اختفاء جماعي لتجار العملة

سودافاكس – السودان :
أصدرت الحكومة أمس الأول “الاثنين” حزمة من الموجهات تعتزم بموجبها السيطرة على انفلات أسعار الدولار وتصاعد أسعاره، وتمثلت تلك الموجهات في إجراءات قانونية ستوجه تهم تخريب الاقتصاد الوطني وغسل الأموال وتمويل الإرهاب في مواجهة المتعاملين بالنقد الأجنبي والمضاربين بالعملات ومهربي الذهب والمتهربين من سداد عائدات الصادر، فيما رحب خبراء ومختصون بالاجراءات الجديدة وأكدوا أهمية متابعة تنزيلها على أرض الواقع للحد من المضاربات في العملات، فيما كشفت جولة لـ”الصيحة” عن تواري كبير لنشاط السوق الموازي وقلة في معدل انتشار الباعة مقارنة بالفترة السابقة.

وأعلن وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الفريق محمد عثمان الركابي في تصريحات صحفية عقب الاجتماع أن الاجتماع الذى رأسه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بالقصر الجمهوري اتخذ عدة قرارات أخرى وإجازة سياسات على المدى القصير والطويل والمتوسط، مشيراً لوقف طلب شراء الشركات الحكومية للنقد الأجنبي وتنظيمه عبر البنك المركزي. وكشف أن الاجتماع وجه بجعل التمويل المصرفي موجهاً لمشروعات إنتاجية حقيقية ومراقبة وتنظيم مشتريات الشركات ذات السيولة العالية من النقد الأجنبي وتصحيح تطبيق نظام سعر الصرف المرن، وأكد إقرار معالجة الوسائل لوقف تهريب سلع الصادر والسلع المدعومة لدول الجوار، وترشيد السفر الحكومي إلا للضرورة القصوى، وربط سفر مسؤولي الهيئات والشركات الحكومية بموافقة مجلس الوزراء، وتنظيم الاستيراد، وقطع باتخاذ اجراءات قانونية صارمة بواسطة النيابات فيما يتعلق بالتعامل بالنقد الأجنبي وتهريب السلع المدعومة وتهريب الذهب وسلع الصادر.

وقريباً من ذلك قال محافظ البنك المركزي، حازم عبد القادر إن مخرجات الاجتماع تعزز من قدرة البنك المركزي وتمكينه من موارد النقد الأجنبي وضبط سوق النقد الأجنبي ليتم التعامل بواسطة الجهات المرخص لها، وأعلن اتخاذ سياسات ترشيدية لاستيراد السلع غير الضرورية والكمالية لتخفيف الضغط على النقد الأجنبي وتوجيه التمويل المصرفي للقطاعات الإنتاجية، وأعلن مراجعة سياسات شراء وتصدير الذهب، وتفعيل قوانين تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي والعمل المصرفي لإحكام التعاملات المصرفية فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير، وحذر من عدم استعادة المصدرين حصائل الصادر لداخل البلاد.

ووصفت الخبيرة الاقتصادية والمحاضرة بجامعة الجزيرة د. إيناس إبراهيم القرارات الحكومية الأخيرة بالإيجابية، وعزت الأمر لخطوة وسلبيات بقاء كميات كبيرة من النقد الأجنبي بحوزة المضاربين وقالت إنها أموال ضخمة خارج الجهاز المصرفي، ودعت لاستصحاب موجهات زيادة الإنتاج ورفع حجم الصادرات مع الخطوة، وقطعت بأن الاستمرار في إنفاذ هذه الموجهات سيضمن استقرار أسعار الصرف ولو على أسعار مرتفعة ولكنها مستقرة على أية حال ولا تخضع لأمزجة ومصالح المضاربين في العملات.

ويقول الخبير الاقتصادى د. هيثم فتحي إن خطوة الحكومة بينت بالفعل عدم وجود مشكلة فى العملات الأجنبية بالبلاد، بقدر ما هي موجودة ولكنها خارج الجهاز المصرفي ويتداولها السوق الموازي، وقطع بأن تداول هذه الكتلة النقدية الضخمة خارج الجهاز المصرفي هو السبب الرئيس في تصاعد أسعار الدولار – ضمن أسباب أخرى- وقال إن على الحكومة والبنك المركزي استغلال القرارات التي اتخذتها في السيطرة على السوق الموازي وعدم السماح للمضاربين بالعبث بأسعار العملات، وأن تعمل على تدبير النقد الأجنبى للسلع الأساسية والاستراتيجية ومدخلات الإنتاج فى المقام الأول، مشيراً إلى أن الأمر سينعكس على المواطنين عبر خلق حالة من الاستقرار وخفض معدلات الأسعار المرتفعة بسبب المضاربات، وتوقع أن تشهد تجارة العملة تحولاً خلال الفترة المقبلة من كونها نشاط سريع الربحية لنشاط محفوف بالمخاطر القانونية والملاحقات الجنائية، لافتاً إلى أن كل المضاربات على الدولار خلال الفترة الماضية كان تجار السوق الموازي هم المتحكم الرئيسي في سوق الصرف ومستفيدين منها بشكل كبير.

وكشفت جولة لـ”الصيحة” أمس على منطقة وسط العربي عن تراجع نشاط السوق الموازي مقارنة بالفترة السابقة حيث الانتشار الكثيف لباعة العملات، وعزا البعض الأمر لتحسبهم لمواجهة محتملة مع السلطات، فيما فضل البعض الآخر إيقاف العمل مؤقتاً لحين استجلاء حقيقة الأمر وضمان عدم تعرضهم لملاحقات.

فيما توقع مختصون توقف نشاط غالبية تجار العملة بسبب تلك الاجراءات وقالوا إن التجار باتوا مرغمين على إيقاف نشاطهم حيث كان المضاربون يستغلون الطلب الكبير على الدولار، ودعوا لوضع تسعير عادل لسعر صرف الدولار وتوفيره بالبنوك حتى لا يكون هناك مجال للمضاربات وتحقيق مكاسب سريعة من خلال سوق الصرف، فالثابت أن مضاربي الدولار والمستوردين الذين يحتاجون للعملات الصعبة لا يمكنهم الحصول عليها من البنوك مما يضطرهم لشرائها من المتعاملين أو المضاربين وهو ما وضع أسعار الصرف في مأزق، مشيرين إلى أن خفض قيمة العملة مرة أخرى ينذر برفع التضخم، وشددوا على ضرورة سعي البنك المركزي لمعاقبة المتعاملين بالسوق السوداء، إلا إذا كان لا يملك الموارد اللازمة لمحاربة المضاربين.
الصيحة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.