الاستشاري والخبير الوطني في صناعة اللحوم والمسالخ في حوار خاص

اللحوم في السودان من الصناعات الواعدة خاصة وأنه يمتلك ثروة حيوانية ضخمة أهلته ليكون رائداً في هذه الصناعة إلا أنها تواجه اشكالات، ما أدى الى توقف عدد كبير من المصانع وتهدد مصانع أخرى بالتوقف، فظهرت بعض المصانع العشوائية متقاطعة مع الصناعات الكبيرة والقانونية، كما أدت الاشكالات إلى تذبذب في أسعار اللحوم للوقوف على ما يدور في كواليس هذه الصناعة التقينا الاستشاري، والخبير الوطني في تكنولوجيا وصناعة اللحوم والمسالخ أسامة بر فخرجنا بهذه الافادات ..

٭ حدثنا أولاً عن تاريخ صناعة اللحوم في السودان؟

– صناعة اللحوم يمكن أن نؤرخ لها عبر اربع فترات أولها الفترة البدائية حيث عرف العالم خلال هذه الفترة تجفيف اللحوم، والسودان مر بهذه المرحلة ومازالت آثارها باقية الى يومنا هذا، ثم جاءت المرحلة الثانية أتى بها الاستعمار التركي الذي ادخل بعض المنتجات التي لم تكن معروفة لدى السودانيين كالسجوق من تركيا، والكبيبة التي اتى بها الشوام، ثم دخلت صناعة اللحمة المفرومة، ولم تكن هناك محلات معينة خاصة بها في الخرطوم الى أن جاء الاستعمار الانجليري، حيث أنشأ أول مسلخ في السودان في ثلاثنيات القرن الماضي في مدينة عطبرة بغرض الاستفادة من الجلود وتصديرها الى انجلترا في تلك الفترة، وما تلاها دخل بعض اليونانيين وأسسوا ملحمتين حديثتين شرق سوق الزنكي بالخرطوم، حيث كانوا يقومون بانتاج السجوك والبسطرمة.. والمرحلة الرابعة التي نؤرخ لها كصناعة لحوم حديثة كانت في الفترة 3 1974-197 وادخلها رجل الاعمال المشهور حسن قنجاري، وكان يمتلك مصنعاً كاملاً بمعدات شبيهة بالموجودة حالياً

٭ ما هي أكثر الصعوبات التي تواجهها حالياً؟

– صناعة اللحوم ككل الصناعات في السودان لديها مشاكل عامة تشترك فيها مع كل الصناعات، لكن اذا أخذناها كصناعة قائمة بذاتها تواجه مصاعب ومشاكل قد تؤدي بها، هناك بعض المصانع الكبيرة صرف أصحابها أموالاً ضخمة توقفت، فهناك 7مصانع كبيرة من جملة 15 مصنعاً متوقفة عن العمل الآن بالإضافة الى 50% من المعامل الصغيرة، وهناك مصانع أخرى مهددة بالتوقف وإذا لم تهتم الجهات الرسمية والتنفيذية بهذه الصناعة قد تشهد مزيداً من التدهور وهي صناعة واعدة جداً وكل المستثمرين فيها من رجال الأعمال على درجة عالية من الكفاءة والوطنية، و هي تقف الآن في المستوى الموجود في العالم، والسودان رائد هذه الصناعة على المستوى العربي والافريقي، لكنها تعاني من التضاربات الكثيرة في الصلاحيات من قبل الجهات التنفيذية وتدخلها في شأن هذه الصناعة بحق أو بغير حق بالاضافة الى مسألة التضارب في أسعار اللحوم وعدم توفير العملة الصعبة بالسعر الرسمي لاستيراد بعض المواد البسيطة الخاصة بالصناعة، مما جعل سعر التكلفة متذبذباً، ومشاكل التمويل باعتبار أن الجهات والبيوتات التمويلية لا تتعامل معها كصناعة إنما كتجارة، بالإضافة الى التقاطعات في القوانين في مستويات الحكم المختلفة، والتي انهكت هذه الصناعة كما أنها تشترك مع الصناعات الأخرى في المشاكل التي تعاني منها الصناعة بصفة عامة،

٭ كيف يمكن أن نصل الى حلول توقف التدهور؟

– من وجهة نظري اعتقد أن الحل في أيدي الجهات التنفيذية والرسمية فيما يتعلق بالحلول وآليات تنفيذها هناك دراسات كثيرة جداً وضعها خبراء وصناعيون وإداريون تنفيذيون وعلماء ورسميون اشتركوا في وضعها وتم تناولها في مؤتمرات وورش متخصصة، نحن لا نحتاج لمزيد من الدراسات والتقارير والأفكار لحل المشاكل فهي قد قتلت بحثاً ودراسة وتم وضع الحلول من قبل وزارة الصناعة والاستثمار، ومفوضية الاستثمار، واتحاد الغرف الصناعية، بالاضافة الى الاستشاريين المتخصصين، وخبراء وضعوا حلولاً بالمشاركة مع هذه الجهات، لكن الأمر بيد الدولة لحل مشاكل الصناعة في السودان عامة

٭ هل هناك اي خطوات في الطريق لحل هذه الاشكالات؟

– الدولة تسعى حالياً حيث بدأت وزارة الصناعة والاستثمار بالخرطوم في إقامة الورش المتخصصة لوضع حلول ودراسات للمشاكل لكل الصناعات، بالإضافة الى إنشاء إدارات المناطق الصناعية، وهو مطلب نادينا به منذ سنين طويلة وهنا ادعوا لدعم خطوات الوزارة من قبل كل الجهات ذات الصلة واعتقد أن حل هذه المشاكل سهل جدا إذا توفرت الإرادة والعزيمة الحقيقية

٭ يشكك الكثيرون في جودة صناعة اللحوم في السودان ماذا تقول ؟

– الجودة لا يقصد بها الطعم والمذاق وهناك عناصر كثيرة تحكمها أولها الخامات المستخدمة في الإنتاج والآلة والظروف البيئية الداخلية للمصنع وظروف النقل والتعبئة والتغليف والتداول في الأسواق قد يؤدي الى تلف المنتج، بالتالي يؤثر على جودته قبل انتهاء فترة صلاحيته ونوعية العمالة المنفذة ثم يأتي المذاق والطعم كجزء من الجودة

٭ في رأيك هل تلتزم المصانع السودانية بكل هذه المعايير؟

– أعتقد أن أغلب مصانعنا تهتم بتقديم منتج آمن صحياً وغذائياً للاستهلاك الآدمي ومنتجاتنا في مصانعنا مسجلة ومجازة من مسجل الأغذية والأطعمة بوزارة الصحة واللحوم تذبح في مسالخ تشرف عليها الدولة ممثلة في وزارة الثروة الحيوانية، هذا لا ينفي وجود بعض ضعاف النفوس ولكن لا يمكن أن نحكم على الصناعة في مجملها بناء على خلل قام به بعض الأشخاص، كثير من منتجاتنا ذات جودة عالية بمفهوم الجودة الكامل

٭ ماذا تقول حول المصانع العشوائية التي لا تخضع لاي معايير للجودة ؟

– أعتقد الصناعة العشوائية (بئر السلم) موجودة في كل الصناعات ونحن ضدها شكلاً وموضوعاً وقد طرحنا إقامة المصانع الأسرية والمعامل الصغيرة لتجاوز هذه المشكلة ولابد من إجازتها من الجهات الرسمية لتجاوز هذه الظاهرة، فالعشوائيات غير مجازة وهي غير قانونية لابد من مكافحتها لضررها بالصناعات الكبيرة والصغيرة القانونية

٭ كيف ترى واقع الاستثمار في صناعة اللحوم ؟

– ما زال هناك أمل كبير في النهوض بصناعة واللحوم لتلعب دوراً كبيراً جداً في زيادة حصيلة البلاد من العملات الحرة وبالتالي تعود على البلد بالنفع الكبير وصناعة اللحوم تستطيع أن تلعب هذا الدور إذا ما زالت العقبات من أمامها ومنتجاتنا مرغوبة في المنطقة العربية خاصة مصر بالاضافة الى اثيوبيا

٭ ماذا تقول حول بيع المسالخ الوطنية (جمكو) لاجانب يحتكرون عمليات الصادر خاصة للسعودية؟

– نعم قام المصريون بعمليات صادر محدودة لمصر والآن السوق المصري واللحوم الموجودة فيه من الابقار صادرة من مسلخ جمكو وهو المسلخ الوحيد المطابق للمواصفات والمصنع شراكة سودانية اسبانية تم عرضه للبيع ثم اشتراه سعوديون ثم بيع للمصريين بشراكة سودانية، ليس هناك احتكار ولاغضاضة أن يقوم المصريون بعمليات صادر واعتقد أن الاشكالية في أن المسالخ في السودان غير مطابقة للمواصفات، وهناك بلاد معينة تستقبل صادراتنا بوضعها الحالي كالاردن ومصر و الامارات وقطر ودول أخرى لا تستقبلها بهذه المواصفات، بالتالي يجب النهوض بقطاع المسالخ ودعم المستثمرين الوطنيين من قبل الدولة و الجهات التمويلية للارتقاء بها

٭ الآن يتم الذبيح فيما يسمى بالمساطب مامدى قانونية هذا الامر؟

– هذه المصاطب أو ما يسمى بالمسالخ بالمحليات اقول عنها (كيري) مقنن لا تنطبق عليها اي من قواعد المواصفة القياسية للمسلخ، ويجب العمل على ايقافها تماماً، فالمسالخ الحديثة طاقتها تكفي ولاية الخرطوم وتزيد أو العمل على تحديثها حسب المواصفة القياسية

٭ كم يبلغ حجم استهلاك ولاية الخرطوم من اللحوم ؟

– تستهلك الخرطوم يومياً ما بين 2-3 الف رأس من الضأن ومابين 750-1000 رأس من الابقار وأغلب ذبيح الابقار تستهلكه مصانع اللحوم، واعتقد أن ما يرد الى الأسواق من مصانع اللحوم بوضعها الحالي هو وضع غير حقيقي لا يزيد عن 30-40-% من طاقتها القصوى بسبب المشاكل التي تعانيها

٭ عرض اللحوم منافٍ تماماً للاشترطات الصحية ماذا تقول ؟

– أسواق الزنك والجزارات المركزية تتبع للدولة متمثلة في المحليات وكلها اسواق غير مطابقة للمواصفات والاشتراطات الصحية حيث تباع اللحوم مكشوفة، ولا يوجد صرف صحي في بعضها.. السودان لديه زخيرة ضخمة من المواصفات الخاصة بتداول اللحوم وصناعاتها وتجارتها ومنشآتها كثير جدا منها لم يفعل ولم يطبق بسبب عدم التنسيق بين الجهات المعنية.

 

اخر لحظة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.