إشتعال الأسعار في الأسواق السودانية.. والحكومة تكتفي بالمراقبة

إنتقادات حادة تواجهها الحكومة السودانية على إثر الإجراءات التي أقرتها موازنة العام 2018 والتي ساهمت في إرتفاع أسعار السلع الأساسية بما فيها الخبز بصورة “جنونية”، وخلفت أوضاعاً معيشية صعبة للمواطنين.

وتضمنت الموازنة زيادة سعر الدولار الرسمي والجمركي من 6.6 إلى 18 جنيهاً، بنسبة تقدر بنحو 160%، فضلاً عن رفع الدعم عن القمح، ما تسبب في ارتفاع أسعار الدقيق والخبز بواقع واحد جنيه للرغيفة.

وأغضبت الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية، السودانيين، وأدت إلى إندلاع إحتجاجات في عدد من ولايات البلاد أسفرت أمس الى مقتل طالب بولاية غرب دارفور، وإصابة آخرين.

وفي ظل هذا الوضع لم تجد الحكومة السودانية مخرجاً سوى الإعلان عن تبني سياسة لمراقبة الأسواق في محاولة منها لإعادة الأسعار إلى الإنخفاض.

ففي المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة الاعلام منتصف الاسبوع الماضي، كشفت وزارة التجارة عن فرض إجراءات وضوابط مشددة للرقابة على أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية.

وأعلن وزير التجارة “حاتم السر”، عن تشكيل لجنة إقتصادية لمنع إنفلات أسعار السلع الاستهلاكية، بعد تحريك سعر الدولار إلى 18 جنيها، في موازنة العام الجاري.

وقال السر، إن “سياسية السوق الحر التي نطبقها، لا تعني بأي حال من الأحوال إشاعة الفوضى في الأسواق، وفي أسعار السلع الاستهلاكية” وتابع: “الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي، أمام إرتفاع أسعار السلع وإنفلات الاسواق”.

وإنتهج السودان سياسة التحرير الاقتصادي منذ 1992، وتخضع بموجبها أسعار السلع لآلية السوق وقانون العرض والطلب، دون تدخل من الدولة.

ما قاله السر لم يكن التصريح الوحيد الذي خرج من لسان مسؤولي وزارة التجارة فجاء تصريح آخر مؤيد له على لسان وزير الدولة بالتجارة الصادق محمد علي الذي اكد على وجود تنسيق مشترك بالمركز والولايات لتنظيم الأسواق وضبط التعامل فيه بشكل يراعي فيه طلبات المستهلك بتوفير السلع الضرورية باعتباره من واجبات الحكومة تجاه المواطنين.

وأوضح محمد أن الوزارة قامت بتفعيل الإجراءات الخاصة بضبط الأسواق بالإعتماد على الإجراءات التشريعية والقانونية، داعياً لتقوية نظم التجارة الداخلية بالمركز والولايات وفقاً لدستور 2005 الانتقالي.

وبدا التجار في “حيرة” من أمرهم، مابين الدولة التي تتبنى سياسية التحرير الإقتصادي وفي الوقت نفسه تسعى الى التدخل في الأسعار مما يشير الى تناقض في سياساتها الاقتصادية كما أشار إلى ذلك التاجر عثمان إبراهيم بمنطقة الخرطوم جنوب.

وقال ابراهيم لـ(باج نيوز) إن “الحكومة تبدو متناقضة في سياساتها ولا يمكن أن تفرض رقابة على اسعار السلع وفي نفس الوقت تعمل على زيادة الدولار الجمركي الذي يعمل على زيادة جميع اسعار السلع بما فيها المنتجة محليا”.

وأكد على ان سياسية التحرير تعني خروج الدولة من السوق وترك الأسعار لمؤشرات العرض والطلب.

غير إن أستاذ الإقتصاد بجامعة النيلين، بروفيسور عصام بوب، أوضح أن وضع الأسعار على السلع هي احد ساسيات السوق سواء كان يخصع لآلية العرض والطلب أو كان إقتصاد مركزي.

ونوه إلى أن الأسعار في الأسواق السودانية متباينة وغير مثبتة وتتم وفق “أهواء” التجار، مشيراً إلى أن الأسواق السودانية تحكمها حالة عدم اليقين لمستقبل الإقتصاد.

ودعا بوب الدولة لتبني منهج مشدد لمراقبة الأسواق ومعاقبة المخالفين بسن عقوبات رادعة، وان يكون للدولة دور فعال لأن الاقتصاد السوداني مواجه بازمة حادة.

المصدر : باج نيوز

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.