غموض يلف شخوص تجار “البشر”

يوميا يقصد مئات من السوريين والفلسطينيين والمصريين “سماسرة” الهجرة غير الشرعية دون أن تردعهم أخبار الموت الكارثية، التي كان آخرها غرقى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.مبالغ هائلة يدفعها هؤلاء الأشخاص لقاء مكان صغير على زورق متآكل، وسماسرة يتاجرون بالبشر كما البضائع الزهيدة وهم تابعين لتجار ومهربين للبشر تكاد لاتعرف لهم طريقا إما بسبب خوف الناجين من الحديث أو عدم معرفتهم سوى بالوسيط “سمسار”.

لكن أحد الناجين في رحلة مشابهة ما بين شواطئ المتوسط تحدث لسكاي نيوز عربية، ليكشف أن هذه الرحلة التي لايعرف خلالها الزبائن إلا السمسار بعيدا عن “الرجل الكبير”.

رحلة آرام عبر زوارق الموت

“لو مت في حرستا بريف دمشق لما كنت قلقا.. أما الموت في عرض البحر بلا جدوى فهذا ليس أنا.. وهذا ما كان كارثيا”.

بهذه الكلمات القليلة يلخص آرام، سوري من أصول فلسطينية، في لقاء خاص مع موقع سكاي نيوز عربية، رحلة الهجرة غير الشرعية التي قطعها خلال 10 أيام من أحد الشواطئ المصرية باتجاه الشواطئ الإيطالية.

ورغم اكتساب مثل هذه الرحلات اسم رحلة “الموت” لابتلاعها العشرات، بل المئات من النساء والأطفال والرجال، إلا أن قاصديها من السوريين لا يثنيهم عنها شيئا بسبب يأس تملك منهم عقب أعوام من الدماء والقتل والدمار والاعتقال والاختطاف.

يقول آرام، خريج كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، لموقعنا “السبب الرئيسي لاختياري الهجرة بهذا الشكل رغم معرفتي بكل مخاطرها وبأن احتمال النجاة مساوٍ لاحتمال الموت.. كان رغبتي بأن أعيش”.

سماسرة

لم يكن الطريق إلى “السمسار” صعبا على آرام بسبب انتشارهم الكبير في القاهرة إلي جانب سفر أقارب له من خلال جهودهم منذ مدة، ويقول “السمسار يعرف سمسارا آخر والآخر يعرف سمسارا غيره.. هكذا هي حلقات كبيرة من السماسرة دون أن تعرفي اسم المهرب أو المعلم المسؤول.. لكن لاحقا أدركت أن هناك عدة مهربين وكل منهم مسؤول عن مرحلة معينة في الرحلة”.

والسمسار هو شخص يكون على معرفة بالمهرب الرئيسي أو يعرف أشخاصا على صلة به، ويقوم بترتيب أمور الراغبين بالهجرة غير الشرعية، كما أنه يبقى على اتصال مع الزورق أو المركب خلال الرحلة من خلال تلفون “الثريا”، كما أنه يجمع المال من ذوي المسافرين لدى وصولهم الشواطئ التي يقصدونها.

وبعد جولة على 6 سماسرة أخبروه بأن “الرحلة سهلة، من الشاطئ إلى الشاطئ والتلفون موجود والطعام يقدم كل يوم”، استقر آرام على أحدهم من أصول سورية فلسطينية.

وتتراوح تكاليف الرحلة بين 2500 إلى 3500 دولار أميركي، وأحيانا تكون رحلة الأطفال مجانا وفقا للسمسار، وأحيانا أخرى كل 10 أشخاص يسافر شخص مجانا، كما قال آرام.

ساعة الصفر

مرت عدة أيام عقب الاتفاق مع السمسار انتظر فيها آرام الاتصال منه لإعلان ساعة الصفر ولحظة الانطلاق من القاهرة إلى الإسكندرية حيث سيركبون الزوارق الخشبية وصولا إلى الشواطئ الإيطالية.

وبعد أيام في الإسكندرية ثم رشيد “تم تسليم مبلغ مالي للشخص المسؤول عن هذه المرحلة من الرحلة”.

ومن قرب رشيد، نقل المهاجرون في شاحنات إلى شاطئ رملي مفتوح لا إنارة فيه، حيث الزوارق الخشبية الصغيرة قرب الشاطئ.

“هنا حذرونا من أن خفر السواحل قد يمسك بنا وعلينا الركض بأقصى سرعة لركوب الزوارق المتهالكة ذات المحرك القديم.”، يقول آرام.

يتابع “ركبنا الزوارق بسرعة فائقة واتجهنا إلى مركب الصيد الخشبي الذي سيجتاز المياه الإقليمية الإيطالية والذي أدركت عند رؤيته أنه من الطبيعي أن يغرق الأشخاص فيه.. لكن لا طريق للعودة”.

“كنا 250 شخصا على مركب طوله 15 مترا مخصص لـ50 راكب كحد أقصى، استمرت الرحلة 5 ساعات إلى المركب الكبير وهنا كانت أخطر مراحل الرحلة فعملية الانتقال من مركب إلى آخر خطرة.. قطعت رجل أحد المسافرين بعد أن انزلقت وانهرست بين المركبين”.

1 6bb0571c 1f02 4cd1 a7fb 9f53bbd04c9a

سكاي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.