مبنى بلا معنى مستشفى كبوشية.. أمراض حاضرة وخدمات غائبة

بمنطقة كبوشية بولاية نهر النيل إلى الشمال قليلاً من مدينة شندي، يقع “مستشفى كبوشية” الذي لا يعتبر أكثر من محض جدران واسم، لكنه يفتقر للعديد من المطلوبات التي يحتاجها أي مرفق صحي معني بمتابعة صحة المواطنين، ولم تكف الشكاوى المتواصلة التي يجهر بها قاطنو تلك الأنحاء من تردي الخدمة بالمستشفى، وتواصل المطالبات لوزارة الصحة بالولاية بإيلائه ما يستحق من اهتمام وتعيين كادر طبي لمختلف الأقسام، ولكن تلك المطالب يبدو أنها ذهبت أدراج الرياح، فلا مجيب ويظل حال التردي ماثلاً لكل زائر للمستشفى المشيد على طراز حديث لكنه فارغ المضمون.

عنبر خاص بالإسهالات المائية

ما يلفت انتباه الزائر لمستشفى كبوشية ورغم شح إمكانياته تدافع المواطنين هذه الأيام ينشدون العلاج بعد موجة الاسهالات التي ضربت العديد من المناطق بالوحدة الإدارية، وقد خصصت إدارة المستشفى عنبرا للإسهالات المائية وهو جناح خاص لحديثي الولادة مؤهل من حيث المبنى والمعدات من حضانات لاستقبال الحالات لكننها لا زالت حبيسة العنابر.

أما عنبر الولادة فلم يباشر العمل به كموقع للأطفال حديثي الولادة بما يعني إهداراً للمال العام وتمت الاستعانة به لعزل المصابين بالمرض، ولم تمتد إليه النظافة، ولا توجد به حتى سلة مهملات، فالممرض يرمي بقايا المحاليل الوريدية والصناديق على الأرض، ويشتكي المرضى ومرافقوهم من رداءة العنابر لجهة عدم وجود تكييف ولا حتى مراوح.

أزمة مياه ونفايات متراكمة

ويشكو مواطنون ومرافقون لمرضى بالمستشفى من عدم توفر المياه وهو أمر يصفونه بالغريب في ظل تفشي الإسهالات المائية والحالات الوافدة للمستشفى ويقول محمد العوض مرافق لأحد المرضى أنهم يجدون معاناة شديدة في الحصول على ماء الشرب وقال إن المرافق قد يجوب المستشفى طولاً وعرضاً للبحث عن شربة ماء ولا يجدها، لافتاً إلى أن كل المبردات الموجودة بالمستشفى متوقفة عن العمل، وسبق وأن انقطعت المياة لمدة ثلاتة أيام بسبب الكهرباء ولا وجود لمولد تحسباً لأي طارئ، ولماذا لا يكون صهريج المستشفى منفصلاً عن بقية الأحياء المجاورة، أما الجانب الآخر فمياه الشرب تكاد تكون منعدمة تماماً إلا من بعض الأزيار القليلة، فالمرافق يجوب المستشفى للبحث عن شربة ماء، ونحن رغم وجود مبردات وفلتر لكنها متوقفة عن العمل.

أما تراكم النفايات فقال إنه الأمر المحير لافتًا الى أنه لا يكاد موقع داخل المستشفى إلا وتنتشر فيه النفايات ولا يكترث الممرضون من لإلقاء مخلفات الدربات والحقن داخل العنابر من مخلفات طبية بالغة الخطورة، وامتدح الطبيب المتواجد بالمستشفى الذي قال إنه يحمل معنى الإنسانية ويؤدي دوره على أكمل وجه ويستمع لكل صغيرة وكبيرة وحريص على متابعة المرضى وإرشادهم والممرضون يقومون بالإسعافات على أكمل وجه وبسرعة فائقة ويأتي للمريض في مواعيده حسب الجدول.

ويقول عدد من المواطنين إن المستشفى يعاني من عدم استقرار الأطباء ولم يأت طبيب وإلا ذهب بعد فترة وجيزة، ويرجح أن تكون البيئة طاردة لعمل الأطباء.

معدات حديثة بلا فائدة

كون المستشفى الوحيد بكبوشية والمناطق المجاورة لها، وعلى الرغم من اكتماله من ناحية المباني إلا أنه يفتقر للخدمة المقدمة، كما يفتقر لوجود التخصصات الطبية المطلوبة، مما جعله مبنى بلا معنى، وفاقم من معاناة طالبي العلاج من سكان المنطقة، فيوجد به جهاز تخطيط في عنبر مصطفى عبيد موضوع على منضدة مكشوفة ويتعرض للغبار وقد يتعرض للسرقة لخفة وزنه وغلاء ثمنه، أما العيادة الخارجية والمعمل الذي يتبع لها فيعشعش على جدرانها العنكبوت أما الغبار الذي على الحائط فالسؤال كيف تتعامل في معمل وعليه معدات يظهر على ضوئها شفاء مريض وهو بهذا الوضع المزري، من الملاحظ بالمستشفى عدم وجود رجال شرطة رغم مساحتها الكبيرة ومعداتها ما يساعد أصحاب النفوس الضعيفة على مد أياديهم لكل ما خف وزته وغلا ثمنه، إضافة إلى ذلك سور المستشفى قصير ولا يوجد به سالك يحمي المعدات البعيدة من أعين حارس المستشفى.

صوت لوم

يقول عبد الرازق الضريس رئيس مجلس إدارة مستشفى كبوشية إنهم كمجلس إدارة سعوا حثيثاً للارتقاء بالمستشفى وطالبوا الوزارة مراراً وتكراراً بسد نقص الكادر الطبي لكن لا حياة لمن تنادي وتساءل كيف يعقل لمستشفى ريفي يستقبل كل هذه المناطق أن يوجد به طبيب واحد، مشيرًا لتعاقدهم بصفة شخصية مع أطباء ومنعوا من قبل الوزارة وطلبوا منهم بناء منازل للكادر الطبي فنفذوا الطلب، لكن الوزارة لم تلتزم بتعيين أطباء وكون أن الأطباء لا يستمرون في العمل بالمستشفى فليس لهم يد فيه، أما بالنسبة للمياه فهي مسألة عامة، لكن يحب أن نحتاط للطوارئ وقمنا بحل مشكلة مياه للكادر الطبي لعمله ووجه رسالة لأبناء المنطقة بدول المهجر والداخل للتعاون مع مجلس الإدارة لتطوير المستشفى الذي يحوي قسماً كاملاً للأشعة وبأحدث المعدات، لكن عدم الكادر الطبي جعلها معطلة تماماً رغم وقوع المستشفى بالقرب من شارع التحدي وفي حال وقوع حوادث مرورية أين يتم عمل صورة أشعة، وناشد وزارة الصحة بتعيين الكادر الطبي وهذا القصور الذي يحصل في المستشفى السبب الرئيسي فيه الوزارة لأننا طالبنا كثيرًا بتوفير الكادر ونفتقر للاختصاصيين ولا يوجد غير أخصائية نساء وتوليد لكنها تحضر مرة كل أسبوع وتعتبر عيادة خاصة، وتقدم بالشكر للدكتور سامي صالح المدير الطبي الذي يعمل بالمستشفى وهو يتحمل النقص كما نوصل صوت شكرنا للدكتور هساي.

لا شيء

لا شيء يدل على وجود مرفق صحي كبير تأسس قبل ثلاثين عاماً غير مبانٍ يتم تجديد طلائها بين حين وآخر ولا وجود لخدمات في أدنى مستوياتها تشجع المرضى وذويهم من الهروب لمستشفيات شندي. هكذا ظل واقع مستشفى كبوشية مباني خاوية تنعدم فيها التخصصات غير الحالات المعهودة من ملاريا وغيرها ووزارة الصحة بالولاية لم تضع المستشفى ضمن أولوياتها رغم كونه الوحيد بالمنطقة.
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.