ظل قريباً من البشير منذ قيام الإنقاذ بكري حسن صالح.. ضابط المظلات هل يهبط في رئاسة الوزراة؟

(15) ضابطاً قادوا مع الإسلاميين سفين (ثورة الإنقاذ الوطني) إلى شط الحكم في السودان العام 1989م، فيما يتوزع رجالات المجلس اليوم بين من اختار التواري، ومن قضى نحبه، ومن بدَّل بانضمامه لحزب المؤتمر الشعبي بعد مفاصلة الاسلامييين الشهيرة في العام 1999م.

وبالفعل حين انحسرت المياه عن سفين الإنقاذ بعدما مخرت في بحر الزمن (27) فرسخاً، لم يتبقَّ من ركب الـ (15) الواصلين للسلطة بصندوق الذخيرة، سوى رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، ونائبه الأول، الفريق أول ركن، بكري حسن صالح.

وتكفي تلك الرفقة الطويلة الممتدة لعقود، بين ضابطي المظلات، لتجعل من بكري ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا من مجلس الثورة، رافعة من حظوظه في الهبوط على منصب رئيس الوزراء، قبيل كافة المتنافسين.

كاتم السر

يحلو لوسائل الإعلام، وصف بكري حسن صالح، بأنه ذلك المحب للتولي إلى الظل الإعلامي، حتى بعد ما سقا الإنقاذ (27) من سنوات عمره. صحيح تلك صفة حقيقه به، ولكن الصفة الأهم التي ينبغي إيرادها متى كان الحديث عن النائب الأول، هي أنه أقرب الناس إلى الرئيس البشير، ومحل ثقته، بل والصندوق الأسود الذي يحوي كل أسرار الإنقاذ، ويستحيل فك شفرته يوماً.

وحط بكري حسن صالح في الكلية الحربية، ضمن ضباط الدفعة (24)، وبعد قضائه سني الكلية تخرج برتبة الملازم مطلع العام 1973م، وجرى تنسيبه لسلاح المظلات، وهناك التقى بالنقيب، وقتذاك عمر البشير، ومنذ ذلك الحين تلازم الملازم والنقيب، لحد أن كل شئ ابتدأه البشير فخبره عند بكري وليس أحد سواه.

وفي سلاح المظلات، تلقى بكري جميع الدورات، سواء تلك التي في البلاد أو المتاحة بمصر والسعودية والعراق. ونال كل الأوسمة والأنواط، ثم أضاف لذلك تحوله إلى ضابط صاعقة، وهو مما يفاخر به ضابط الجيش كثيراً، فكيف إن أتم ذلك بقيادة القوات الخاصة، التي أعقبها بكلية القادة والأركان التي تعد بمثابة الشهادة على اكتمال العقل العسكري، بعد اكتمال البناء الجسماني.

ومما يعرف عن بكري حسن صالح، كذلك، أنه من مواليد (حفير مشو) بالإقليم الشمالي في العام 1949م، وهناك تحديداً درس المرحلة الأولية، فالثانوية بـ (البرقيق)، ولمّا فضل زملاؤه طريق (الأفندية) اختار، فارع الطول والقوام، الالتحاق بالكلية الحربية في الدفعة التي نالت شهرتها من كثير رموزها وكبير منتسبيها، الدفعة (24).

الرجل الصالح

لعب بكري على الدوام دور الرجل الصالح للإنقاذ، فهو ركنٌ ركين في انقلاب 1989م، وعلى أيامها الأول كان أحد أهم العناصر التي أحبطت انقلاب رمضان العام 1990م، وبعد (9) مواسم رمضانية وتحديداً في رمضان العام 1999م كان من ضمن العشرة الذين فاصلوا الإسلاميين وأزحوا عرّابهم الراحل د. حسن الترابي لصالح سليل رفيق السلاح المشير البشير.

وفي المناصب، حاز بكري على مناصب غاية في الأهمية، وذلك رغماً عن وصول فلاشات الإعلام نواحيه في العام 2013م عقب حلوله محل علي عثمان طه في منصب النائب الأول.

وطبقاً لسيرته من موقع رئاسة الجمهورية، فبكري صالح هو نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع بمجلس قيادة الثورة، فرئيس جهاز الأمن القومي (1990-1995م)، فرئيس لجنة السلام بجنوب كردفان، فمستشار رئيس الجمهورية للأمن القومي، فوزيراً للداخلية (1995- 1998م)، فوزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية (1998-2000م)، فوزيراً للدفاع (2000- 2005م)، فوزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية (2005- 2013م).

ومما يلاحظ في هذه المسيرة هو أن الفريق أول ركن، بكري حسن صالح، قد جمع بين (الدفاع، الداخلية، الأمن) ما يشي بأننا أمام رجل من طراز مخابراتي رفيع.

لكن مع هذه المسيرة العسكرية المميزة، لا يمكن القول إن بكري بعيد عن ملفات السياسة، فقد ظل الجنرال يضع في جيبه الخلفي بطاقة المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني بجانب بطاقة نائب الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان.

شجاعة وذكاء

ينبه العميد بحري (م) صلاح الدين كرار، وهو من اللصقاء ببكري حسن صالح في كثير من المحطات المهمة، إلى أن بكري يمتاز بذكاء شديد، وقدرة كبيرة على الاستماع والتحليل والتلخيص، مع بساطة ومحبة في التقرب من الناس حد كراهية ضرب حراسات حول شخصه، زد على ذلك تأصُّل الشجاعة فيه. ويقول كرار في حديثه مع (الصيحة) إنه في سني الإنقاذ الأولى، حيث كثرت المحاولات الانقلابية ضدهم، كان بكري والراحل إبراهيم شمس الدين في طليعة من يتصدى لهذه المحاولات.

وعن مسيرته السياسية، يؤكد كرار خلو سجلات بكري من التصريحات المتعصبة والمستفزة والمسيئة التي كثيراً ما يضطر إليها قادة المؤتمر الوطني بحكم طبيعة مناصبهم وطبيعة السياسة التي تتطلب الكر والفر. وفي الصدد ذهب كرار إلى أن أي محاولات لحشر نائب الرئيس البشير في المؤتمر الوطني بخانة الانتماء الضيقة، ستبوء، لا محالة، بالفشل، مستدلاً بعدم حراك الرجل –على الأقل في مستوى التصريحات- في صفوف الحركة الإسلامية، مشدداً على أن نجاحه مضمون ومؤكد متى آل إليه منصب يتطلب قيادة جماهيرية متعددة الانتماءات.

ويختم كرار فصل السياسة عن بكري حسن صالح بالقول إنه يجد قبولاً من القوى السياسية بسبب كل تلك الصفات عاليه، زد على ذلك انتماءه للمؤسسة العسكرية.

وعن حظوظه في المنصب يقول كرار، إن شغل بكري حسن صالح لمنصب النائب الأول، وإنابته عن الرئيس متى سافر في مهمة بكلٍّ من القصر ومجلس الوزراء والحزب، امور تجعل من (ضابط المظلات) أقرب الناس إلى المنصب، فما بالكم إن كان الرئيس يعتبره أكثر الناس تأهيلاً لشغل منصب صديقه ورفيقه وذراعه اليمنى، الراحل الزبير محمد صالح.
مقداد خالد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.