تاج الحافظين بالسودان.. تجربة تربوية جديرة بالاهتمام

علال عبد الله طالب الصف الثاني الثانوي، شارك لأول مرة في نهائيات الدورة المدرسية بالسودان في نسختها الأخيرة 2017م، ممثلًا لمدارس تاج الحافظين بولاية الخرطوم مع كوكبة من زملائه حفظة القرآن الكريم، في أول ظهور كبير لطلاب المسار الجديد في التعليم النظامي بالبلاد. يقول علال في رسالة نشرها على الفيسبوك: الدورة المدرسية عرس طلابي ثقافي اجتماعي رياضي متعدد الأغراض والأهداف، يجتمع فيه طلاب السودان، وكان لا بد من ظهور مشرف لطلاب تاج الحافظين في النسخة السادسة والعشرين للمسابقة.

وفي المدرسة القرآنية بقرية الشيخ طه (ريفي الحصاحيصا – وسط السودان) قبل أكثر من عشرين عامًا، بدأت تجربة الشيخ إبراهيم المكاشفي في ربط التعليم القرآني بمسار التعليم النظامي لتحقيق عدة أهداف من بينها تغيير نظرة المجتمع للخلوة القرآنية وطلاب الخلاوي وتقديمها كمؤسسة تعليمية أكثر فاعلية وإنتاجًا ورفدًا لمنظومة التعليم العام.

وفي مسعى من الشيخ إبراهيم – وهو عالم وأكاديمي معروف – لإنجاح التجربة عمد إلى تحديد سن القبول بالخلوة القرآنية للأطفال في سن التمدرس حسب نظم وزارة التعليم، ليبدأ التلميذ بتعلم القرآن الكريم وإتقان حفظه، ثم يلتحق بمرحلة تكميلية مدتها عام واحد للحاق بتلاميذ المرحلة الأساسية في المسار التعليمي التقليدي. وقد تطورت الفكرة فيما بعد بوتيرة متسارعة حيث أضيف عامٌ آخر للمرحلة التكميلية ووضعت مناهجها الدراسية من قبل الوزارة، ثم بلغ المشروع المرحلة الثانوية وفي العام الماضي افتتحت أكاديمية تاج الحافظين بالخرطوم.

وقد تعرفت عن قرب على تجربة مدارس الشيخ طه والتقيت بمؤسسها وبمدرسين وطلاب في مختلف مستوياتها. وكانت أول زيارة لي قبل سبع سنوات ثم تتالت زياراتي واتصالاتي بأسرة المدرسة وخريجيها. وفي إجابته عن سؤالنا حول المنهج الدراسي بتاج الحافظين، قال علال وهو من خريجي المدرسة ومشارك في الدورة المدرسية الجارية حاليًا: التحقنا بالمرحلة التكميلية بعد أن حفظنا القرآن لنكمل مرحلة الأساس في سنتين فقط مقسمة إلى أربعة مستويات، في المستوى الأول درسنا ما يوازي الفصول الثلاثة الأولى (الحلقة الأولى من التعليم الأساسي) وذلك في فترة مدتها خمسة أشهر ثم انتقلنا إلى المستوى الثاني ودرسنا فيه الصفين الرابع والخامس، ثم الثالث ودرسنا فيه مقررات الصفين السادس والسابع. وأخيرًا المستوى الرابع وجلسنا لامتحان شهادة التعليم الأساسي مع نظرائنا في المسار التقليدي. كل ذلك وفق منهج تم وضعه خصيصى لمدارس تاج الحافظين من قبل وزارة التربية والتعليم.

وكان للأستاذ أحمد الفششوية، وهو مسؤول تنفيذي في الحكومة الاتحادية، دور بارز في تبني المشروع وتطويره حسب المتابعين للتجربة. وكان لنشاطه الدؤوب وحركته المستمرة أثر كبير في انتشار المدارس الجديدة في أكثر من مدينة.

وفي سؤالي عن طبيعة المرحلة الثانوية بتاج الحافظين، قال علال: في المرحلة الثانوية يدرس الطالب مقررات الصف الأول في خمسة أشهر، ومثلها لمقررات الصف الثاني ليغتنم عامًا كاملًا، ثم ينتقل إلى الصف الثالث حسب ميوله الأكاديمية. ويكون قد درس المرحلة الثانوية في عامين فقط.

وفي مقال نشرته مجلة هواياتي الإلكترونية، كتب علال عبد الله شاكرًا مؤسسي تاج الحافظين: «نود أن نخصكم بالشكر – والشكر في حقكم نقصان – لكم يا من أضأتم لنا الطريق لنسير فيه بخطى ثابتة نحو مستقبل زاهر بإذن الله، ولا نستطيع التعبير عن امتناننا لكم، ليس بخلًا وكسلًا وإنما عجزًا وتقصيرًا».

ولا يزال علال في الصف الثاني بمدارس تاج الحافظين بمنطقة الكباشي بمحلية الخرطوم بحري، ويطمح إلى الدراسة في أكاديمية تاج الحافظين التي أنشئت مؤخرًا. يقول علال: تم إنشاء أكاديمية تاج الحافظين، وهي جامعة أنشئت خصيصى لخريجي مدارس تاج الحافظين وقد بدأت بثمانية تخصصات متنوعة للمساقين العلمي والأدبي.

على كلٍ، تبقى مدارس تاج الحافظين بحاجة إلى مزيد رعاية ومساندة، وتبقى التجربة جديرة بالتأمل والدراسة، ويبقى المجتمع مدينًا لصاحب الفكرة وفريق المشروع بالشكر والتقدير والتكريم.
المصدر:ساسة بوست

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.