الفيديو الفضيحة لمركز السودان للقلب!

أحزنني أن يندفع مركز طبي معروف في السودان، وهو (مركز السودان للقلب) للمشاركة في الحملة بغباء وجهل، بفيديو منثور على وسائل التواصل الاجتماعى يصور (تقني أو فني مختبرات طبية) داخل معمل المختبرات في المركز المرموق، يحمل بين يديه نصف برتقالة يوجد في وسطها إحمرار، ويتحدث بان أحد زملائه اشتراها من السوق وأحضرها إليه لفحصها ومعرفة ما فيها، ولقد تأكد بعد الفحص أن الاحمرار ما هو إلا (دم) يحمل فيروس الكبد الوبائي (B ) أو ) C ( الذي يسبب إلتهاب الكبد الوبائي، ثم يحذر المواطنين من أكل البرتقال، خاصة الواردة إلينا الخارج!! ….. جاهلاً لا يعرف أن الفيروس لا يعيش طويلاً داخل البرتقالة (سويعات)، وأنه لا ينتقل للإنسان عبر الأكل أو الشرب، فهل يجهل المركز ومختبره الطبي هذه المعلومات حتى يروجان لمعلومات مضحكة وضارة تثير الرعب في المجتمع، وتشمت فينا الأعداء؟!
* قد يكون مفهوماً أن نتداعى للدفاع عن أنفسنا في وجه الهجمة الإعلامية المصرية الشرسة على بلادنا وحضارتنا وكرامتنا، بل هو فرض عين وواجب وطني على كل فرد منا، ولقد أجاد الكثيرون في الرد على ترهات وسخافات المصريين الذين ناصبونا العداء ووجهوا إلينا سهام حقدهم ومركب نقصهم، في الأيام الماضية، ولا يزالون!!
* ولكن أن تنزلق حملتنا الشريفة في الدفاع عن أنفسنا وبلادنا وضيوفنا الى المهاترات والاساءات والسباب، فهو ما يضعنا في مكان واحد مع الذين اساؤوا إلينا، وهو ما لا نريده لأنفسنا، ولا تريده الشعوب الأخرى التي تحبنا، فنحن أرفع وأكرم من ذلك بكثير!!

* غير أن البعض إندفع وراء الحماس، وخرج عن السياق، وأعطى الذين يعادوننا الفرصة في الكيل لنا بالأساليب الرخيصة التي يجيدونها، ولا أريد هنا أن أخوض في ذلك، ولكن أحزنني أن يندفع مركز طبي معروف في السودان، وهو (مركز السودان للقلب) للمشاركة في الحملة بغباء وجهل، بفيديو منثور على وسائل التواصل الاجتماعى يصور (تقني أو فني مختبرات طبية) داخل معمل المختبرات في المركز المرموق، يحمل بين يديه نصف برتقالة يوجد في وسطها إحمرار، ويتحدث بان أحد زملائه اشتراها من السوق وأحضرها إليه لفحصها ومعرفة ما فيها، ولقد تأكد بعد الفحص أن الاحمرار ما هو إلا (دم) يحمل فيروس الكبد الوبائي (B ) أو ) C ( الذي يسبب إلتهاب الكبد الوبائي، ثم يحذر المواطنين من أكل البرتقال، خاصة الواردة إلينا الخارج!!
* إستغربت كيف يخرج هذا الفيديو من مركز السودان للقلب، بدون أن ينفي المركز ذلك، أو يدينه، ويعاقب المتسبب فيه، فكل المعلومات الواردة فيه تنبئ عن جهل فاضح ومخجل عن أنواع وطرق انتشار وانتقال التهاب الكبد بالوبائي بأنواعه المختلفة، والأوساط الملائمة لحياته!!
* المعروف أن فيروسات الكبد الوبائي ستة أنوع هي (A ،B،C،D،E و G ) والأخير (G ) لم يتم التيقن منه بعد، وكلها تسبب التهاب الكبد الوبائي الحاد، وأكثرها انتشاراً هي الثلاثة الاولى ( A،B،C )، كما يسبب فيروسا (B و C ) نوعا من الالتهاب المزمن قد لا تظهر اعراضه الا في وقت متأخر!!
* لا أريد هنا أن أزعج القارئ بمعلومات طبية كثيرة تربكه وتبعده عن مضمون المقال، ولكن أريد القول أن طرق انتشار وانتقال هذه الفيروسات تختلف عن بعضها البعض، ولم يقطع العلم بعد في طرق انتشار وانتقال بعضها، ولكن المؤكد أن فيروس A ينتقل للانسان عن طريق تلوث الأكل والشرب (ببراز شخص ملوث بالفيروس، مثلاً)، بينما ينتقل فيروس B عن طريق نقل الدم والإبر الملوثة، وأدوات الحلاقة والأسنان الملوثة والاحتكاك بجروح أو دم ملوث، والإتصال الجنسى حيث يوجد الفيروس في الإفرازات الجنسية، ومن الأم للجنين أثناء الولادة، ويرجح العلماء أن فيروس C ينتقل بنفس هذه الطرق!!
* إذن فالفيروس الذي يمكن أن يعدي عن طريق الأكل والشرب هو فيروس A، وليس B أو C، ويمكن لبراز شخص مصاب بالفيروس (أو ماء مجاري ملوثة)، أو يد ملوثة بالبراز، أن تلوث الخضروات وبعض الفواكة مثل الفراولة، ويستطيع الفيروس أن يعيش في التربة والماء لمدة أربعة أشهر، ولكن بشرط ألا تزيد درجة الحرارة عن 25 درجة مئوية، وكلما زادت درجة الحرارة قلت فرصته في الحياة، وهو مثل أي فيروس لآخر، لا يتكاثر خارج جسم الكائن الحي!!
* كما يمكن للفيروس أن يتنتقل للإنسان عبر عصير مخلوط بماء ملوث، مثل عصير البرتقال (مثلاً) ولكن ليس عن طريق أكل ثمرة برتقال، لأن الفيروس لا يمكنه الانتقال الى داخل ثمرة البرتقال بسبب القشرة، وحتى لو نقل إليها بواسطة إبرة مثلاً، فهو لا يستطيع العيش سوى ساعات قلائل لارتفاع درجة حموضة البرتقالة التي تعادل ما بين 3 – 4، وهى درجة حموضة مرتفعة، ولقد أثبت العلم أن الفيروس لا يستطيع مقاومة درجة حموضة تبلغ 1 سوى ساعتين فقط، وللعلم فإن 1 اعلى حموضة من 3، فدرجة الحموضة تقل كلما انتقلنا الى أعلى في مقياس الحموضة الى أن نصل الى درجة التعادل (لا حامض ولا قلوي) وهو الرقم (7 ) كما في الماء مثلاً، بينما الدم حوالي ( 7.4 ) !!
* هب أن الشخص المريض نفسياً أو المعادي للسودان الذي تمكن من حقن 4 طن اوحتى 400 برتقالة بدم ملوث بفيروس إلتهاب الكبد الوبائي (B ) أو (C )، كما اكتشف مختبر مركز السودان للقلب، كان جاهلاً لا يعرف أن الفيروس لا يعيش طويلاً داخل البرتقالة (سويعات)، وأنه لا ينتقل للإنسان عبر الأكل أو الشرب، فهل يجهل المركز ومختبره الطبي هذه المعلومات حتى يروجان لمعلومات مضحكة وضارة تثير الرعب في المجتمع، وتشمت فينا الأعداء؟!
زهير السراج

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.