الطيب مصطفى : ماذا دهانا أيها الناس؟!

أحكي لكم قرائي الكرام نموذجين للإهمال الذي يسود حياة كثيرين من أفراد مجتمعنا في حق فلذات أكبادهم الذين يدفعون أثماناً فادحة لأخطاء أهليهم .. وما يفري الكبد أن الواقعتين اللتين أحكيهما لكم الآن تتعلقان بأطفال تعرضوا للاغتصاب بسبب إهمال ذويهم.

ففي الواقعة الأولى حق لقاضي محكمة الأسرة والطفل بالخرطوم شرق أن يزجر تلك السيدة التي عرّضت طفليها للاغتصاب بعد أن تركت أصغرهما البالغ من العمر (١١) عاماً يُقيم مع جار لها يمت لها بصلة القربى ويقيم في شقة منفصلة في حي الرياض بالخرطوم، فأخذ يقوم باغتصابه بصورة متكررة ثم بعد أن عاد ابنها الآخر الذي يكبره بسنوات قليلة من مدينة ود مدني أرسلته كذلك ليقيم مع ذلك الجار الشاب الذي فعل به ذات ما فعل بشقيقه الأصغر.

زجرها القاضي وحق له أن يودعها السجن وينكل بها جراء إجرامها في حق أبنيها وإهمالها إياهما فقد بلغ الإجرام بذلك الذئب البشري، بعد اغتصاب الطفلين، درجة نقلهما إلى فندق المريديان والمتاجرة بهما لدى ذئاب بشرية أخرى نظير مبالغ تافهة كان يتلقاها من أولئك الشواذ من وحوش الجن.!

قام ذلك الشاب ويا للعجب بتصوير أحد الطفلين وهو يمارس معه الفاحشة ليبتزه بها حتى يصمت ولا يتحدث بالأمر .. كل ذلك يحدث للطفلين البريئين وأمهما في غفلة عما يجري لهما.

هل تعلمون لماذا تسببت تلك المرأة في تلك الجريمة البشعة وهي تدفع ابنيها لتلك المحنة ليقيما مع شاب أعزب؟!

لأنها طُلقت من أبيهما وتزوجت آخر ربما لم يكن يرغب في عيشهما معه فضحّت بهما وباعتهما بثمن بخس وما كان للقضية أن تعرض أمام القضاء لولا أن شقيق المرأة علم بما جرى لابني شقيقته فقام برفع دعوى للقضاء.

أكثر ما يفقع المرارة أن تلك المرأة جيء بها إلى المحكمة كشاهد دفاع عن المتهم الذي فعل بابنيها وبغيرهما الأفاعيل وقالت بعد أن علمت الحقيقة ورأت الصور المؤلمة إنها لم تكن تعلم بما جرى لطفليها.

القصة الأخرى تحكي عن إهمال من نوع آخر يتمثل في إرسال الأسر لأطفالها إلى المتاجر والدكاكين.

فقد عاد الوالد المكلوم إلى وطنه من اغتراب طويل لكنه لم يدر، رغم علمه الغزير وشهاداته الأكاديمية العالية، بالتحولات التي حدثت في مجتمعه الذي فتكت به وبأخلاقه وقيمه القديمة الحروب والنزوح والاضطراب السياسي والأمني وامتلأ بالمشردين والحشاشين.

في هذه الحادثة تعرض ثلاثة أشقاء (ولدان وبنت) أكبرهم يبلغ الخامسة من العمر للاغتصاب من صاحب دكان مجاور كانت الأسرة ترسلهم إليه لإحضار بعض الأغراض.

سمعت الأم ابنها ذا الثلاث سنوات يحادث ابن خالته الذي يماثله في السن داعيًا إياه ليذهب معه إلى منزلهم قائلاً :(يللا معانا بيتنا عشان لو رسلونا الدكان ما نمشي دكان (ب) لأنو بيعمل لينا الحاجات الما كويسة) فسألته بخوف ووجل : ماذا يفعل لكم؟ فكانت القصة التي جعلت الأم تنهار وتصعّد القضية التي كشفت أن الأمر حدث مع ابنها الآخر ذي الخمس سنوات ومع ابنتها الصغيرة التي اغتُصبت أمام أخويها وتكرّر الفعل عدة مرات وقام ذلك الذئب كذلك بتصوير الطفل الأكبر ذي الخمس سنوات.

هذه رسالة إلى كل أب وكل أم ألا يرسلوا أطفالهم إلى الدكاكين وأن يحذر الناس في تعامل أطفالهم مع بعضهم بعضاً ومع أقرانهم في الحي، فما عاد الاغتصاب قاصراً على الإغراب إنما يمكن أن يحدث من الأقارب بعد أن تضاءل الوازع الأخلاقي في النفوس وكثرت الملهيات والمغريات خاصة من وسائط التواصل الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.