عين ترامب الحمراء طلعت فاشوش

سودافاكس :
قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا لسبب سوى أنه من جماعة (خالف تُعْرَف)، فطالما أن من سبقوه في الجلوس في المكتب الرئاسي في البيت الأبيض، كانوا يرفضون مثل ذلك الاعتراف، بزعم أنه يعرقل الوصول إلى حل مقبول للمسألة الفلسطينية، فلابد أن يخالفهم في الموقف والرأي، تماما كما فعل مع برنامج سلفه أوباما للتأمين الصحي الشامل لكل المواطنين، فقام بتعديله بحيث يتمتع به الهوامير فقط.
ويوم الخميس قبل الماضي تم عرض ذلك القرار الترامبي على المجتمع الدولي ممثلا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسبق ذلك تهديد ترامبي لأي دولة “تلعب بديلها هيك وللا هيك”، ولكن وعند التصويت على مدى انسجام القرار مع القانون الدولي ومقررات المنظمة الدولية، فوجئ ترامب بأن (العيال كبرت)، وبأن من وقفوا إلى جانبه وجانب إسرائيل سبعة عيال قُصَّر: توجو وهندوراس وجواتيمالا ومايكرونيزيا وناورو وبالاو “ولو سألت جوجل عن هؤلاء، جفل بحسبان أن السائل من قبيلة الهاكرز”.
ومن بين الدول التي آثرت التقية وامتنعت عن التصويت: أنتيجوا بارباو – الباهاماس – بنين – بوتان – البوسنة – الدومنيكان – فيجي – هاييتي – هنغاريا – جامايكا – كيريباتي – لاتفيا – ليسوتو – مالاوي – جزر سليمان – ترينيداد وتوباجو – توفالو – فانواتو.
“عملية التصويت تلك زادتني علماَ، فلو سمعت قبلها بـ (توفالو) لحسبتها نوعا من الشوكولاتة، ومايكرونيزيا اختراعا جديدا في مجال الطبخ، ولما سمعت بكيريباتي، أصبت بدوار لأنني أذكر لاعبة تنس أمريكية بذلك الاسم، ولم أكن أعرف أنها أسست دولة باسمها”.
والشاهد أن عملية التصويت تلك تؤكد أن المجتمع الدولي لم يعد قاصرا، بدليل أن من صوتوا في اجتماع الجمعية العامة منحازين إلى الطرف الأمريكي – الإسرائيلي، أو مؤثرين عدم الانحياز، في معظمهم من الدول التي قامت من دون دراسة جدوى، والتي لا يعلم حتى جوجل بوجودها على الأطلس، برغم أنه (جوجل) يزعم أنه (بتاع كله).
أما اللطمة التي جعلت تهديدات ترامب التي سبقت اجتماع الجمعية العامة قرقعة برميل فارغ، فقد تمثلت في أنه، حتى الدول العربية، التي تعتبر رضا الولايات المتحدة عنها، في القاموس السياسي، في مرتبة رضا الوالدين في القاموس العائلي، وجدت نفسها مضطرة لرفض قرار ترامب الخاص بالقدس.
ولكن الطعنة البروتسية التي تلقاها ترامب كان مصدرها حلفاء الولايات المتحدة التاريخيون، أو من كانت تحسبهم صنائعها: أفغانستان – ألبانيا – أرمينيا – النمسا – أذربيجان – روسيا البيضاء – بلجيكا – – بوتسوانا – البرازيل – بلغاريا – بوروندي – الكونغو – كوستاريكا – كوت ديفوار – قبرص – الدنمارك – جيبوتي – الدومنيكان – إكوادور – إريتريا – إثيوبيا – فنلندا – فرنسا – جورجيا – ألمانيا – اليونان – أيسلندا – إيرلندا – إيطاليا – اليابان – لوكسمبورج – مالطا – هولندا – نيوزيلندا – نيكاراجوا – نيجيريا – النرويج – البرتغال – كوريا الجنوبية – السنغال – سنغافورة – سلوفاكيا – سلوفينيا – إسبانيا – سيريلانكا – السويد – سويسرا – تايلاند – مقدونيا.
وحتى صاحبة وعد بلفور (بريطانيا)، رفضت اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، دعك من أن الدول ذات الوزن الثقيل، والتي ما أقامت قط في بيت الطاعة الأمريكي، وهي روسيا والصين والهند، والتي يقيم فيها نحو 40% من بني البشر الأحياء في عالم اليوم، جاهرت بالقول بأن ترامب على خطأ في شأن وضع القدس الحالي والمستقبلي.
وبهذا انتصر الرأي العام العالمي على ترامب، ولكنه نصر معنوي وليس له انعكاس فوري ملموس على أرض الواقع، بل تكمن أهميته في أنه يضيف إلى الرصيد التراكمي لنضال الشعب الفلسطيني من أجل استرداد الوطن، أو بالأحرى ما كان متبقيا من ذلك الوطن بعد قيام إسرائيل عام 1948.
ويا خوفي من أن يخذل متسلطو (السلطة) الرأي العام العالمي، ويقبلوا بأبو ديس عاصمة لدولة تتكون من فتافيت هنا وهناك حسب مقتضيات صفقة القرن التي لا يقبل بها إلا من كان من ذوي القرون.
جعفر عباس
المصدر : صحيفة اليوم التالي

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.