أنت مش سوداني ..!!

يروي الرواي أن وفداً سودانياً حل في مجلس الملك فيصل أيام الجبهة الوطنية ..كان في ذلك الوفد من ينسبون أنفسهم إلى العترة النبوية وبعضهم يحمل لقب شريف..كانت من بين مطالب الوفد الذي فر من جبروت النميري توفير وثائق سفر..مسح جلالة الملك ببصره على ضيوفه ثم توقف في شيخ العرب الدكتور عمر نور الدائم ..بعدها خرجت ابتسامة وقورة ارتسمت على وجه الملك حينما خاطب ضيوفه: ” فينا نعطي دكتور عمر جواز سعودي”..ضج المجلس بالضحك على مداعبة الملك الخشنة.

حملت الأنباء البارحة خبراً يستدعي تنكيس العلم السوداني وإعلان حالة الحداد إلى أجل غير مسمى..الخبر نقلته الصيحة نقلاًعن صحيفة الأحداث الإلكترونية ..تفاصيل الخبر أن دولة الكويت رفضت الاعتراف بسودانيين من أصول سورية ..وجاء القرار الكويتي حسب ذات المصادر بناءً على معلومات من جهات رسمية أفادت أن بعض السوريين نالوا المواطنة السودانية عن طريق الاحتيال .. ومضى ذات الخبر المؤلم إلى أن السلطات السودانية أبلغت دول الخليج أنها أوقفت منح الجنسية السودانية لغير السودانيين وخاصة السوريين.

في البداية يقفز السؤال كيف يمكن لأيّ مواطن غير سوداني أن يتحصل على الجنسية السودانية عن طريق التحايل..وحينما يكون هذا المتهم سورياً يصبح الاستغراب له محل من الإعراب..بعض من أبناء دول الجوار يشبهون السودانيين في السحنات..عدد من القبائل توجد عبر أكثر من دولة..في هذه الأحوال يمكن لمواطن من هذه القوميات أن يضلل السلطات ..لكن ماذا عن السوريين الذين لا يمكن أن تخطئهم العين الشرطية الفاحصة وذات الاحترافية العالية.

قبل فترة ترددت معلومات لم نصدقها عن شبكات تعمل في سودنة الأجانب خاصة السوريين.. لم نصدق ذلك وينبغي ألا نصدق ذلك لأن القانون وضع قيوداً على منح الجنسية السودانية للأجانب..حتى وزير الداخلية نفسه لا يملك حق منح مواطن أجنبي الجنسية السودانية إلا عبر سلسلة من التعقيدات ..هذه السلسلة الإجرائية أثرت حتى على الأجانب من أمهات سودانيات ..وحده رأس الدولة من له حق استثناء من يراه أهلًا لنيل شرف أن يكون سودانياً.

بدأت الفوضى في مجال التجنيس الفوري عبر ضغط الأندية الرياضية وقادتها من ذوي النفوذ..حينما يصل اللاعب الأجنبي مطار الخرطوم يجد الجنسية السودانية في انتظاره ..وبما أن معظم الصفقات الرياضية كانت فاشلة عاد أولئك اللاعبون إلى بلادهم وجيوبهم ممتلئة بالدولارات، وتركوا لنا جنسيتنا التي لا تفيد في الحل والترحال..بالطبع كان من الأسهل تغيير القانون الرياضي الذي يمنع الأندية من التوسع في استقدام لاعبين أجانب..لكنها سياسة البصيرة أم حمد.

في تقديري..وقعت بلادنا في خطأ يصعب جبره..بلادنا في أمس الحوجة إلى مهاجرين..نحن نحتاج إلى عمالة ماهرة، ورؤوس أموال مقتدرة ..بالإمكان أن نجذب عدداً كبيراً من المواطنين الذين حلت بهم النكبات، أو ضاقت بهم أوطانهم بسبب ظلم الحكام..لكن يجب أن لا يكون التجنيس عشوائياً لأن ذلك سيجلب مشكلات لبلدنا الذي يئن من مشاكله الوطنية..لهذا من الأفضل أن يوضع نظام واضح وشفاف يربط التجنيس بالإقامة الدائمة لمدة لا تقل عن خمس سنوات مصحوباً ذلك بالعمل وتسديد الضرائب مع خلو الصحائف من المخالفات القانونية.

بصراحة.. ما حدث لمواطنينا السودانيين في الكويت أمر يندى له الجبين..أيّ مواطن يحمل الجنسية السودانية جدير بالاحترام..أما الذين نالوا ذلك الشرف عبر الاحتيال فليتم فضحهم وإلغاء التجنيس باعتباره بني على باطل، ومد كل دول العالم بالقوائم الوهمية..وقبل ذلك محاسبة من تسبب في هذه الكارثة .

الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.