أول مخيم للاجئين يستخدم الطاقة الشمسية

أُنيرت حياة الآلاف من اللاجئين السوريين بعد إنشاء محطة الطاقة الشمسية الجديدة في مخيم الأزرق بالأردن. ومن المتوقع ان تكون هذه المحطة بداية التحول إلى الطاقة الخضراء في الأردن.
38965702 303
لا يبدو مخيم اللاجئين الذي يقبع في وسط الصحراء المغبرة في الأردن، مكاناً صالحاً لدخول التاريخ من باب الابتكار، لكن ومع ذلك، فإن مخيم الأزرق للاجئين السوريين قد تمكن من ذلك. حيث أصبح هذا المخيم أول مخيم للاجئين يعمل على “الطاقة النظيفة” في العالم.

في 17 مايو / أيار 2017، قامت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة UNHCRبتشغيل المحطة الضوئية التي تم بناؤها حديثا والتي تبلغ استطاعتها 2 ميغاواط. وستوفر المحطة الشمسية في البداية الكهرباء الرخيصة والمستدامة ل 20 ألف لاجئ سوري. وبمجرد تعديلها في غضون شهرين من 2 إلى 5 ميغاواط، سيتم توفير الكهرباء الشمسية لـ15 ألف شخص آخر، ومن المتوقع أن تلبي جميع احتياجات المخيم من الطاقة، وفقا للمفوضية.

وتفيد شركة “المستقبل” الأردنية التي قامت ببناء المنشأة، بأن المحطة التي تبلغ استطاعتها 2 ميغاواط ستنتج 3.6 مليون كيلوواط ساعي في السنة، ما يعني أنها ستوفر حوالي 2.370 طناً من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، والتي ربما تحتاج لـ 65.568 شجرة لتنقيتها خلال عشر سنوات.

شعاع الضوء

افتتح مخيم الأزرق في نيسان/ أبريل 2014 على بعد نحو 100 كيلومتر شرق العاصمة الأردنية عمان ، بعد أن أصبح مخيم الزعتري، أكبر مخيم للاجئين هناك، غير قادرٍ على استيعاب المزيد من اللاجئين. ويقع المخيم في منطقة صحراوية ما يعني حرارةً عالية جداً في الصيف وبرداً قارساً في الشتاء، عدا عن تعرض خيم المخيم للدمار بسبب الرياح المحملة بالغبار.
19246737 401
المخيم الذي يمتد على مساحة كبيرة قاحلة، لا يملك من الموارد أي شيء سوى أشعة الشمس. لم يكن سكان المخيم يحصلون على الكهرباء بشكلٍ دائم، بحسب المفوضية. وأضافت “ان ذلك جعل النشاطات اليومية صعبة مثل الطهي وغسل الملابس والدراسة والمشي بسلام إلى الحمام ليلا وخاصة للنساء والأطفال”.

أم ناصر، التي هربت إلى الأردن من مدينة حمص السورية، كانت شاهدة على افتتاح المحطة الشمسية، وتقول لـ DW “الأمر رائع، أصبح لدينا كهرباء كل يوم.. كل يوم”.

وتضيف أم ناصر بانفعال “هل يمكن أن تتخيل ما كان عليه الأمر بالنسبة لي، لدي 10 أطفال لم يستطيعوا في السابق من الدراسة أو القيام بواجباتهم المنزلية في المساء بسبب نقص الإضاءة؟” وتتابع “في كثير من الأحيان، كان على أطفالي أن يناموا في وقت مبكر جدا لأنه لم يكن هناك شيء آخر يمكن القيام به”.

الكهرباء حق من حقوق الإنسان!

ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن ستيفانو سيفير قال خلال حفل الافتتاح “لم تكن الكهرباء في السابق تعتبر على انها حاجة للاجئين، لكن بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، لها أهمية كبرى تتجاوز مجرد الرفاهية، فالكهرابء تؤثر على أمن اللاجئين وصحتهم وتعليمهم، وتساعد على تحسين حياتهم بعيداً عن أوطانهم”.

غياب الكهرباء في مخيم الأزرق، جعل الحياة صعبة في السابق، كما جعلها خطرة أيضاً بسبب الثعابين والعقارب الكلاب البرية التي تجوب طرقات المخيم، وعندما افتتح المخيم لأول مرة، لم يكن مجهز بأسلاك كهرباء، ولم يكن هناك مصابيح في الشوارع ، كما لم تشعر النساء والفتيات بالأمان أثناء خروجهن بمفردهن لاستخدام الحمامات العامة، ما دفع العديد منهن إلى اللجوء للاغتسال داخل خيمهن، وذلك بدوره أثر على نظافتهم الصحية وخلق مشكلة في تصريف المياه على مر الزمن.
38965690 401
على مدى العامين ونصف العام الماضيين، اعتمد اللاجئون في الإنارة على فوانيس تعمل بالطاقة الشمسية قدمتها مؤسسة “إيكيا” السويدية، وفي نهاية المطاف تم تثبيت أضواء إنارة في الشوارع بمنطقة واحدة من المخيم فقط.

اختراع مفيد للناس والبشرية

مؤسسة “إيكيا” قدمت ما يقارب 9 ملايين يورو للمساهمة في بناء محطات الطاقة الشمسية من خلال حملة “حياة أكثر إشراقاً للاجئين”، حيث تبرعت بمبلغ 1 يورو عن كل مصباح كهربائي “ليد” تم بيعه خلال الحملة من 2014 إلى 2015 لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وخصص المبلغ لتمويل الطاقة المتجددة والتعليم للاجئين.

وقالت المفوضية إن كل أسرة فى المخيم يمكنها الآن وصل الثلاجات والتلفزيون والمروحة بالكهرباء داخل ملجأها وشحن هواتفهم وهو أمر بغاية الأهمية للاجئين من اجل التواصل مع أقاربهم بالخارج، بينما قال نائب المفوض السامي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين كيلي كليمنتس “يمكننا تبني تكنولوجيا جديدة وابتكارات تفيد الإنسانية واللاجئين معاً”.

ووفقا لمؤسسة “إيكيا” فإن محطة الطاقة الشمسية في مخيم الأزرق أصبحت نموذجاً أولياً لمشاريع محتملة لمساعدة اللاجئين في تسعة بلدان أخرى. ووفقاً للرئيس التنفيذي لـ”إيكيا” فإن المحطة ستوفر حوالي 1.5 مليون دولار كانت تصرف على الإنارة، ليتم إنفاقه على البرامج التعليمية والصحية أو التنموية للاجئين السوريين، هذا عدا عن الفوائد البيئية إذ إن المطة ستساعد في “الحد من تاثير التغير المناخي على المجتمع”، وفقاً للرئيس التنفيذي.
انتقال للطاقة النظيفة في الأردن

فوائد المشروع تتعدى حدود المخيم لتشمل الأردن كبلدٍ بشكلٍ عام. المهندس علاء القبين من شركة “المستقبل” التي بنت المحطة قال إنه “بمجرد أن يصبح مخيم الأزرق غير ضروري ستبقى محطة الطاقة هذه مساهمة في الأردن لتقليل اعتمادها على إمدادات الوقود الأجنبية”. حيث يفتقر الأردن إلى احتياطيات النفط ويؤمنها عن طريق الاستيراد من السعودية ودول الخليج، وقد عانى كثيراً في مسألة توفير الكهرباء.

وقال القبين إن الوقت قد حان لإدخال الطاقة المتجددة إلى الأردن، فعلى الرغم من توفر أشعة الشمس والرياح إلا أن استخدامها لا يزال محدوداً، مع أن هذا سيوفر في المال كثيراً. وأضاف “”منذ ثلاث أو أربع سنوات، تم إصدار تشريعات لتطوير محطات الطاقة المتجددة في الأردن، لكن لم نعمل كثيراً، وربما كان من الممكن أن يحدث هذا الاستثمار من قبل، ولكن يجب أن نفخر بأنفسنا في هذا المجال مقارنة بدول الخليج والمنطقة، نحن في بداية الطريق”.

دالي كافلاك/ ر.ج- مهاجرنيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.