وزير الإعلام السوداني: البشير هو الضمانة الوحيدة بعد الله في هذه الحالة

قلل نائب رئيس الوزراء السوداني، أحمد بلال عثمان، من أهمية الدعوات إلى التطبيع مع إسرائيل، وحذر من مخططات لتقسيم دول المنطقة، وأشاد بزيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لبلاده، لكونها جاءت في “سياق إقليمي مضطرب”، و “تؤسس لجملة من العلاقات والمصالح المشتركة”.

ومنذ قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 ديسمبر الماضي، اعتبار القدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، يدعو بعض الأكاديميين والسياسيين العرب إلى التطبيع مع إسرائيل، فيما يثور الحديث عن التغير الرسمي في مواقف بعض الدول العربية من قضية القدس.

وفي مقابلة مع الأناضول في الخرطوم، قال عثمان، الذي يشغل أيضا منصب وزير الإعلام، إن الدعوات إلى التطبيع مع “الكيان الصهيوني” (إسرائيل) “مبتورة ومنعزلة”.

ومستنكرا تساءل: “التطبيع لماذا (؟!) ومقابل ماذا (؟!)”.

ورأى عثمان أن “من حسن الحظ أن دعوات التطبيع تأتي من شخصيات محدودة، ولا تأثير لها”.

وعادت دعوات التطبيع إلى السطح في وقت يخيم فيه الغضب على العالمين العربي والإسلامي، تمسكا بالقدس الشرقية، التي تحتلها إسرائيل، منذ عام 1967، ويتمسك بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات المجتمع الدولي.

** مؤتمر “اللاءات الثلاثة”

وحول موقف السودان من القضية الفلسطينية، قال نائب رئيس الوزراء السوداني إن الخرطوم “تعزّز مواقفها السابقة منذ عام 1947”.

وأردف: “الكثير من دماء الشهداء السودانيين أريقت في سبيل القضية الفلسطينية، مرورًا بكل الحلقات التي كان يقودها العرب ضد إسرائيل”.

وشدد على أن “مؤتمر (القمة العربية في) الخرطوم الشهير ذو اللاءات الثلاثة شكّل نقطة تحوّل رئيسية قادت نحو الصمود ثم العبور”، في إشارة إلى انتصار مصر وسوريا على إسرائيل، في حرب أكتوبر 1973.

وعقدت هذه القمة، في 29 أغسطس 1967، عقب انتصار إسرائيل على عدد من الدول العربية، واحتلالها: قطاع غزة والضفة الغربية في فلسطين، وأغلب هضبة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية.

وخرجت تلك القمة بثلاثة للاءات، وهي: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بوجود إسرائيل، لا مفاوضات معها.

وتابع عثمان: “وعلى هذا الأساس، فإن موقف السودان أصيل وممتد، ولا يمكن لأي وضع داخلي أن يخرج عن هذا الموقف الصامد والداعم للقضية الفلسطينية”.

* تركيا والسودان

ضمن جولة إفريقية، الشهر الماضي، زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السودان، على رأس وفد ضخم رفيع المستوى، ضم مسؤولين ونحو 200 رجل أعمال، في زيارة شهدت توقيع 21 اتفاقية في مجالات مختلفة.

وهي زيارة وصفها نائب رئيس الوزراء السوداني بـ”التاريخية”، باعتبارها الأولى لرئيس تركي للسودان، منذ استقلاله عام 1956.

وتابع عثمان أن الرئيس أردوغان “يحظى بشعبية واسعة للغاية ومحبة كبيرة من الشعب السوداني، وذلك منذ أن كان رئيسًا للوزراء”.

وشدد على أن “الأيادي التركية بيضاء على السودان في مجالات عديدة، وجاءت الزيارة في سياق إقليمي مضطرب يحتاج إلى الكثير من تضافر الجهود والتعاون والتواصل بين شعوب المنطقة”.

ومضى قائلا إن “الزيارة جاءت في وقتها لتشكل حلقة من حلقات التعاون الكبير بين البلدين، عبر توقيع اتفاقيات عديدة مع تركيا”.

ورجح أن “تؤسس الزيارة لجملة من العلاقات والمصالح المشتركة، وأن تكون لها تثيرات إيجابية، لاسيما بشأن تفعيل الاتفاقيات وتطوير العلاقات، فالسودان يعتبر مدخلا رئيسيا إلى إفريقيا، والحلقة الرابطة بين الوطن العربي والإفريقي ودول جنوب الصحراء”.

* “النموذج الثوري الإيراني”

لعل من أبرز ملامح السياسة الخارجية السودانية في المنطقة هو مشاركة الخرطوم، منذ عام 2015، في التحالف العربي، بقيادة السعودية، الذي يدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة مسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعم عسكري إيراني.

وقال نائب رئيس الوزراء السوداني إن “السودان داعم للشرعية في اليمن وسيظل.. نعتقد أن محاولات إيران التدخل في العراق وسوريا ولبنان منبثق من النموذج الثوري الإيراني، وبالتالي، (فإن محاولات التدخل) هي تصدير لثورات هذا المنهج”.

وتنفي طهران صحة اتهامات عربية، ولا سيما خليجية، لها بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن والعراق وسوريا ولبنان والبحرين، وتقول إنها تلتزم بسياسة حسن الجوار.

وأوضح عثمان أن “سعي طهران إلى تطبيق النموذج الثوري الإيراني في السودان هو ما دفع الخرطوم إلى قطع علاقاتها مع طهران”.

وكانت الخرطوم أعلنت، في 4 يناير 2016، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، تضامنًا مع السعودية، في مواجهة ما وصفته بـ”المخططات الإيرانية”، على خلفية اعتداء محتجين إيرانيين على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد (شمال).

وتابع عثمان موضحا: “ليس لدينا شيعة في السودان، لكن ظهرت مؤخرًا حُسينيات وظهر تشيع، وهي بداية فتنة، ونعتقد أننا بهذا الموقف (استعادة الشرعية في اليمن) ندافع عن الوسطية الإسلامية، والسعودية تمثل رمزًا في هذا الإطار، ونحن سنقف في هذا إلى أن تستعيد اليمن الشرعية الكاملة”.

وبشأن إمكانية انسحاب الجيش السوداني من اليمن، أجاب بأن الرئيس السوداني، عمر البشير، أكد، في خطاب ذكرى الاستقلال نهاية 2017 ، على “بقاء القوات في اليمن.. وأعتقد أنه ليس هناك منطق للانسحاب”.

* سايكس بيكو جديدة

وفي قراءة للمشهد العام في المنطقة، قال نائب رئيس الوزراء السعودي إن “اضطرابا يجتاح المنطقة بشكل كامل، ويهدف مفتعلوه إلى تشتيت الوحدة العربية، ومن بعدها الإسلامية، بما يعيد سيناريو اتفاقية سايكس بيكو قبل مائة عام”.

و”سايكس بيكو” هي اتفاقية سرية بين فرنسا وبريطانيا، عام 1916، قضت باقتسام منطقة الهلال الخصيب بين البلدين، لتحديد مناطق النفوذ في غربي آسيا، إثر تهاوي الدولة العثمانية.

وحذر عثمان من “أي دولة إذا انعزلت ستصبح عرضة لهذا التقسيم، والسودان إحدى الدول المستهدف تقسيمها إلى عدد من الدويلات، وبالتالي كلما توحدت الكلمة، وكانت الصفوف متراصة، سنجعل مهمة من يريد بنا شرا أكثر صعوبة”.

وفي عام 2011 انفصل جنوب السودان عن السودان، عبر استفتاء شعبي دعمته دول غربية ومنظمات دولية.

* السلاح الليبي

منذ سنوات، تمثل الحدود الشمالية الغربية للسودان مع ليبيا مصدر إزعاج كبير للخرطوم، جراء الاضطرابات الأمنية منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي (1969-2011) .

وشدد نائب رئيس الوزراء السوداني على “ضرورة التوصّل إلى حلّ سلمي للأزمة في ليبيا، باعتبار أن السودان من أكثر الدول المعرّضة لمخاطر تدفق السلاح الليبي إلى أراضيه”.

وتابع: “إذا استمرت الأزمة الليبية بهذا الشكل، فستظل مصدر قلق بالنسبة لنا، خاصة وأن حدودنا صحرواية، وغير مأهولة، ويصعب مراقبتها، ولذلك ندعم أي جهد يوحد الموقف الليبي، دون الدخول في المزيد من العنف وإهدار الموارد الليبية”.

ومنذ 2011 تتقاتل كيانات مسلحة عديدة في البلد العربي الغني بالنفط، فيما تتصارع على السلطة حكومتان، هما: حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في العاصمة طرابلس (غرب)، و”الحكومة المؤقتة” في مدينة البيضاء (شرق)، ولكل منهما قوات مسلحة.

* رئاسة البشير

وصل الرئيس عمر البشير إلى السلطة في يونيو 1989، وانتخب رئيسًا، عام 2010، ثم أعيد انتخابه، في 2015، لدورة تنتهي في 2020.

وحول احتمال ترشح البشير لولاية رئاسية جديدة، قال عثمان، “نحن في السودان لدينا حس وطني عالٍ جدًا تجاه الممسكات الوطنية الآن، خاصة بعد الظروف المحدقة بنا”.

وتابع بقوله: “لدينا تجربة رائدة، وهي تجربة الحوار الوطني، والتي خلصنا منها إلى العديد من المخرجات (النتائج)، وعلى إثرها تشكلت الحكومة العريضة (الراهنة)، والرئيس البشير هو الضامن لهذه المسيرة وهذا الوفاق الذي نرجو منه الخير الكثير، وعلى رأسه السلام المستدام”.

وأضاف: “بالتالي، فإن هذه المسألة (رئاسة البشير) في نظرنا لا تنتهي بانقضاء أجل السنتين، لكن لو عم السلام والاستقرار واستقر الوضع وزالت التهديدات الداخلية والخارجية، يمكن أن نتحدث عن تبادل للسلطة ويذهب البشير”.

واستدرك عثمان خاتما حديثه بالقول: “أما إن كانت هذه العوامل والتحديات قائمة، فالرئيس البشير هو الضمانة الوحيدة بعد الله، وهذه دعوة إجماع على الرجل، وهو شخص محبوب جدًا من شعبه، بغض النظر عما يتم الآن، والمعاناة التي يعانيها الشعب السوداني”.

المصدر : باج نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.