وليد الفراج: لن تهزموا “الكبسة” و”الجريش” و”العصيدة”!

“لو” صدر اليوم قرار بالسماح للمرأة بقيادة السيارة لن يستخدم هذا الحق إلا أقل من 1% من المواطنات السعوديات على مدى عامين ، و”لو” صدر قرار بإلغاء قوامة الرجل على المرأة في السعودية فلن يزيد المستفيدين من هذا القرار عن حالات خاصة تعاني فيها مواطنات من إسراف مواطنين في استخدام حقهم القانوني عبر التعسف تجاه النساء، وهذه الحالات الخاصة لن تزيد عن 1% أيضاً .

هذة حقيقة يحاول الكثيرون تجاهلها والقفز على حقائق واضحة في المجتمع السعودي ، “نورة” لن تصبح نانسي و”الجوهرة” لن تكون “أماندا” ، نعم هناك قوانين مختلفة في دول خليجية أو عربية لكن تطبيقها في السعودية بدون حوار مجتمعي محايد سيجعل الفجوة تزيد بين القلة والأغلبية في التعامل مع التحديث في المجتمع السعودي .

المسألة الآن ليست هذا الصراع الذي يتم بين أقصى اليسار وأقصى اليمين في مجتمعنا، صراع فكري بين محافظين “بزيادة” ومنفلتين “بزيادتين” ، والأغلبية الصامتة لا تريد أن تعيش بأفكار “قندهار” لكن أيضاً لا يريدوا أن يتعايشوا مع أفكار “باريس” و”أمستردام” .

قبل أن يطلق أحدهم مطالبات بما يسمى “تحرير المرأة” أو إسقاط كافة القيود الاجتماعية عنها، هل تسأل أحد ماهو موقف المرأة من تحملها كافة مسؤولياتها القانونية والمالية أمام الغير؟ لن يسأل أحد، أنهم يقدمون صورة وردية لفتياتنا والتي أدت إلى هروب بعضهن من أهاليهن في رحلات خارجية، وبعد أشهر قليلة يطالبن السفارات السعودية بالخارج بإيجاد حلول لإعادتهن إلى عائلاتهن بعد أن وجدوا أن القصة كلها سراب والمسؤوليات التي يتحملها الرجل في السعودية تجاه عائلته هي قيد له وحمل اقتصادي واجتماعي غير سهل .

إن وجود حالات خاصة لقضايا اجتماعية في المحاكم السعودية يعني أنها حالات استثنائية تحتاج قوانين استثنائية وليس المطالبة بقوانين تطبق على الجميع ، لأننا هنا لا نحل مشكلة بل نصنع مشكلة اجتماعية أكبر .

من غير المقبول أن تكون مشاكل 1% مبرراً لصناعة قوانين تؤثر على حياة 99% من المواطنات السعوديات، فمن لا يشاهد واقع البيئة الاجتماعية السعودية ويعتقد أنها صالحة لزراعة أفكار تحررية مستلهمة من القانون الفرنسي فهو أحد أمرين، إما أنه غير قادر على قراءة الواقع السعودي أو أنه ينفذ أفكار خاصة لمجموعة ضيقة ولا يهمه ماهي آثارها على المواطن السعودي ربما يحب أن يأكل يوماً في مطعم “صيني” ويجرب “السوشي” وأحياناً يعرف أكلات إيطالية جميلة لكنه في النهاية يعشق “الكبسة” و”الهريس” و”العصيدة” و”الجريش” و”المفلق”، ولن تكون شريحة “الإستيك” من لحم العجل المشبع بالنبيذ هي أكلته الرئيسية التي تهزم المعصوب والتميس والفول والحنيني واليغمش .

يا أحبتنا اصحوا .. أنتم في السعودية وتحرثون بأفكاركم في البحر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.