مجلس الوزراء ينهي جدل الواردات المصرية نهائياً خبراء ومختصون : يجب الاعتماد على الإنتاج المحلي بدون هدر للعملة

حينما أصدرت وزارة التجارة الخارجية قرارها القاضي بمنع دخول المنتجات الزراعية المصرية إلى البلاد لإجراء مزيد من التحليلات المعملية رأى كثير من المراقبين أن القرار نفسه في حال استدامته يصب في مصلحة السودان ليعتمد على ذاته ويبذل جهوداً كبيرة في تغطية احتياجاته المحلية من إنتاجه المحلي .

خبراء ومختصون أكدوا حدوث تطور كبير فيما يتعلق بشأن المواصفات التي أدخلت أجهزة وتقنية حديثة في الآونة الأخيرة تمكنها من استخلاص نتيجة تؤكد أو تنفي ما يؤكد السيطرة التامة على حظر كثير من السلع التي كانت تدخل إلى السودان، وتتسبب في كثير من الأمراض التي ظهرت في الآونة الأخيرة، خاصة السرطانات، والأورام التي تنتقل عبر بعض الأغذية الفاسدة.

سبتمبر من العام الماضي أوقفت الحكومة “ممثلة في وزارة التجارة ” استيراد جميع أنواع الخضر والفاكهة والأسماك من مصر مؤقتاً لحين اكتمال الفحوصات المعملية والمخبرية التي تُجرى لضمان السلامة العامة في البلاد، وزارة التجارة أكدت حرصها على صحة وسلامة الإنسان، والحيوان، والنبات في البلاد، وشمل المنتوجات الطازجة، والمجمدة، والمجففة كافة.

المواصفات والمقاييس الجهة الفنية المختصة أكملت فحص عينات السلع المصرية “خضروات – فواكه وأسماك” وسلمت نتائجها النهائية لمجلس الوزراء ووزارة التجارة السودانية، للَبَت بشأنها، وفقاً لما قال به مديرها العام الدكتور عوض سكراب في حوار تلفزيوني.

الحظر مازال قائماً

أمس أبقت الحكومة الحظر على السلع المصرية الزراعية ومنتجاتها عبر الموانئ والمعابر الحدودية والموجودة داخل الحظائر الجمركية الواردة من جمهورية مصر بشكل نهائي.

وأصدر رئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح قراراً بإجازة توصيات اللجنة الفنية الخاصة بمتابعة قرار حظر السلع المصرية، وإنفاذ قرارات وزارة التجارة السودانية الخاصة بمنع دخول السلع الزراعية والحيوانية المصرية،

وتمسّكت الحكومة بحظر عدة سلع غذائية مصرية وفقاً لمعايير تتعلق بسلامة وجودة المنتجات، وليس له صلة بأمور سياسية. وقال وزير التجارة السابق صلاح محمد الحسن، في تصريح سابق لـ”الصيحة”: إن قرار حظر السلع فني، وجاء بناءً على إصابة المنتجات المصرية بالتلوث، مضيفاً أن الحكومة متمسكة بموقفها لحماية المواطنين من أيّ ضرر قد يلحق بهم.

وقف مؤقت :

وكانت وزارة التجارة السودانية قررت في السابع عشر من مارس الماضي، وقف استيراد سلع مصرية مؤقتاً، وهي عبارة عن المنتجات الزراعية، والأسماك المعلبة، ومستحضرات السلع الزراعية والمصنعة، بعد ثبوت تلوثها بمواد ضارة نتيجة ريها من مصادر مياه ملوثة، وذلك بعد أن حظرت في وقت سابق استيراد “الصلصة والمربات والكاتشب” المصنعة في مصر.

ولم يكن السودان البلد الوحيد الذي حظر عدة سلع غذائية مصرية، وإنما قررت الإمارات العربية المتحدة حظر استيراد الفلفل المصري بأنواعه، كذلك أعادت المملكة العربية السعودية شحنة كبيرة من الأسماك، لتواجه بذلك صادرات الأغذية المصرية العديد من المصاعب في الآونة الأخيرة.

وأضافت وزارة الصناعة سلعاً مصرية جديدة إلى قائمة السلع التي حظرتها التجارة سابقاً لتلوثها بمواد تضر بصحة المواطن، وذلك قبل ظهور نتائج الفحص المعملي التي رفعتها المواصفات السودانية لمجلس الوزراء للبت بشأن السلع المحظورة من الخضر والفاكهة والأسماك.

تدخل الصناعة :

ووفقاً لخطاب من وزارة الصناعة موجه إلى وزارة التجارة شملت القائمة منتجات جديدة، من بينها المربى والصلصة والكاتشب.وقالت الصناعة في خطابها إن شكاوى ومعلومات قد وردت إليها تفيد بأن الخضر والفواكه الملوثة التي تم حظر استيرادها بشكل مباشر أصبحت تأتي إلى السودان مصنعة بعدة أشكال تشمل المربات والصلصة والكاتشب.ووفقاً للوزارة، فإن السلع فاسدة لأنها مصنعة من مدخلات إنتاج ملوثة، وربما تتسبب في عدد من الحالات المرضية الخطيرة. وقالت الوزارة: “وصلاً لما سبق وحفاظاً على صحة المواطن وحماية للسلع الوطنية، نرجو إضافة سلع المربات والصلصة والكاتشب إلى قائمة السلع التي يمنع استيرادها من مصر” وفقاً للخطاب.

يأتي هذا في وقتٍ اتخذ فيه مستوردون سعوديون قراراً مماثلاً منتصف سبتمبرالماضي بعد توصية من الهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة بوقف استيراد بعض الخضروات والفاكهة المصرية، عقب ثبوت عدم ملاءمتها للاستخدام الآدمي خلال العام الحالي.

كما حمل مطلع شهر سبتمبر ضربة قاصمة للجانب المصري بعدما اتخذت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية إجراءات صارمة بمنع استيراد الفراولة المصرية؛ بعدما تسببت في إصابة عدد من المواطنين بولاية فرجينيا الأميركية بمرض الكبد الوبائي “A”

مخالفة دولية :

وحظر بموجب القرار استيراد منتجات غذائية مصرية من شركات قالت إنها مخالفة للمعايير الدولية في الزراعة، شملت 33 شركة ومنتجاً.

كما منعت روسيا في منتصف العام الماضي استيراد البطاطس المصرية بعد إصابتها بمرض العفن البني، وذلك قبل أن تعلن الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية في 16 سبتمبر أن موسكو ستوقف مؤقتاً استيراد الفاكهة والخضروات من مصر، بداية من 22 سبتمبر الماضي عقب رفض القاهرة قمحاً روسياً بسبب فطر الإرجوت.

وأوقف عدد من الدول استيراد بعض أنواع الفواكه والخضروات المصرية منها الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، واليابان بعد التشكيك في سلامتها، إلى جانب إثيوبيا، التي أوقفت استيراد الأدوية.​

خبراء ومستهلكون :

الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير يقول إن اتجاه الخرطوم عبر البرنامج الخماسي هو تحقيق الاكتفاء الذاتي وإحلال الواردات والسلع الرئيسة وزيادة حجم الصادرات.ويرى أن إستراتيجية البلاد تهدف إلى تعويض ما يتم استيراده من الخارج بالإنتاج المحلي، وطالب أن يعمم نهج الحظر مع معظم دول العالم، وليس مصر فقط، وأن أيّ سلعة تتعلق بالخضروات أو الفواكه والسلع الغذائية لا بد من تحقيق الاكتفاء منها داخلياً نسبة لتوفر جميع الإمكانات اللازمة لذلك.

جمعية حماية المستهلك ترى في استيراد السلع الغذائية مضيعة للعملة الحرة، وعدم تحريك الموارد الداخلية للاستفادة من الميزات التي تجعل السودان بلداً فعالاً لتحقيق الأمن الغذائي العربي، ويرى الدكتور ياسر ميرغني رئيس الجمعية: آن الآوان لتكوين أجسام قوية تنسق فيما بينها لتحريك الإنتاج المحلي بدلاً عن الاستيراد من الخارج.

أصل الحكاية :

وتعود تفاصيل حظر المنتجات المصرية إلى تحقيق استقصائي قامت به الإعلامية المصرية منى عراقي في برنامج بإحدى القنوات المصرية باسم انتباه اعترف من خلاله عاملون في المصنع الذي يعد أكبر مصانع العالم لإنتاج الكاتشب أظهر من خلاله وجود ديدان في الطماطم مخلوطة بمياه صرف صحي، وكواريك زبالة ترفع بها الطماطم إلى السير، حيث يقول أحدهم: إذا أردنا إحصاء الديدان فلن تصلح الطماطم لتكون كاتشب.

وكان رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية المصري النائب عبد الحميد الدمرداش قال في وقت سابق إبان زيارة وزير الخارجية المصري إلى السودان: إن الحكومة المصرية تستعد لإرسال وفد يضم العديد من الوزارات إلى السودان لمناقشة حظرها لاستيراد السلع الزراعية، ومستحضراتها المصنعة، والأسماك المعلبة من مصر.

مصريون متضررون:

وقال إن المجلس بالتعاون مع وزارتي الصناعة والزراعة يعدان لزيارة السودان لبحث الأزمة مع السلطات السودانية. وأشار إلى أن السودان تستورد حاصلات زراعية مصرية بنحو 20 مليون دولار سنوياً، وتمثل سوقاً مهمة للمصدرين المصريين، وهو ما يتطلب تدخلاً عاجلاً لمعالجة الأزمة.

وقال أحد المصدرين ويدعى أحمد سعيد : إن المصدرين كانوا ينظرون بأمل كبير لزيارة وزير الخارجية سامح شكري للخرطوم لإنهاء الحظر السوداني لاستيراد السلع الزراعية ومستحضراتها المصنعة والأسماك المعلبة من مصر.وأوضح أن فك حظر استيراد السودان للحاصلات الزراعية المصرية يتطلب تدخلاً حكومياً، نظراً لأن السودان يمثل سوقاً قوياً وواعداً لمصر نظراً لانخفاض تكلفة التصدير.

وقال إن موقف السودان سياسي، وليس له علاقة بسوء حالة المنتجات المصرية، حيث قام السودان بتحليل العينات للسلع الزراعية المصرية في معامل خارج السودان والتي أظهرت أن السلع غير مصابة.

وجددت حكومة عبد الفتاح السيسي مؤخراً مطالبتها للسودان بإعادة النظر في قوائم السلع السلبية، ورفع القيود المفروضة على صادراتها الزراعية، إسهاماً في دعم التجارة المشتركة بين البلدين.

وطمأن الرئيس البشير لدى افتتاحه مصنع كريمة لتعليب الفاكهة بالولاية الشمالية مواطني السودان بقوله: نطمئن المواطنين بأن اليوم اكتملت حلقات الإنتاج السوداني للطماطم والكاتشب النظيفة والصحية بدون إضافات، وأضاف: منذ اليوم لا خوف على المواطنين من أكل طماطم نظيفة غير ملوثة ولا تسبب أضراراً للمواطن السوداني.وقال نقول للمواطن: “اكلوا كاتشب سوداني بلا خوف على أطفالكم”.

الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.