في استخدام الكابسيسين أحياناً في تخفيف الألم المزمن. وصرح غولدريتش قائلاً أن مادة الكابسيسين تتسبب أولاً في زيادة الألم والحرقان، ولكن بعد وقت قصير، يعمل على إعاقة الأعصاب التي تنقل الألم.

ولكن بالعودة إلى المعكرونة الحارة: أخبر بول بوسلاند، أستاذ البساتين بجامعة ولاية نيو مكسيكو وخبير الفلفل الحار، موقع Live Science عام 2012 أنه يمكن لتناول نسب عالية جداً من الكابسيسين أن يتسبب في تقرّح الحلق والفم.

وقال بوسلاند أن هذه التقرحات ما هي إلا محاولة من الأغشية المخاطية للتضحية بالطبقة العليا من الخلايا وتحصين الطبقات الأعمق بفقاعة من القيح.

الصمم المؤقت

صرح جولدريتش لموقع Live Science أنه عندما تبدأ الأنف في إفراز الكثير من المخاط – مثلما يحدث عندما تتناول طعاما حاراً – يمكن لذلك أن يتسبب في انسداد قنوات إوستاكيوس بالأذن.

وأضاف جولدريتش قائلاً “وكرد فعل على هذا، يشعر الناس بفقدان حاسة السمع”. وهذه هي نفس الظاهرة التي تجعل العالم يبدو وكأنه ملفوفاً بأربطة قطنية عندما تُصاب ببرد شديد.

من بين الاحتمالات الأخرى أن فقدان السمع ناتج عن تأثير فرط التحفيز الناتج عن العصب الثلاثي التوائم، حسبما ذكر الدكتور سام مارزو، رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب في ليولا وأحد خبراء فقدان السمع.

وأخبر مارزو موقع Live Science أن العصب الثلاثي التوائم يوفر التحكم الحسي والحركي بالفم والوجه، ويرتبط بالعصب القوقعي، الذي يعد مسئولاً عن نقل المعلومات السمعية.

وأحياناً يفقد الأشخاص المصابون بالصداع النصفي السمع بشكل مؤقت نظراً لأن التحفيز المفرط للعصب الثلاثي التوائم يعمل على تغيير قدرة نفاذ الأوعية الدموية التي تزود العصب القوقعي. وصرح مارزو أنه من الممكن أن شيئاً مماثلاً قد حدث لسوماديويريا.

وأضاف “أنت بذلك تحفز العصب الثلاثي التوائم وهذا يتسبب في إحداث تغييرات تتعلق بتدفق الدم داخل العصب القوقعي، ويجعلك تفقد السمع مؤقتاً”.

اطلب المساعدة ولا تتردد

وعندما يقل مستوى التحفيز، يقل معه الإحساس بفقدان السمع. ولكن يمكن للتغييرات التي تتعلق بتدفق الدم إلى العصب القوقعي أن تتسبب في ضرر مؤقت، ولذا فإنه إذا لم ينخفض الإحساس بفقدان السمع بسرعة وبغض النظر عن السبب، من الأفضل زيارة الطبيب، حسبما ذكر مارزو.

وقال “إذا كنت تأكل الطعام أو تتناول الدواء ولاحظت تغييرات في السمع أو الرؤية وأنها لا تتحسن، اطلب المساعدة فوراً، ولا تنتظر”.

وعلى الرغم من تجربة سوماديويريا، إلا أن الكابسيسين من المحتمل أن يشكل حماية للسمع أكثر من الضرر الذي يمثله. وصرح جولدريتش أن العلاج الكيميائي القائم على البلاتين، وهو علاج فعال مضاد للسرطان، يتسبب في آثار جانبية سيئة تدمر خلايا الشعيرات الموجودة في الأذن والمسئولة عن استشعار الموجات الصوتية.

وقال إن بعض الأبحاث التي أُجريت في وقت مبكر للغاية تفيد بأن الكابسيسين الذي يُعطى في نفس الوقت على أنه علاج كيميائي ربما يقي خلايا الشعر ويمنع فقدان السمع. ولم يعرف أحد بعد السبب في أن هذا المكون الحار يُشكل هذا التأثير، ولكن مازالت الدراسات مستمرة، حسبما ذكر جولدريتش.

علاج سريع لحرارة الفلفل

وكان باحثون في معهد “فلفل التشيلي” بجامعة ولاية نيو مكسيكو، اكتشفوا علاجاً سريعاً لإطفاء حدة الفلفل، وهو الحليب، بحسب صحيفة Daily Mail البريطانية.

ووجد الفريق نوعاً من البروتين في منتجات الألبان يحل محل المركب الكيميائي الذي يجعل الفلفل حاداً وبذلك يشعرك براحة فورية.

وقال بول بوسلاند، مدير معهد فلفل التشيلي لـ Daily Mail، “الكابسايسين هو مركب كيميائي موجود في فلفل تشيلي تجعله حاد الطعم. وتبين أن الحليب يحتوي على بروتين يحل محل الكابسايسين على مستقبلات الطعم على لسانك. إنها حقاً أسرع طريقة لتخفيف الشعور الحارق”.

هاف بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.