ستغيب منه خيوط الدخان ورائحة الشواء سوق (قندهار).. مياه المحلية تطفي نار (الشوايات)

يواجه العاملون بسوق السلام (قندهار) الواقع شمال محلية أم بدة مشكلة إزالة مواقعهم الحالية وترحيلهم جبرياً إلى سوق (الاستثمار) الواقع شرق البترول، والذي لم تكتمل مبانيه بعد، وقد بدأت الوحدات الإدارية والصحية وغيرها من الجهات في تنفيذ حملة جادة ضد محلات (الشوايات والجزارات) وإغلاق أبوابها كمرحلة أولى، ومن بقية المحال لاكتمال عملية الانتقال بشكل نهائي.

خطة مدمرة

سبعة عشر عاماً عمر سوق (قندهار) الذي تم تأسيسه عام (2001م)، وهو يعتبر امتداداً للوحدة الإدارية لسوق الماشية، ويضم أكثر من 2 ألف تاجر و(مائة) امرأة تعمل في مجال (الشية)، السوق ومنذ إنشائه عرف بـ(الشوايات) التي يقصدها المواطنون من كل مكان، ويلتف حولها التجار بمختلف أنشطتهم، غير أن المحلية قامت بمنع النساء من ممارسة العمل وطلبت منهن الانتقال إلى السوق الجديد، هذا الأمر كما وصفته (زهرة العالم الزبير) التي تمتلك خمسة محلات شية بالمجحف، وقالت لـ(الصيحة) إن الموقع الجديد غير مناسب لتناول الطعام، لتدهور الوضع الصحي به وعدم ملاءمة الدكاكين التي ما زالت مغلقة (بالطبل)، كما أنها لا تسع عدد العاملين في المجال، ودعت إلى النظر في وضعهم كنساء يقفن على رعاية أسر سوف يتم تشريدها نتيجة الإزالات غير القانونية.

عملية متكاملة

يرتبط عمل (الشوايات) بوجود الجزارات، وهي عملية متكاملة سعت الجهات المعنية لفصلها، هذا الأمر أثار حفيظة أصحاب الجزارات بعدما نما إلى علمهم أنه سوف يتم ترحيل الشوايات فقط، وحسب إفادة الجزار (وليد آدم المرضي)، تم إخطارهم قبل سبع سنوات أنه سيتم ترحيل الجزارين والشوايات بهدف المعالجات القانونية وتقنين العمل، غير أن ما يحدث الأن منافٍ تماماً لوعود المحلية، فالمشكلة الراهنة تتمثل في ترحيل الشوايات وحدها بدون أحقية، والهدف من ذلك توفيق أوضاع أصحاب المباني في السوق الجديد والعمل على تشغيله على حساب (الجزارات) وغيرهم من التجار.

وقد رصدت (الصيحة) خلال زيارتها للسوق وجود طبل كبيرة مغلقة بها الأبواب ولا يسمح لأي تاجر بفتحها، تحيط به الحمامات والسلخانات، والمحلات التي خصصت للنساء عبارة عن أرض (صقيعة) خالية من المباني.

خدعة كبيرة

واعتبرت النساء المتضررات هذا العمل خدعة لا تشبه مسؤولي المحلية، وإنما يقف وراءها المستثمرون أنفسهم، تهدف لإحياء السوق الجديد، يذكر أنه قبل ثلاث سنوات قامت نساء (الشية) بتقديم طلب للمحلية بإنشاء سوق مخصص للشوايات، وقمن بدفع مبلغ (3) آلاف جنيه كرسوم تسجيل، بعدها أرسلت المحلية تصميمًا هندسياً في جهاز (لابتوب) للسوق الجديد، وهو عبارة عن (دكاكين للجزارين والسلطات ـ دكاكين للشوايات ـ مساحة لمسجد ـ حديقة للعب الأطفال)، بعض النساء قمن بتسديد (مائة) ألف جنيه تكلفة الدكاكين البالغ مساحتها (خمسة في عشرة) أمتار، غير أن الواقع لا يوجد شيء بالمرة.

مطالب موحدة

توحدت مطالب (حواء محمد، ونورة، وفوزية) وحوالي مائة امرأة أخريات في العمل السماح لهن بمهلة لبناء الدكاكين إلى جانب منحهن عقوداً وشهادات بحث، حتى يتمكن من تقديمها إلى المصارف أو الشركات التي سوف تقدم التمويل، فكل الجهات التي لجأن إليها طلبت منهن هذه المستندات، إلى جانب العمل على تهيئة السوق وتنظيمه وإنارته ونظافته، مع ترحيل السلخانات والحمامات ذات الروائح الكريهة، والتي سوف تساهم في هروب الزبائن لكثرة الذباب، وفي حال عدم الاستجابة سوف تكون هناك وقفة احتجاجية أمام البرلمان للتدخل لإنقاذ الأسر التي تسعى المحلية لتشريدها، وطالبن الوحدة الإدارية بالمحلية بتوقيف حملة النظام العام للضرر الذي لحقهن منها خاصة وأنهن يمتلكن رخصاً صحية وتجارية تجرم الحملات العشوائية.

دور عظيم

فيما ناشد (سالم جاد السيد) عمدة قبيلة (الفراحنة) والتي ينتمي لها عدد من النساء، إيقاف المضايقات التي تتعرض لها المرأة في السوق، مشيرًا لدورهن في تأسيس سوق (فندهار) بالصبر والمثابرة، وقال: ما يحدث الأن مرفوض بالنسبة لكل التجار، مشيرًا إلى عدم صحة الوعود من المحلية، إلى جانب عدم تأهيل المواقع، وطالب المعتمد النظر إلى الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والنفسية للنساء، نظرًا لأنهن لا يمارسن (الرذيلة) وإنما عمل تجاري شريف، وأضاف إن المحاربة بهذه الطريقة فتحت الباب على مصراعيه لأفراد لا علاقة لهم بالحكومة أو القانون والسوق لابتزاز هؤلاء النسوة وطردهن بالتهديد، مما يتوجب أن تعالج المشاكل بعقلانية والإنذار المبكر وليس المفاجئ، مع استبعاد المواطنة (فاطمة ضيف الله) التي تمارس إرهاب النساء وهي لا تمثل شيئاً في السوق.

هجر بالقوة

واتفق (الشاذلي البرير (أبو أميرة) صاحب مخابز أبو أميرة بسوق السلام، مع المطالب آنفة الذكر، وقال: لا يوجد قانون يسمح لأي فرد أن يغلق محله التجاري وينتقل إلى مكان آخر رغماً عنه، مؤكداً سعي السلطات إلى تدمير سوق (قندهار) وهجره إلى أن يتحول إلى خرابات، واعتبر هذا التصرف نوعاً من الشوشرة والانفلات والمشاكل وغيرها، نظرًا لأن الفترة السابقة شهدت مظاهرات والبلد ليست بحاجة إلى هذا العمل، وأضاف أن المظاهرات إذا قامت ستأخذ طابعاً آخر وسوف تدخل فيها عناصر أخرى تحدث بلبلة واعتداء على الممتلكات، وأنه كصاحب مخبز فقد استلم إنذارًا للانتقال بالقوة، ويجب أن يكون خيار الرحيل بالرضا.

غياب أصحاب الحق

حالياً سوق الاستثمار الموصدة أبواب محاله بحاجة لإعادة النظر فيه كما يقول (الهادي أبو الخير) عضو شعبة تجار سوق السلام، وأشار إلى غياب أصحاب الدكاكين المستثمرين وأن المحلية تعمل على تحطيم الطبل لخلق مشكلة تعدٍّ بين التجار والمستثمر، نظرًا لأن هناك إيجارات متفاوتة من (150 ـ 200) ألف جنيه تدفع لأصحاب المحلات إلى جانب مبلغ مئة جنيه للمحلية سوف تضيع في السراب، واتفق معه (الهادي) في أن هناك عددا كبيراً من التجار الذين وصفوا هذا العمل بالعشوائي وغير القانوني وطالبوا بمعالجات قانونية وتسليم منظم مع تخصيص أماكن آمنة خاصة أن المكان الجديد يفتقر للخدمات.

عدم ملاءمة

فيما تحدث (فضل السيد سالم) رئيس شعبة تجار سوق السلام من واقع أن السوق الذي أنشئ عام (2001)م يشهد نهضة وازدهارا وإقبالاً كثيفاً من التجار، وفي الوقت الذي يسعون فيه لتمليك الدكاكين رسمياً للتجار قامت المحلية بخطوتها غير الشفافة وأمرت بإزالة كل المحلات والانتقال إلى مكان غير ملائم للعمل، نظرًا لأنه يتبع للشؤون الهندسية بوزارة التخطيط العمراني ويحتوي على مغالق وبقالات وجزارات وغيرها، جميعهم مطالبون برسوم رخص ونفايات وعوائد وغيرها، ما حدث أن السوق مستقر غير أن التجار تفاجأوا بقرار من المحلية ينص على ترحيل النساء فقط، بالتالي أحجمن عن العمل لتضرر مصالحهن، وأيضاً لم يجدن بيئة صالحة لتناول الطعام ، لأن الموقع يحتوي على سلخانة بتوابعها بدون مسلخ، ولا توجد مظلات لتحمي النساء من أشعة الشمس، والأخطر تجاهل المحلية لشعبة تجار سوق السلام الذي يضم العاملين المرحلين إلى مصير مجهول، مشيرًا لأن النساء استلمن إنذارات الإزالة ولا يوجد شيء لإزالته سوى (الكوانين والشوايات) وهي عبارة عن صاج ليس إلا.

إرجاء خطوة

وعلمت الصيحة من مصادر موثوقة داخل المحلية أنه تم إرجاء الإزالة والترحيل التي حدد لها الخميس، إلى موعد أخر هذا الشهر.
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.