اللاجئون الجنوبيون:السودان تجاوز استحقاقات الجوار إلى منحنا الحياة «2»

-
«شكرا اهل السودان فقد تجاوزتم استحقاقات الجوار الي انقاذ حيواتنا » هكذا كان لسان حال عشرات الالاف من اللاجئين الجنوبيين الفارين من القتل والجوع الي معسكرات اللجوء في العقلاية ، دبة بوسن وخور الورل … لحظات حفرتها في ذاكرتي تراجيديا الاحداث ودموع الرجال والنساء والاطفال وهم يتحدثون عن قتل وابادة ذويهم امام اعينهم فاظلمت الدنيا في وجوههم وتذكروا وسط حزنهم ان لا خلاص لهم الا بمغادرة بلداتهم فكان السودان هو الملاذ الذي استقبلهم وفتح لهم معابر الدخول ووفر لهم اسباب الامن و الغذاء و المأوى قبل ان تخرج مأساتهم الي العالم .

كانت الفرصة مواتية في العودة لزيارة اقاصي النيل الابيض و الوقوف علي اعمال غوث اللاجئين الجنوبيين واسكانهم وتلمس الجهود التي تقوم بها الحكومة والولايات والمجتمعات المحلية والمجتمع الدولي نحو إغاثة واسكان منكوبي الجنوب فلم اتردد في قبول تكليف ادارة التحرير بالصحيفة في تلبية الدعوة للرحلة التي نظمتها ادارة العون الانساني والتي استمرت لخمسة ايام في رفقة نفر كريم من منسوبي الوسائط الاعلامية المحلية والاجنبية.
مرة اخري نعود الي مواقع الاحداث بمعسكرات لاجئي الجنوب بالنيل الابيض وعقب العودة من معسكر العلقاية جلسنا الي مدير الهلال الاحمر السوداني بالنيل الابيض الدكتور أسامة عثمان الذي تحدث باستفاضة سيما ان الهلال الاحمر السوداني كان اول الجهات التي تحركت لاستقبال المد الاول من اللاجئين الجنوبيين، فحدثنا قائلا : « الهلال الاحمر تحرك منذ الوهلة الاولي فاستقبل اللاجئين بمنطقتي الكويك وجودة فجاء بهم الي كيلو عشرة والعلقاية وظل يقدم الايواء والغذاء اضافة الي بقية الخدمات اذ أنشأ «4» محطات مياه مؤقتة حتي عام 2014 وكان عدد اللاجئين «25» ألف لاجئ وقام بفتح «4» عيادات بها كل الخدمات الصحية بالعلقاية والرديس 1 والرديس2
في يونيو 2015 زادت معدلات التدفق فقام الهلال الاحمر والجهات المعنية بافتتاح معسكر ابوصنقور وخور الورل وتجاوز العدد «100» ألف مواطن وظل الهلال الاحمر يقوم بتلك الادوار حتي مارس 2017 ليتم تسليم الملف الخاص باللاجئين لمعتمد اللاجئين.
واشار دكتورأسامة الي ان تدفقات لاجئي جنوب السودان يتم عبر ثلاثة محاورهي جودة والكويك والمقينص الذي يعتبر الاكبر بين المعابر الثلاث اذ يعبر عن طريق المعبر الشلك والنوير من الليري وربكونا وواو ، مضيفا ان لهم تنسيقا مع المفوضية السامية للاجئين بتوفير المناطق المستضيفة كما أنشأوا خمسة مراكز صحية بالقري وخمس محطات مياه تخدم المحطة الواحدة «20» قرية كما تم إنشاء عدد من المدارس بكل القري وعملوا علي توزيع الاغنام والمواقد المحسنة علي اللاجئين اضافة الي إنشاء ردميات للطرق بطول «9» كيلومترات بمحلية السلام و«2» كيلومتر بمحلية الجبلين وبالنسبة للمواطنين العائدين فتم تم توفير الايواء والغذاء اضافة الي محطة للمياه بمنطقة ابورماد اضافة الي عدد «5» مراكز صحية اضافة الي توفير العبارات لتساعد في تقديم المزيد من الخدمات وبرغم ان الهلال الاحمر السوداني ظل يوفر مراكز الخدمات الصحية وفق المستوي العالمي بواقع مركز صحي مقابل كل «10» الاف لاجئ الا ان تزايد معدلات التدفق اليومي للقادمين من اللاجئين يتطلب توفير المزيد من الخدمات والكادر الطبي خاصة ان عدد الكادر الطبي الموجود محدود وبرغم ذلك فهو يعمل فوق طاقته.
الى خور الورل
غادرنا مدينة كوستي جنوبا بمحازاة النيل الابيض وكانت وجهتنا معسكر خور الورل مرورا بقري الزليط وشلشالة والصفيرة حتي خور الورل الذي وصلناه عصر الخميس الماضي وكان في استقبالنا بمدخل المعسكر مدير المعسكر محمد طه عبده الذي قدم للوفد شرحا متكاملا عن الاوضاع بالمعسكر الذي يضم «50» الف لاجئ وظلت معدلات التدفق اليومي نحو المعسكر حتي العاشر من مايو الجاري «700» لاجئ تراجع في الايام الاخيرة الي حوالي «250» فردا
الاجراءات المتبعة بالمعسكر تبدأ بتسجيل اللاجئين في اليوم التالي لوصولهم اذ يقدم لهم الغذاء ومقومات الايواء من المواد المحلية والمشمعات، واشار محمد طه الي ان اللاجئين بعد وصولهم تجاوزوا مراحل الغذاء والايواء الي نشاط طبيعي وذلك ما وجدناه اذ كانت الفصول الدراسية مشغولة كما لاحظنا النشاط الرياضي ما يؤكد ان المعسكر وصل الي مرحلة تطبيع الحياة.
مراقب الاغذية بالمعسكر يوسف محمد عبدالله قال ان الحصص الغذائية توزع للاجئين اسبوعيا وكل اسبوعين وتراجع شهريا وان كميات الاغذية تفي بحاجة المعسكر في ظل تدفقات برنامج الغذاء العالمي اضافة الي النفرات التي تقدمها مختلف ولايات السودان والهلال الاحمر السوداني والمنظمات الطوعية الوطنية كما تصل للمعسكر من حين الي اخر وفود وطنية من مختلف الجهات والمؤسسات بغية الوقوف علي سير الخدمات وسد الثغرات، وعن الكميات التي تقدم للاجئين من الغذاء قال يوسف بان حصة الفرد من الذرة تتكون من حوالي «14،2» كيلومن الذرة و«2» كيلو عدس وواحد جالون زيت ونصف كيلومن الملح ، ويتلقي الوافدون الجدد حصتهم من الغذاء في اليوم التالي لدخولهم المعسكر كما يتم منح الاطفال والمرضعات والحوامل كميات اضافية من الاغذية .
سوزان ولسون لاجئة انضمت لمجموعة المتطوعين تحدثت للصحافة قائلة انها قدمت للمعسكر من الرنك مع اسرتها عند بداية الاحداث وان مجيئهم للسودان استوجبته اسباب النجاة من اعمال القتل والابادة في اعقاب الاقتتال الذي انطلق في كافة انحاء الدولة الوليدة . وعن رأيها في مكونات الغوث التي تقدم لهم قالت ان الاسرة بمجرد وصولها تمنح مدخلات العشش من حصير ومشمعات يتم استلامها من ممثل الهلال الاحمر السوداني، مشيدة بما قدمه اهالي القري والبلدات المستضيفة واصفة ذلك السلوك بانه من مقومات اهل السودان الذين يتجاوزون المرارات الي إغاثة الملهوف ، وان كانوا من اهل الجنوب الذين صوتوا للانفصال بنسبة تجاوزت احلام وتطلعات المبشرين بالغد الافضل للجنوبيين.
وتمتد الخدمات لاهالي القري المضيفة
استفادت القري والبلدات في محليتي السلام والجبلين من استضافتهم للاجئي الجنوب خاصة ان المواثيق الدولية شددت علي تخصيص 35-40% من الخدمات للقري والبلدات المستضيفة للمعسكرات اذ تلقي الاهالي في قري الزليط ، الصفيرة وشلشالة عرب والقري المحيطة بمعسكر جوري من الخدمات في قطاعات المياه والصحة وردميات الطرق اذا اقيمت في قرية الزليط مركز للشرطة ومركز صحي كما قدمت المشاريع المدرة للعائدات المادية للاجئين والاهالي كما ان اسواق تلك المعسكرات استهلاكية .
نشطت الحركة التجارية
حدثني البشير محمد ادم من سكان احدي القري المستضيفة وقد التقيته داخل المعسكر فاشار الي حالة التوافق بين الاهالي والمقيمين بالمعسكر، مشيرا بان ذلك ياتي في اطار التواصل الذي شبوا عليه من بواكير صباهم خاصة ان قراهم التي باتت بعد الانفصال تقع علي مقربة من الشريط الحدودي مع دولة جنوب السودان ، وكشف البشير الي ان التعامل الحالي مع سكان المعسكر افضل من ايام الوحدة ، نافيا وجود اية تفلتات أمنية او حتي مشاجرات بين سكان المعسكر واهل القري ، مشيرا الي وجود حراك اجتماعي وتجاري كثيف بالمنطقة وقد تزايد منذ وصول الافواج الاولي من اللاجئين الجنوبيين
الي الابيض.
عدنا مساء الخميس الي كوستي التي غادرناها فجر الجمعة الي الابيض حيث باتت مرتكزا تنطلق منه شحنات الغذاء الي دولة الجنوب وصادف وصولنا انطلاق الفوج العاشر من شحنات الاغذية. يقول مدير برنامج الغذاء العالمي بقطاع كردفان الاثيوبي لما باي عيسي ان الفوج العاشر الذي غادر ظهر الجمعة الي جنوب السودان قوامه «40» شاحنة تحمل «1893» طنا متريا من الحبوب متجهة الي بانتيو عبر مسار الابيض – الخرصان – هجليج – الي نقطة التشوين حيث يستلم الفريق التابع لبرنامج الغذاء العالمي تلك الكميات ويشرف علي توزيعها للمتأثرين . وثمن الاثيوبي لما ، مواقف السودان التي اسهمت في انقاذ وإغاثة المتأثرين بالمجاعة من ابناء الجنوب. وعن التحديات التي تواجهها اعمال الإغاثة قال انهم يخشون دخول فصل الخريف قبل ايصال الكميات المستهدفة في ظل وعورة الطرق التي تتأثر سلبا بموسم الامطار ، علما ان لدي البرنامج اكثر من «50» الف طن متري في بورتسودان وكوستي وعن كميات الغذاء الموجودة بمستودعات البرنامج بمنطقة المطار ومخازن البنك الزراعي قال ممثل برنامج الغذاء العالمي انها «20»ألف طن متري مشيرا الي التنسيق التام مع الحكومة المركزية وحكومة الولاية.
مفوض العون الانساني بشمال كردفان أحمد بابكر الحسن تحدث للوسائط الاعلامية مشيدا بمواقف الشعب السوداني الذي اسهم في درء المجاعة بالجنوب مضيفا ان الحكومة دأبت علي حل كافة المشاكل التي واجهت الدولة الوليدة، مشيرا الي ان قوافل الغذاء التي توجهت نحو الجنوب انطلاقا من السودان قد قللت المآسي ، وتحدث ان الشحنات الاخيرة كانت بزنة «1893» طنا متريا تستهدف بانتيو وقد سبقتها «9» رحلات مشابهة نقلت «12» ألف طن متري وقد اسهمت تلك الكميات في إغاثة اعداد كبيرة من مواطني الوحدة ، وكشف أحمد بابكر عن الجهود المبذولة لفتح مسار الابيض – المجلد – اويل لتوصيل المزيد من الإغاثة قبل فصل الخريف .
امين عام حكومة شمال كردفان رئيس اللجنة المشتركة لترحيل الغذاء عبدالله التوم الامام قال ان اللجنة المكونة من الحكومة ومفوض العون الانساني وبرنامج الغذاء العالمي تنوب عن اللجنة العليا في مسار الابيض وهي تعمل بتناغم وانسجام اذ تمكنت حتي الجمعة من تسيير «10» قوافل نقلت «12» الف طن متري للجنوب اذ تسلم الشحنات لممثلي برنامج الغذاء العالمي في منطقة التشوين الحدودية.
الصحافة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.