الفشل علمني … نعم أعترف أنا فاشلة وفخورة بذلك.. تركت لكم النجاح

الفشل ليس تهمة أو وصمة عار كما يعتقد البعض، الفشل تجربة تعلمنا وتكبرنا، تجعلنا نفكر مائة مرة قبل اتخاذ القرارات في حياتنا حتى ولو كان قراراً بسيطاً أو تافهاً كشراء حذاء أو حقيبة صغيرة، كلما تزيد بساطة الشيء زاد التفكير به أكثر, نعم اتهمني من حولي بالفشل بل بالفشل الذريع والنحس أحياناً؛ نظراً لعدة تجارب مرّت بي وأثرت في كثيراً ابتداءً من وفاة والدي ووالدتي وعدم تحملي للصدمة وكوني وحيدة حتى الآن، ونهاية بغدر أصدقائي المقربين لي وجلوسي عاطلة عن مهنة الصحافة التي أعشقها مدة السنتين ولازلت أعتبر نفسي عاطلة حتى بعد الالتحاق كمحررة بالعمل لدى إحدى الصحف العربية .

نعم أعترف بأني فاشلة ومررت بالفشل في أشياء عدة حتى أنني أشعر بأننا أصبحنا أصدقاء دائماً، أقول إن الفشل ليس عيباً، فكل عظماء العالم مثل أديسون وأينشتاين مرواً بتجارب فشل حتى نجحوا في اكتشافاتهم، ولن أنكر أني أؤمن بالحظ كثيراً، فأنا من الكثيرين الذين لم يحالفهم الحظ حتى الآن ولكنه سيأتي يوماً ما, أتساءل كثيراً: لماذا يعتبر البعض كلمة فشل إهانة كبيرة أو تجريحاً للشخص؟ بل على العكس الفشل درس كبير في حياة كل فرد منا يتعلم ويحاول ويفشل وينجح، بل وهو أكبر معلّم لدينا إذا احتذينا به كمثال فسوف نفهم العديد من الأمور المعقدة في هذا العالم الغريب .

الفشل علمني أن أكون من الصابرين عند وفاة والدي ووالدتي كوني فشلت في أن أساعدهم في البقاء على قيد الحيلة مدة أكبر، وكوني فشلت في تخفيف معاناتهم مع المرض اللعين .

الفشل علمني أني أظل دون عمل مدة كبيرة ودون أن أصبح الإعلامية الكبيرة التي طالما حلمت أن أكونها، حيث علمني أن أصبح سيدة منزل بل ومدبرة للمنزل بعد رحيل والدي والاعتناء بإخوتي الشباب كوني البنت الوحيدة التي كانت طموحة في يوم من الأيام .

علمني الفشل أن لا أحزن عندما أرى أصدقاء دفعتي قد أصبحوا في أعلى المناصب التي تمنيت يوماً أن أكون فيها، فأفرح لهم كثيراً وأحلم والحقيقة فأنا أتنفس بأحلامي وأمانيّ.

علمني الفشل أن أمشي وراء أحلامي ولكن ليس هناك مانع أن أنتظر تحقيق أحلامي بعض الوقت، فهذا لا يفرق معي، ولكن الفشل يجعلنا نفكر ونفكر ولا نتوقف عن التفكير، فأصبحت أضحك عندما يقول لي أحد: أنت فاشلة، عكس أول الأمر كنت أحزن حزناً شديداً وأكتم حزني، ولكن الآن فأنا أستقبل الكلمة بصدر رحب وبابتسامة تعلو وجهي، فالأمر بالنسبة إلى لا يعدو كونه دعابة وفي عقلي الباطن أني سوف أنجح قريباً، فالذي لا يفهمه البعض أن الفشل والنجاح وجهان لعملة واحدة علينا المرور بكل وجه فيهما حتى تكتمل دورة حياتنا وحتى تجمد أعصابنا وتجعلنا قادرين على مواجهة صعاب الحياة وتحدياتها .

كل ما أريده في حياة الفشل التي أحيا بها حتى الآن أن أظل على مبادئي وعقائدي أني سأصبح ما أريده يوماً ما، وأقول لكل من نعتني بالفاشلة شكراً فأنتم من شجعتموني على أن أفكر في كل شيء بعد مرحلة الفشل، نعم أنا فاشلة وفخورة بذلك وأنتم ناجحون ولكنكم محبطون، أرجوكم اتركوا الفاشل ينعم بهذه الحياة التي لا تعوض ولا تتكرر لأي أحد منا.

سيظن قارئ هذا المقال أن الكاتبة قد فقدت عقلها من الفشل واليأس اللذين مرت بهما، ولكن لا سيدي الفاضل فأنا لازلت بعقلي ولازلت بثقافتي التي مر عليها الكثير من الوقت دون استخدامها، ولازلت أؤكد أنه سيأتي الوقت التي سأكتب فيه مقالي “علمني النجاح”.

أميرة الخولي – صحفية مصرية
العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.