تلميحات بمحاسبة وزير مجلس الوزراء مستقبلاً.. “كومون”.. المغادرة عبر مطار الخرطوم

(نقول شنو، لو قلنا فساد الحكومة بتزعل، الحاجة دي ما مشكلة بين برطم ومحمد الحسن الأمين مع شركة كومون، والبيان أثبت أن الشركة منحت تشغيل الصالات من غير عطاء، ما هي المبررات ولماذا؟ والقروش الزايدة كم؟ الشغلة دي ما مفروض تموت بأخوي وبأخوك، أدونا حقوقنا وقولوا لينا الفرق وين).

بهذه الكلمات ختم البرلماني حسن صباحي حديثه في مداولات ساخنة، كما طقس الخرطوم، بشأن تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بخروج شركة “كومون” للحلول المتكاملة من مطار الخرطوم.

وما بين مطالبات بإحالة الملف للنائب العام ومحاسبة المفسدين، خرج رئيس البرلمان ليهدد بسحب الثقة عن وزير مجلس الوزراء حال عدم تنفيذ القرار، وختمت الجلسة بإجازة مشروطة لبيان لجنتي النقل والتشريع والعدل حول قرار مجلس الوزراء رقم (201) لسنة 2015م.

قصة “كومون”

حازت شركة كومون المملوكة للقطاع الخاص، في العام 2010م على عقد تشغيل صالات مطار الخرطوم دون عطاء منشور (حسب تقرير برلماني)، وباشرت أعمالها في العام 2011، وفي العام 2013 وقعت الشركة عقداً إضافياً بعطاء نشر في الصحف اليومية لتحديث صالة المغادرة وباشرت التحديث في نوفمير 2014، إلا أن قراراً صدر من مجلس الوزراء في مايو 2015م قضى بخروج كومون من جميع صالات مطار الخرطوم قبل أن تكمل المتفق عليه في العقد الخاص بتحديث وتطوير صالة المغادرة، وفي مايو 2015م تمت تسوية بشأن العقد المبرم بين شركة مطارات السودان القابضة وشركة كومون حول إدارة تشغيل صالات المطار واعتبر الاتفاق نهائياً بين الطرفين.

البطل لا يموت

يعلم الجميع أن عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني، د. محمد الحسن الأمين، يُعتَبر مفجّر قضية “كومون” في المجلس الوطني في العام 2014م ويرجح أن تبنيه للقضية أدى إلى صدور قرار رئيس الجمهورية القاضي بخروج الشركة من تشغيل صالات مطار الخرطوم.

إلا أنه وعقب إصدار القرار والبطء المخيف الذي لازم تنفيذه والحملة الشرسة التي قادتها شركة كومون ضد الأمين عبر وسائل الإعلام حينذاك، أوحى بأن كومون كسبت القضية وهزمت الأمين. بيد أن الأخير قال: (البطل لا يموت).

ويبدو أن الأمين أراد أن يشرك معه آخرين في حربه ضد ممارسات كومون التي نفى أن يكون بينه وبين مديرها مشكلة شخصية، مشددًا على اكتفائه بلعب دوره كممثل للجهاز الرقابي على مؤسسات الدولة (البرلمان)، لذلك اعتبر ممارسات كومون مخالفة للقوانين “حد قوله”.

وفي العام 2016م، دفع البرلماني المستقل أبو القاسم برطم بسؤال لوزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر حول موقف تنفيذ قرار مجلسه رقم (201) القاضي بخروج كومون من المطار، سعد حينها دفع بمسوغات للبرلمان لبقاء الشركة، لكن أعضاء البرلمان رفضوا إجابة الأمير بحجة أنها غير مقنعة لهم وأحيلت الإجابة للجان المختصة لبحث الأمر.

استماع

في جلسة البرلمان يوم أمس (الثلاثاء) دفعت لجنتا النقل والمواصلات، والتشريع والعدل بتقريرهما حول موقف تنفيذ القرار رقم (201)، وخلصتا في التقرير إلى أن كومون سلمت جميع صالات المطار وآخر صالة سلمت بتاريخ الأول من أبريل الماضي.

ولاحظت اللجنتان أن تنفيذ القرار استغرق أكثر من عام ونصف، وأن هنالك زيادة في الرسوم بالرغم من التوقيع عليها مسبقاً في العقود الأولى، وهذا يعتبر مخالفة للائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، وأكدت اللجنتان أنهما ستتابعان كل ما ذُكر من مخالفات سابقاً بشأن تنفيذ القرار، وشدّدت اللجنتان على ضرورة اتباع الإجراءات المالية والقانونية لإبرام العقود ومتابعة الشركات وخدماتها، على أن تتضمن العقود شروطاً جزائية حفظاً لحقوق كل الأطراف، وقال رئيس لجنة النقل: (ثبت أن هنالك ضعفاً في عقود شركة المطارات القابضة).

من الشباك

قالت عضو البرلمان نسمات إبراهيم إن المشكلة ليست مع كومون بل مع سلطة الطيران المدني والمؤسسات التي أنشأتها، وقالت إن ثلاثة أرباع العقود الموقعة مع شركة كومون لم تتم عبر عطاء منشور في الصحف، بل تمت بصورة مباشرة، مشيرةً إلى أن كومون سلمت مبلغ (15) ملياراً كتسوية دون وجه حق نظير إبعادها من المطار، وقالت نسمات إن الشركة التي عقبت كومون في إدارة صالات مطار الخرطوم التي تسمى (ساس) تملك كومون (40%) من أرباحها مما يعني أن (كومون خرجت بالباب ودخلت بالشباك)، وطالبت بسمات خلال مداولات النواب أمس بخروج كومون من مطار الخرطوم بصورة فورية، وشددت على إعادة مبلغ الـ(15) ملياراً لخزينة الدولة ومحاسبة المتسببين في إهدار المال العام وتحويل ملف القضية للنيابة.

التحويل للنيابة

في ذات الاتجاه الذي ذهبت إليه نسمات بتحويل ملف “كومون” إلى النيابة للتحقيق في القضية ومحاسبة المتسببين في إهدار المال العام، ذهب برلمانيون كثر إلى ضرورة إحالة الملف للنيابة للبت فيه ومحاسبة المفسدين، وطالب البرلماني المستقل د. أحمد صباح الخير بإحالة القضية للنيابة لإعادة المال العام للخزينة العامة، قبل أن يشير إلى أن قضية “كومون” (فيها رائحة فساد)، ذلك لأن العقد لم يتم وفقاً لعطاء، وقال: (نحن مع المحاسبة وليس مع عفا الله عما سلف).

مرافعة سبدرات

المحامي الشهير ووزير العدل الأسبق عبد الباسط سبدرات أظنه ارتدى لبوس المحاماة ودافع عن كومون وقرار مجلس الوزراء بالرقم (201)، ومما قاله: (رئيس الجمهورية أصدر على الأقل قرارين في قضية كومون، والبرلمان السابق ناقش هذه القضية في العام 2014م وأحال القضية لمجلس الوزراء والمجلس قال إن العطاءات التي استلمت على إثرها كومون صالات المطار صحيحة وإن الشركة لديها استحقاقات يجب أن تأخذها، وصدر قرار آخر أن يتم تكوين شركة جديدة تساهم فيها جهات معنية لإدارة صالات مطار الخرطوم).

وواصل سبدرات مرافعته بالبرلمان، وقال: إن وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر قال العام الماضي خلال سؤاله عن تنفيذ القرار (201) لمجلسه، إن العطاءات سليمة، لذلك كيف لجنة النقل بالبرلمان تقول إن العطاءات غير سليمة، السؤال هل مجلس الوزراء يزوّر ويقول إن العطاءات سليمة، هذا طعن في قرارات مجلس الوزراء، على لجنة النقل إثبات أن العطاء غير سليم.

وحاول سبدرات الرد على حديث النواب حول زيادة كومون رسوم الصالات، وقال: (القضية قضية ناس عندهم قروش دايرين خدمة خاصة).

الأمين يرد

عقب انتهاء مرافعة سبدرات، أراد المحامي الآخر البرلماني محمد الحسن الأمين الذي يتبنى قضية “كومون” الرد على مرافعة زميله سبدرات، وكأنه أراد أن يخاطبه شخصياً عندما تلى في بداية مداخلته قوله تعالى: (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) مواصلاً حديثه بأن رئيس الجمهورية يملك حق إصدار القرارات وهو لا يكذب ومجلس الوزراء يقع تحت سلطاته، مشيراً إلى أن كومون وقعت العقد وحددت رسوم الصالات بـ(400) جنيه للجهات غير الحكومية و(250) جنيهاً للجهات الحكومية والمسؤولين، وهنالك قانون يحكم هذا الأمر لكن الشركة قامت بزيادة الرسوم إلى حوالي (600 أو 700) جنيه، وقال الأمين إن كومون وقعت عقد تحديث صالة المغادرة به (69) شرطاً لكنها لم تنفذ شرطاً واحداً، ووقعت العقد الأول بقيمة 7 مليارات جنيه مقابل عملها في المطار وتحصلت بموجبه مبلغ (700) مليار جنيه من المطار، مطالباً بتحويل ملف القضية للنائب العام.

وقال الأمين في تصريحات للصحفيين، إن شركة “ساس” التي تدير صالات المطار حالياً تعتبر واجهة لكومون مضيفاً: أتحدى وزارة مجلس الوزراء أو شركة المطارات القابضة في إثبات تكوين شركة (ساس) وأسماء المؤسسين لها، لأنهم في الحقيقة هم الأشخاص مالكو كومون بالرغم من وجود قانون الإئتمان المصرفي الذي يمنع استخدام أقرباء بمن فيهم الزوجة والأبناء في تسجيل الشركات والحسابات بالبنوك.

مجلس الوزراء يعلق

رد وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر على مداولات النواب بالقول إن كومون دخلت بعطاء وليس تعاقداً مباشراً، وقال إن تأخر تنفيذ القرار رقم (201) يعود للإجراءات الإدارية والقانونية والخدمية، وقرار رئيس الجمهورية تحدث عن التسوية وليس التعويض، مشيراً إلى أن الشركة التي تدير المطار حالياً (ساس) كونت بواسطة وزارة الدفاع وليست لها علاقة بكومون، وقال أحمد سعد رداً على محمد الحسن الأمين: (سوف نثبت لهم أن شركة ساس ليست لها علاقة بشركة كومون، وأن كومون لم تخرج بالباب ودخلت بالشباك).

إجازة مشروطة

قبل إجازة تقرير لجنتي النقل والتشريع والعدل حول إجابة وزير مجلس الوزراء عن موقف تنفيذ قرار المجلس رقم (201) الخاص بخروج كومون من مطار الخرطوم، قال رئيس البرلمان بروفسور إبراهيم أحمد عمر: (نحن سنجيز هذا التقرير لكن دايرين نعرف بأن اللجنتين تتابعان القضية للتأكيد على خروج كومون من المطار، وهل هنالك رسوم إضافية فرضت وما هو مصيرها إذا فرضت بصورة غير شرعية)، لذلك عمل اللجنة مع الوزير لم ينته بعد ولابد من تقدم اللجنتين ببيان آخر يتم توضيح فيه هذه الأمور، وإذا وجدوا أن ما أثير صحيح والوزير المعني لم يقم بدروه تجاه هذه القضية حينها سوف يكون لنا رأي مع وزير مجلس الوزراء، الأمر الذي يعتبر تلميحاً بإجراءات محاسبية قد تصل إلى سحب الثقة من وزير مجلس الوزراء حال التأكد من عدم خروج كومون من المطار وفرضها رسوماً بصورة غير شرعية، وأجاز البرلمان بالأغلبية بيان اللجنة شريطة أن تقدم بياناً آخر توضح فيه القضايا التي إشار إليها رئيس البرلمان آنفاً.
صابر حامد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.