سر سعادَتِي باعتقالِ ديدات الأكبر!

بِقدرِ حُزني على اتهام العالم الجليل الدكتور ذاكر نايك بِتُهمٍ قاسية، كان على رَأْسِها التحريضُ على الإرهاب ونشرِ الطائفية بالإضافةِ إلى الكسبِ غيرِ المشروع وغَسيلِ الأموال، على قدرِ هذا الألم من اتهام رمزٍ من رموزِ الاسلام في عصرنا الحديث إلا أن سعادتي لا توصف!

رأينا اشتعال العالمِ العربي والإسلامي وانتفاض وسائلِ التواصل الإجتماعي بخبرِ اتهامِ واعتقالِ طبيبِ القُلوب الدكتور ذاكر نايك؛ ولمن لا يَعرِفُه! هو ذاكر عبد الكريم نايك وشُهرتُه دكتور ذاكر نايك، داعية وخطيب ومنظر إسلامي هندي من أهل السنة والجماعة، طبيبٌ جَراح ولكنه انشغلَ بالدعوة إلى الاسلام وجابَ أقطارَ العالم مدافعًا عن حقيقةِ الإسلام وموضحًا لشبهاتِ أصحاب الأديان الاخرى حول ديننا فلا يكادُ حديثُه ينتهي في كلِ مرةٍ إلا ونجدُ العشراتْ يُعلِنون إسلامهم على المَلأ وتَذرُف دُموعنا فرحًا من خَلفِ الشاشات؛ ولكن تُرى هل تكونُ السعادةُ حِينها بانتصارِ الشيخ أم بإسلام الشخص وأيهما تكون السعادة به أكبر؟!

نَجدُ الآلاف من المسلمين يُتابعون الشيخ ونبتهجُ جميعًا بِرُدوده ونقفزُ من السعادةِ عند إشهار إسلام السائل ونتبادلُ الدموعَ والتكبيرات؛ فهو بلا شك عالِمٌ فريد في عصرنا وبالنظرِ إلى العددِ الذي يُعلن إسلامَه فور سماعِ محاضراتِه يَجعلُنا نَحزن على افتقاده لأنه لن يتسنى لغيرِ المسلمينَ فهمَ دينِنا وإعلانِ إسلامهم؛ ولكن هل انشغلنا نحنُ المسلمين بفهمِ إسلامِنا وسَماعِ الاجابات للأسئلة المحيرة في نفوسِ بعضِنا أو بهدف تعزيزِ ثقافتِنا الإسلامية وقد نحتاجُها في الردِ على صديقٍ مُلحِد أو مَسيحِيٍ يَرغب في الحصول على الأجوبه أم أننا سننصحُه بمشاهدةِ مقاطعِ الفيديو للدكتور ذاكر؟!

إننا في مأساة لا يُمكن وصفها، لا بد وأن يُترجم هذا الحزن في السعي وراءَ الحقيقة حتى نُدركَها، يجبُ أن نستفيدَ من طاقاتِ أبنائنا وشبابنا لنجعلَ من بينهم ألفَ ذاكر يتعلمون ما يجعلهم يقفونَ شامخينَ مدافعينَ عن دِيننا الحنيف؛ وإني لسعيدٌ بهذهِ الانتفاضة، فبجانب سعادتي من مُكوثِ البعض هذه الأيام بعد واقعة الاتهامِ الأخيرة في سماع تسجيلاتِه ومحاضراتِه والاستفادة منها فسعادتي الكبرى أنَ البعضَ فَهِمَ أخيرًا أن الحربَ على الإسلام!

ولَكَمْ حَرك هذا الخبر قلبًا ساكنًا لم ينتفض لنُصرة المسلمين في بُورمَا مع رؤيتنا لصورِ التعذيبِ وحفلاتِ القتلِ العارية وإهانةِ كتابِ الله الكريم وأصواتِ الآهات المُوجعة، وكأننا اعتدنا مظهرَ الدِماء وألِفْنَا الاعتداء ولم يَعُدِ السَوطُ داء فأصبح بُكاء المسلمين لا يَعنينا ودُموع الأطفالِ والمُسنين لا تشغلنا فبات التجاهُل دواءنا والصمتُ حيلتنا!

كمْ حَرَكَ هذا الخبر صدرًا لم يَضِق كثيرًا بحالِ إخواننا في سوريا بين قتلى ومُشردِين، وجَرحى ومُهَجَرِين ضاقت بِهم الأرض فلم يجدوا المأوى ولا لقمةَ العيش لم يهنؤوا بنومةٍ هنيئةٍ مثلما نفعل؛ فاتخذوا من الأرضِ رداءً يَحمِيَهُم من حَرارةِ الصيف وبُرودةِ الشتاءً، انهالت عليهم الصواريخ والقنابل فاحتموا بمنازِلِهم فأصبحت قُبورًَا لهم وانشغلنا نحنُ بالتعبيرِ عن حُزنِنا لما أصابَ منازِلهم الجميلة وبناتهم الفاتنات!

واأسفاهُ على حَالِنا.. كم تَغافلنا.. وبماذا انشغلنا يا معشر المسلمين؟!

تُرى هل هذا الخبر سيحرِكُ عينًا لم تَذرف عندما رأت شبابًا يُقتل ويُحرق في مقتبلِ عمرِه في مصر؟، فسُلِبَت حُرِيته واُجهِضَت ثَورَتُه وتَخاذلت حماستُه ورغْبَته، فأصبحَ الظلامُ عِنوانًا لمُستقبَلِه والهجرةُ من وطنِه جُل أحلامِه وأعظم أمانيه، فالقتلُ أصبحَ دواء الظالمين، والإخفاءُ قَسْرًا أداةُ المُفسِدين والاعتقال وعد لكل المصريين، تجاهلنا تلك المرأة التي أُجبِرَتْ على خَلِع حِجَابها وهذا المُسِنُ الذي مات من البكاء على ابن له اعتقل ظلمًا، وكم أدرنا وُجُوهَنا عن أمٍ مَريضةٍ اختفى ابنُها قَسرًا وهو من يَعُولها وكم وكم…

واأسفاهُ على حَالِنا.. كم مِنا من فَقدَ إنسانِيتُه وانشغل بدنياه فتناسى دِينَه وأهملَ قضيتُه!

أصبحنا نرى عَلامات الأسى في وجُوهِنا ووجوه إخواننا المسلمينَ في كلِ البقاع تجاه تقاعسِ إخوانهم المسلمينَ عن نُصرَتِهم في زَمنٍ لمْ تَعد فيه «وامعتصِماه» كلمة كافية لتجهيزِ الجُيوش وإعْلان الحربِ والانتصار؛ وكَيفَ لا؟!

وأينَ المُسلِمُونَ مِنْ إسْلامِهم؟ وأينَ الحَاكِمُ المُعْتَصِمْ فِي عَالَمِنَا الإسْلامِي لِيَسْتَجِيب للنِداء؟!
بقلم : أحمد لبدة
المصدر: ساسة بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.