إشادات غير مسبوقة .. تقرير الخارجية الأمريكية

حفل التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية، حول مكافحة الإرهاب، بإشادات غير معهودة للسودان. وأقر بإحراز الخرطوم خطوات متقدمة حيال وقف دعم التنظيمات المصنفة إرهابية، وتعاونه مع الشركاء الإقليميين في مجالات المكافحة.

وأورد التقرير السنوي الصادر يوم (الأربعاء) أن السودان توقف عن إعطاء أي دعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما كان يفعل في السنوات الماضية. وأطنب التقرير على السودان، وقال إنه تحول إلى دولة متعاونة مع الولايات المتحدة رغم وجوده على قائمة الدول الراعية للإرهاب.

خفايا

وارتقى السودان طبقاً لتقرير الخارجية الأمريكية لدرجة الشريك مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب. وسبق وأن أكد وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور، في مؤتمر صحافي، تلى تأجيل الرفع النهائي للعقوبات حتى الثاني عشر من أكتوبر المقبل. على أن تعاون السودان في مكافحة الإرهاب بدأ قبل فرض العقوبات بالتعاون بين وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي. آي. أيه) وجهاز الأمن السوداني الذي قال إنه اكتسب خبرة في مجال مكافحة الإرهاب الأمر الذي جعل الأخير مرجعية لكل أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية.

وبناءً على ذلك يبرز تساؤل مشروع عن أسباب تراجع الإدارة الأمريكية عن الوعد الذي قطعته للسودان، برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ عقدين زمانيين، بشكل نهائي بحلول تاريخ الثاني عشر من يوليو الجاري، وهو التاريخ الذي حدده الأمر التنفيذي الصادر عن إدارة الرئيس باراك أوباما لإمهال السودان لاحراز تقدم في مسارات تشمل مكافحة الإرهاب، العمل على استقرار دولة جنوب السودان، مناهضة جيش الرب اليوغندي، وإحلال السلام في دافور والمنطقتين (جنوب كردفان – النيل الأزرق)، فضلاً عن توصيل المساعدات للمتضررين من الحرب.

معضلة أخلاقية

وصف المحلل السياسي د. عبد الله على إبراهيم وضع السودان الآن بالصعب، وقال في حديثه لـ (الصيحة) إن القضية ليست سياسية وإنما هي قضية أخلاقية، مضيفاً أنه لا توجد أية أبعاد سياسية لأن النظم الأمريكية تعرف وتعلم تماماً منذ مدة طويلة أن السودان ليس دولة مخيفة، لكن كما زعموا أن السودان ارتكب جنايات ضد حقوق الإنسان وهي الورقة المستخدمة ضده الآن من اللوبي الأمريكي الأسود واللوبي اليهودي ومنظماتهم الصهيونية ومنظمات حقوق الإنسان وهي جميعها متمكنة في مفاصل الإدارة الأمريكية لذلك عندما يأتي ذكر السودان في أي محفل تقف ضده ويصوتون بالإجماع ضد حكومة السودان.

تعاون كبير

يقول رئيس الدائرة السياسية لنواب المؤتمر الوطني، بالمجلس الوطني، حسب الله صالح ، إن اتهام السودان بدعم الإرهاب لم يكن قائماً على حيثيات ولا يوجد أي سند قانوني يمكن إبرازه لإدانة السودان بهذه التهمة بل العكس فالسودان لعب دوراً كبيراً في مكافحة الإرهاب في محيطه الدولي والإقليمي، متوافقاً في ذلك مع ما ذهب إليه وزير الخارجية إبراهيم غندور بأن السودان قد أبدى تعاوناً كبيراً بالرغم من أن حسب الله فضل عدم الاسترسال في الحديث لجهة أن هناك عملاً جارياً تقوم به لجنة مختصة.

وراء الكواليس

في السياق ذاته، يرى د. عبد الله علي إبراهيم، أن مجموعات الضغط التي أشار إليها لها تأثير قوى في صناعة القرار، وتهابها كل أطراف صناعة القرار وتعمل على عدم الاصطدام بها. وينبه إبراهيم إلى أن القرار التنفيذي الذي أصدره أوباما للتصالح مع حكومة السودان برفع جزئي للعقوبات، قد جاء في خواتيم حقبته أو (كراع جوة وكراع برة).

مضيفاً بقناعة وزارة الخارجية الأمريكية ببراءة السودان من التهم التي جاءت بالعقوبات لكنه تساءل وفي باله اللوبيات: من الذي يقنع هؤلاء؟

ومضى د. عبدالله شارحاً (ياخي السودان ده ما عنده سمعة) أكثر من عقدين من المشكلات المعقدة قضية الجنوب ودارفور والحرب والملحدين والمسلمين كل هذه خلفت إرثاً من الكراهية للسودان بين عامة الشعب في أمريكا وقادة حقوق الإنسان ومجموعات الضغط.

مضيفاً بأن ترامب إذا قرر العفو عن السودان سيواجه حملة شعواء من الجمهور لأن أفكاره مسممة تجاه الخرطوم، مردفاً بأن الأمر ليس بالسذاجة التي يصور بها البعض في السودان بأن ترامب يمكن أن يقرر وحده ، مشدداً على أن ذلك يتسبب في التسويف ومحاولة الاستدراج بالتأجيل وتعيين المبعوثيين.

تأثيرات

علامات استفهام أخرى يفرضها تقرير الخارجية، تتصل بإزالة اسم الخرطوم من قائمة العواصم الراعية للإرهاب وسقطت في براثنها منذ العام 1993 بسبب المخاوف حيال دعم الجماعات الإرهابية الدولية، بما في ذلك منظمة أبو نضال والجهاد الإسلامي الفلسطيني وحماس وحزب الله ؟ أم أن هناك أوراقاً تريد الإدارة الأمريكية الاحتفاظ بها لإبرازها مستقبلاً في لعبة علاقتها بالسودان.

يجدد د. عبد الله حديثه بعدم وجود أبعاد سياسية في القضية، وإنما هي قضية أخلاقية، مقللاً من تقرير الخارجية الامريكية الذي امتدح موقف السودان وتعاونه في ملف مكافحة الإرهاب بقوله ليس له أي معنىً ويشكل جزءاً من محاولة الخارجية الأمريكية لإقناع الجمهور بأن السودان ليس لديه أي مشكلة لأن هذا نوعاً من التبشير والتعريف فقط بأن السودان لا يشكل الصورة الذهنية المرسومة لدى الشعب الأمريكي، لإقناعه بالاستماع إليه وفهم موقفه وهذه ليست سياسة.

بينما يرى حسب الله أن السودان سيجني ثمار تأثير القرار مستقبلاً، وسيكون داعماً لموقفه في فترة الثلاثة الأشهر المقبلة رغم أن القرار جاء في ترتيب صدوره بعد عملية إبقاء الخرطوم في قائمة الدول الراعية للإرهاب التى تتجدد سنوياً، مذكراً بأن التجديد تم قبل صدور تقرير وزارة الخارجية وهو ما يبشر بأن تأثيره الإيجابي سيكون في المرحلة المقبلة بأن تحدث دفعة قوية في موقف السودان صاحب العقيدة الشعبية الإسلامية المطبوعة على التسامح – حد تعبيره- قائلاً بأنه لا يمكن أن يكون السودان بحال من الأحوال بيئة حاضنة للإرهاب، ولم يرصد يوماً أنه قام بتمويل أو تدريب أي جماعة إرهابية.
الطيب محمد خير
الصيحة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.