تهاني عوض : عندما يصبح السودانيون أقلية في الخرطوم !

قبل فترة طويلة مشيت زيارة للامارات ..زيارة تلاتة شهور..خلال الفترة ديك كلها ما شفت في (دبي) مواطن إماراتي حائم في الشارع..يعني أصلا ما لاقاني عقال ولا شماغ ولا قترة ولا زول ود بلد أصلي من المواطنين أولاد البلد الاصليين ..البلد كلها تقريبا اسيويين وبالذات الهنود والباكستانيين والبنقالة والفلبنيين بالاضافة للمصريين والسودانيين والاردنيين والمغاربة..في المستشفيات..المولات..المكاتب التجارية..وكالات السفر والسياحة اغلب الشغالين فيها أجانب هنود أو باكستانيين ..الاماراتيين ديل ما بشوفهم إلا في نشرات الأخبار في التلفزيون ..بقولوا نسبة الاجانب الى نسبة السكان الاصليين هي (1:2) او اكتر من الضعف ..يعني لو افترضنا ان المواطنيين الاصليين نص مليون حيكون الاجانب مليون عديل كدا ..طبعا دي مسالة بالنسبة للامارات ما فيها مشكلة كبيرة لانو البلد منفتحة ومواردها كثيرة لكن اتخيلوا لو الوضع دا حصل عندنا هنا في السودان ..أولاد البلد الاصليين وفاهمين ومتعلمين كلهم يا إما هاجروا (نهائي) لأمريكا وأوربا أو اغتربوا مشوا (الخليج) ! أها والبلد الفضل فيها منو ؟ الكيزان بس والناس الما قادرة (تتخارج).. والكلام دا ما (هزار) ولا (نكتة)!

فحسب الاحصائيات التي تنشرها الحكومة ممثلة في جهاز (المغتربين) أنه يتم يوميا اصدار (5000) تأشيرة خروج !! يعني الأسبوع (30,000) تأشيرة خروج يعني في الشهر (120 ألف تأشيرة) يعني سنويا(1,440,000) تأشيرة !! طبعا ما كلهم مغتربين ولا مهاجرين لانو فيهم نسبة (10-15%) بتمشي زيارات للاردن او مصر للعلاج او اثيوبيا للسياحة أو ماليزيا او الهند للدراسة المهم الناس المتخارجين من البلد في ظل الاوضاع المزرية دي كتااااار جدا ..والمشكلة في انو الناس البتطلع أغلبهم (كفاءات وخبرات نادرة) أطباء وصيادلة ، ومهندسين ، وبياطرة ، ومدرسين ، وقانونيين ، ومحاسبين ، واعلاميين ، ومبرمجي كمبيوتر ، ومهندسي شبكات ، وأساتذة جامعات ، وقلة منهم عمالة رعي أو زراعة أو سواقين أو ميكانيكيين..!

طيب منو البديل الحل محلهم في البلد؟ البديل انو البلد اتفتحت للحبش والتشاديين والارتريين والشوام والفلسطنيين والاردنيين والأتراك ، والليبيين ، والمصريين .. وديل تقريبا سيطروا على أغلب الأنشطة الاقتصادية والتجارية والسياحية.. وبقينا نشوفهم (عادي) في كليات، جامعات ..مطاعم ..فنادق ، مقاهي ، مستشفيات ، مستوصفات ، كافتيريات حتى (الركشات) بقت (حبش) ..وصفحات السودانيين في الفيس برضو اتملت (حبش) ، دا طبعا غير (الخدامات) في البيوت وستات الشاي والقهوة في شارع النيل !
والسوريات والسوريين عادي بتلقاهم حايمين في السوق العربي الخرطوم وفي سعد قشرة وفي السوق الشعبي الخرطوم وكمان في مدني وبورتسودان ..دا طبعا غير اللاجئين من يوغندا ودولة جنوب السودان وافريقيا الوسطى ..!

كل الوظائف غير الحكومية اصبحت محتكرة للوافدين والأجانب ..كل الوظائف في الاسواق مسكوها ..المهم ما خلوا مجال (شغل) ما استولوا عليه !بينما شباب البلد عواطلية!! طبعا ممكن جدا في واحد يقول طيب ما كويس فيها شنو يعني ما السودانيين برضو مشوا الخليج واستولوا على وظائف اولاد البلد هناك .. وفي النهاية دي منافع ومصالح اقتصادية ! لا لا ابدا انت غلطان ..لييه ؟ لان السودانيين سواء كانوا مهاجرين أو مغتربين ديل 75% منهم (كفاءات) وخبرات وناس خريجين ومتعلمين ومثقفين ما زي الوافدين الجونا هنا وملوا البلد ..ديل ناس (جهلاء) ساااي لا ثقافة لا تربية لا تعليم ؟ منو فيكم الشاف ليه (حبشي) دكتور في مستشفى أو مهندس (ارتري) شغال في شركة في الخرطوم أو محاسب (تشادي) شغال في مصنع ؟ أو (ليبي) شغال مهندس ميكانيكي في مصنع؟! غالبيتهم عمالة غير مؤهلة وغير ماهرة وغير خبيرة بأي شئ إلا في (القهوة) و(الباسطة) و(بلح الشام) ! وعمالة وافدة بمثل هذا المستوى من عدم الخبرة والكفاءة لن تستطيع أن تضيف أي اضافة حقيقية للناتج القومي الاجمالي للاقتصاد السوداني .

والمشكلة الأكبر أن (التركيبة السكانية) ستختل..لأن أغلب سكان (العاصمة) سيكونون من (الأجانب) وعايشين في أرقى (الأحياء) بينما المواطنين يصبحون مواطنين درجة تانية في بلدهم ..لا وظائف.. لا أعمال تجارية خاصة.. لا مصدر دخل محترم ! وسنصبح يوما ما أغراب متشردين في بلدنا ..نسيت أقول ليكم أغلب العمالة الأثيوبية والتشادية دي دخلوا البلد (بدون) تأشيرات عمل وجوا تهريب ساي أو لاجئين واتسللوا من المناطق الحدودية ودخلوا العاصمة الخرطوم . والبلد بقت سايبة وهاملة ومطلوقة لكل من هب ودب .. ما معروف الوافدين ديل اصلهم شنو ولا هدفهم شنو ولا الامراض الجايين بيها لينا نوعها شنو ؟ ولا الافكار الحاملنها في رؤوسهم شنو ؟ دواعش ولا جماعة النصرة ولا ناس القاعدة ولا ناس بوكو حرام ولا متمردين على حكومات بلدانهم .. وهنا مكمن الخطر الحقيقي !!!!
والله بالجد خائفة تجربتي التي عشتها في (الإمارات) أن تتكرر وان اشاهدها بعيني في الخرطوم ..وأخشى أن لا أجد يوما واحد بــ(عراقي) حائم أو واحد لابس (سديري) جاكي وراء حافلة أو (مركوب) نِمر شتروا بيهو شافع سليط أو أن لا أشاهد (توب سوداني) في اي حفلة او حتى بص او حافلة !

الكاتبة : تهاني عوض

‫2 تعليقات

  1. ما تغشي روحك وتقارني السودان بدول الخليج الإمارات أو غيرها ..
    عرب الجزيرة مالييين السوق العربي باعة متجولين. .
    صحيح في زحف بشري للسودان لكن السودان نفسو مختل ومتهالك.
    الشماعة في تدهور الوضع الاقتصادي في السودان مت ترميها بدخول الأجانب بطرق غير رسمية .. الفساد الإداري والمالي في المنشآت الحكومية من أعلي قمة الهرم في الدولة الي اخر خفير فساد من هذا النوع يهد الجبال ويقصم ظهور الأسود

  2. نقول كما قال الشيخ زايد له الرحمة
    (البلاد بلاد الله و العبيد عبيد الله و الرزق على الله )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.