نبذة عن السودانية فاطمة أحمد إبراهيم.. أول برلمانية عربية

من أشهر النساء بالحركة الشيوعية في السودان، وأول سودانية تنتخب عضوا برلمان في الشرق الأوسط عام 1965. ساهمت في تأسيس الاتحاد النسائي بالسودان، وكانت من أشهر الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والسياسة ببلادها.

المولد والنشأة
ولدت فاطمة أحمد إبراهيم في الخرطوم عام 1932 من أبوين متعلمين، كان جدها لأبيها قاضيا في عهد المهدي قبل الاستعمار، وكان جدها لأمها نائبا له، وكلاهما متعلم ومتدين.

وتصف هذه المرحلة في برنامج رائدات التي بثته قناة الجزيرة عام 2007 بالقول “لما جاء الاستعمار البريطاني وفصل الاثنين من وظائفهما واستوعب جدي لأمي كناظر لأول مدرسة أولية للأبناء للبنين، وقام جدي بخطوة جريئة جدا وهي إدخال أمي وأخواته في مدرسة البنين، إذ لم تكن توجد حينذاك مدرسة للبنات في الخرطوم، مشى لأبعد من ذلك لما خلصت (أنهت) أمي المدرسة الأولية كانت هنالك مدرسة بريطانية تدرس فيها فقط بنات البريطانيين الذين يعملون في السودان فأدخلها في هذه المدرسة”.

نشأت في بيت يرعى العمل ويهتم به “كانت أمي تحب القراءة، وتواظب ووالدي على قراءة الصحف، وبالبيت مكتبة كبيرة عامرة بكتب مختلفة ودينية، وكان النقاش يدور بينهما حول المسائل السياسية”.

ولطالما دعت الأم أولادها إلى النهل من مختلف صنوف العمل وبناء الذات، وتقول فاطمة “أمي لم تكن تسمح لي أن أقف أمام المرآة سوى لمحة من البصر، وتقول لي جمالك ليس وجهك ولا في شعرك، جمالك هو ما يحتويه رأسك من معرفة” مشيرة إلى أن دور الأم كان أساسيا في “تحبيب القراءة لنا”.

تشربت فاطمة قيم الصدق والنضال من والديها وهو ما كان له بالغ الأثر في بناء شخصيتها فوالدها “كان رجلا يقول الحق حتى ولو على نفسه، ووالدتي كانت متعلمة ولم تكن تخفي عنا شيئا، تربينا على أن نقول الحق، أنا كنت أقف في الطريق وأواجه الحكام وهذا ورثته من والدي”.

عام 1966 تزوجت فاطمة أحمد إبراهيم من النقابي الشفيع أحمد الشيخ الذي كان مدافعا صلبا عن حقوق العمال وسجن في عهد الانتداب البريطاني ونظام عبود العسكري، ووصل إلى منصب نائب رئيس اتحاد عمال العالم وكان أحد أبرز قيادات الحزب الشيوعي السوداني.

وخلافا لما هو سائد، قرر الشفيع وفاطمة أن يكون زفافهما شعبيا محاربا عادات البذخ.

الدراسة والتكوين
كتبت عن مرحلة تكوينها الدراسي ما يلي “لقد واصلت تعليمي الأولي والأوسط في مدارس أولية في مدارس حكومية بمدينة مدني وأم درمان وبربر وفي مدرسة الإرسالية الإنجليزية حسب تنقلات والدي، ثم قبلت في مدرسة أم درمان الثانوية العليا، الوحيدة آنذاك في كل السودان إذ لم تكن توجد آنذاك شهادة سودانية”.

التجربة السياسية
بدأ اهتمام العمل الحقوقي منذ المرحلة الثانوية حيث انتهبت إلى وضعية المرأة، وكانت من الدفعة الأولى التي قادت أول إضراب عرفته مدارس البنات في السودان.

ومستفيدة من بيئة نشأتها وسط أسرة مثقفة، سعت إلى تغيير الواقع. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الاتحاد النسائي. وهي المرحلة التي تصفها فاطمة بالقول “تكلمت مع صديقاتي حول الموضوع حيث من الضرورة أن تتكاتف النساء ونضع أيدينا مع بعض لنغير وضع المرأة ونقضي على العادات الضارة التي تقلل من قدرها، ولذلك قمنا فكرنا عام 1952 بتكوين الاتحاد النسائي وكوناه” مع مجموعة من القيادات النسائية الرائدة.

انضمت للحزب الشيوعي عام 1954 -وبعد فترة صارت فاطمة عضوة باللجنة المركزية للحزب- ودرست مكانة المرأة في الدين الإسلامي، فوجدت أن “الإسلام لم يظلم المرأة على الإطلاق.. ليس ضد الاختلاط إطلاقا ولا ضد خروج المرأة للعمل”.

في رئاستها للاتحاد النسائي سنة 1956-1957، حرصت الناشطة الحقوقية على المحافظة على استقلال الاتحاد من أي نفوذ حزبي أو سلطوي معين، وناضلت من أجل تعزيز دور ومكانة المرأة السودانية في المجتمع، وأنشأت مجلة “صوت المرأة” التي أسهم في إنشائها عدد من أعضاء الاتحاد النسائي، وأصبحت رئيسة تحريرها.

في ظل الحكم المدني بعد 1964، انتخبت فاطمة أحمد إبراهيم عضوا في البرلمان السوداني، وبذلك تكون أول نائبة برلمانية سودانية، وناضلت من قبة البرلمان مدافعة عن حقوق المرأة.

وبعد فشل انقلاب 1971 الذي قاده هاشم العطا مع مجموعة من الشيوعيين ضد نظام جعفر النميري، أعدم زوج فاطمة في حين وضعت هي في الإقامة الجبرية لمدة عامين ونصف العام، وكانت تعتقل من وقت لآخر “ولأول مرة في تاريخ السودان تسجن نساء سياسيات، وأصروا أن يضعونا مع القاتلات والسارقات في مكان واحد”.

وتضيف على قناة الجزيرة “أعلن النميري بكل وسائل الإعلام: لقد تم اعتقال هذه المرأة أم لسان طويل والتي هاجمتني وشتمتني سأقدمها لمحكمة طوارئ عسكرية ليقذفوا بها في السجن إلى مدى الحياة إلى أن تموت”.

انتقدت فاطمة الأوضاع السياسية والاقتصادية للسودان ما بعد الاستقلال، وقالت بالخصوص “ناضل الشعب السوداني من أجل الاستقلال، وخرج الاستعمار البريطاني فقط بجيشه وحكامه ولكن بقي عملاؤه وأياديه الخفية مازالت هي التي تتحكم في مستقبل بلادنا”.

بعد تجربة مريرة، اضطرت لمغادرة البلاد عام 1990 وواصلت نضالها في المهجر بتنظيم الندوات والمظاهرات وترتيب قافلات السلام إلى جنوب السودان وغيره.

وبعد الاتفاق الذي تم بين التجمع الوطني الديمقراطي المعارض والحكومة السودانية عام 2005، قررتِ العودة إلى أوائل عام 2006. قالت عن نفسها إنها متمردة “ومهما حصل لي سأستمر أناضل إلى أن أموت”.

خلال مسيرتها النضالية، اشتركت فاطمة في العديد من المؤتمرات الإقليمية والعالمية وقادت عددا منها.

وفي محطة هامة من مسارها النضالي، اختيرت رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1991. وهذه أول مرة تنتخب فيها امرأة عربية أفريقية مسلمة ومن العالم الثالث.

المؤلفات
ألفت فاطمة أحمد إبراهيم عددا من الكتب من بينها “حصادنا خلال عشرين عاما”، و”المرأة العربية والتغيير الاجتماعي”، و”حول قضايا الأحوال الشخصية”، و”قضايا المرأة العاملة السودانية”، و”آن أوان التغيير ولكن” بالإضافة إلى مقالات في عدد الصحف والدوريات.

الجوائز والأوسمة
نالت فاطمة أوسمة كثيرة داخل وخارج السودان عام 1993، وحصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنحت الدكتوراه الفخرية من جامعة كاليفورنيا عام 1996 لجهودها في قضايا النساء واستغلال الأطفال. وعام 2006، حصلت على جائزة “ابن رشد للفكر الحر”.

الوفاة
توفيت فاطمة أحمد إبراهيم يوم 12أغسطس/آب 2017 بالعاصمة البريطانية لندن.

الجزيرة.نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.