بقرارات من والي الخرطوم……ودع قوم وسيب الخرطوم

أصدر والي الخرطوم، الفريق أول ركن مهندس، عبد الرحيم محمد حسين، قراراً قضى بإبعاد لاجئي دولة الجنوب خارج العاصمة، وتوزيعهم على الولايات الحدودية، ومن قبل ألمح الوالي لذات القرار، لكون أن العواصم لا تستقبل اللاجئين.

كيف هو العمل بعد أن أصبح القرار فاعلاً ورسمياً، وذلك ما يبعث بالأسئلة عن مدى مقدرة ولاية الخرطوم على حصر أعداد اللاجئين من دولة جنوب السودان وترحيلهم نواحي الولايات المتاخمة لدولتهم الأم.

بداية الصراع

منذ اندلاع الحرب في دولة جنوب السودان في العام 2013م، بين رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه د. رياك مشار، شهدت الدولة الوليدة صراعات كبيرة طرفاها القبيلتان الأبرز بالجنوب والممثلة في شخصي الرئيس المنحدر من قبيلة الدينكا ونائبه المنتمي إلى النوير.

ونحت الحرب في الدولة الوليدة منحى قبلياً، نسبة للمكون السكاني الموجود بدولة الجنوب، وبالرغم من المجهودات الكبيرة التي قادتها بعض الدول والمنظمات الإقليمية لحل الصراع، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وآخرها اتفاقية السلام التي رعتها “الإيقاد” والاتحاد الإفريقي بين سلفا ومشار والتي لم تصل إلى مبتغاها، لتتجدد الحرب مرة أخرى بعد أشهر قليلة إثر خروج رياك مشار للغابة من جديد، لتستمر الحرب ويتواصل تدفق اللاجئين لدول الجوار، خاصة السودان الدولة الأقرب جغرافياً لدولة الجنوب.

إحصائيات

في تقرير سابق، كشف رئيس جمعية الهلال الأحمر السوداني حسين سليمان أبو صالح، أن أعداد اللاجئين من جمهورية جنوب السودان، قاربت المليون لاجئ، في (10) معسكرات منها (8) بولاية النيل الأبيض ومعسكران بولاية شرق دارفور.

وفي حديث سابق قال معتمد اللاجئين حمد الجزولي بأنهم بصدد دراسة مقترح لإخلاء العاصمة السودانية الخرطوم من اللاجئين، لما يترتب على وجودهم من اختلالات أمنية ومظاهر سالبة، وقال في حديثه السابق: (رأى السيد والي الخرطوم بأنه لا يريد معسكرات للجنوبيين بولايته، ويريد ترحيلهم خارج الولاية، لأن العاصمة يُفترض أن تكون خالية من اللاجئين).

منبهاً إلى أن الأماكن المقترحة لترحيلهم هي (النيل الأبيض والقضارف)، وفي إفادات رسمية من ولاية النيل الأبيض المتاخمة لدولة الجنوب، أكدت أن اللاجئين الجنوبيين في ولاية النيل الأبيض فاقوا الـ(160) ألف لاجئ، هذا بخلاف من هم خارج المعسكرات.

إبعاد

بعد طول جدل في أمر لاجئي دولة جنوب السودان في العاصمة الخرطوم، أصدر والي الخرطوم، الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، قراراً بترحيل مواطني دولة جنوب السودان الموجودين في العاصمة الخرطوم إلى خارجها وتوزيعهم على الولايات الحدودية مع دولة الجنوب، وأوضح مدير شرطة ولاية الخرطوم، اللواء إبراهيم عثمان، خلال مؤتمر صحفي أمس الأول، أن شرطة الولاية بصدد تنفيذ خطة لإزالة السكن العشوائي في الولاية معتبراً الوجود الأجنبي فيها يشكل مهدداً أمنياً وهاجساً للسلطات.

وأعلن عثمان، خلال المؤتمر الصحفي، عن قرار اتخذه والي ولاية الخرطوم بترحيل مواطني دولة جنوب السودان إلى الولايات الحدودية مع دولتهم وتفكيك المساكن العشوائية داخل العاصمة.

وأضاف عثمان: (الوالي أبلغنا في اجتماع لجنة أمن الولاية بإخراج مواطني دولة جنوب السودان خارج ولاية الخرطوم وتوزيعهم على الولايات الحدودية مع دولتهم).

تحديات

تناسلت الأسئلة تباعاً على قرار والي الخرطوم بإبعاد اللاجئين من دولة جنوب السودان، من العاصمة للولايات الحدودية، وتنحصر التساؤلات عن مدى مقدرة الولايات لاستقبال تلك الأعداد الكبيرة، خاصة غير المسجلين لدى الأجهزة الرسمية.

وكثيراً ما تجددت الشكاوى من الولايات الحدودية التي تأوي الجنوبيين بامتلاء المعسكرات، خاصة ولاية النيل الأبيض التي فاق عدد اللاجئين فيها 160 ألف لاجئ بحسب إحصائيات رسمية.

ولا يبدو أن ولاية الخرطوم لها سجل محدد بأعداد اللاجئين وأماكن وجودهم ما يصعب من إمكانية نقلهم خارجها، خاصة وأن كل التقارير المعنية بهذا الأمر أثبتت أن غالبية اللاجئين خارج المعسكرات يقطنون في الأحياء السكنية ويمارسون المهن العامة.

غير أن قرارات عديدة صدرت من قبل بمعاملة الجنوبيين كمواطنين، وبذلك تدخل ولاية الخرطوم في امتحان حصر اللاجئين الذي يعد الأكثر صعوبة وتعقيداً في عملية إبعاد اللاجئين الجنوبيين من الخرطوم إلى الولايات الحدودية.

تساؤلات

جلب قرار ترحيل الجنوبيين من ولاية الخرطوم تساؤلات أخرى عن مدى جاهزية الولايات الأخرى لاستيعابهم في معسكراتها، وطالب المحلل السياسي بروفيسور عبد اللطيف البوني ولاية الخرطوم بتغيير المصطلح من إبعاد الجنوبيين لمصطلح آخر أكثر قبولاً، وزاد البوني خلال حديثه لـ(الصيحة) بأن الخطاب إذا تغير ليكون الهدف من ترحيل الجنوبيين هو إيجاد المأوى الأفضل والخدمات سيكون أكثر مقبولية حتى لا يجر على البلاد انتقادات خارجية، وأردف البوني بأن الترحيل سيكون لفائدة الجنوبيين حتى يجدوا أماكن مهيأة، وحتى تصلهم المنظمات، ولتوفير المساعدات والعون لهم من المنظمات، بدلاً من السكن العشوائي، وانعدام الخدمات.

فيما رأى المحلل السياسي الأستاذ بابكر فيصل أن قرار ترحيل الجنوبيين من ولاية الخرطوم جاء بعد قرارات سابقة من الحكومة رفضت تسميتهم باللاجئين ما حال دون تقديم الخدمات لهم، ورأى في حديثه مع (الصيحة) أن القرار جاء ليغطي على فشل الولاية في مجال الخدمات.

وانتقد فيصل رفض الحكومة تسمية الجنوبيين باللاجئين ما منع المنظمات تقديم المساعدة والإيواء لهم، مشيراً إلى أن هذا القرار جاء لصرف أنظار الناس عن إخفاق الحكومة الولائية في تقديم الخدمات للناس لشغل الناس بقرار النقل.
محمد أبوزيد كروم
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.