أشهرهم الترابي وآخرهم حسن مكي حرمان السياسيين من التأشيرة.. تصفية الحسابات المؤجلة

قلّب موظف السفارة التركية في العاصمة السودانية الخرطوم، أكثر من مرة، صفحات جواز السفر السوداني المقدم باسم حسن مكي، ويطلب صاحبه تأشيرة دخول للأراضي التركية. وبعد وقفة استغرقت هنيهات في الاسم، أعقبتها مشاورات، قرّر الموظف إعادة الجواز إلى صاحبه، والذي هو بالمناسبة الباحث في الشؤون الإفريقية، وأستاذ العلوم السياسية المعروف بجامعة إفريقيا العالمية، مع اعتذار مهذب بأن تركيا لا تستطيع منح خاتمها لبروفيسور حسن مكي.

وفتحت الحادثة التي أوردتها (الصيحة) الباب لإعادة الجدل حول حجْب التأشيرة عن بعض الرموز السودانية من قبل سفارات عواصم عالمية رابضة في الخرطوم، وتساؤلاً مفخخاً من شاكلة: هل يجوز تسييس تأشيرات الدخول؟

حادثة مكي

مؤكد، سنبتدر حوادث حجب التأشيرة بحادثة بروفيسور حسن مكي، الذي تذهب الآراء إلى أن السبب في حرمانه من تأشيرة أنقرة، مرده لما يشاع عن مؤازرته لرجل الدين التركي، فتح الله غولن، المتهم بتدبير محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويستند الذاهبون إلى هذا الرأي على اتهام سابق وجهه رئيس جمعية الصداقة السودانية التركية د. الفاتح علي حسنين، في إحدى الندوات بحق مكي، الذي قال إنه مساند لغولن.

يومذاك سارع مكي إلى نفي الأمر، واليوم وها هو جدده في حديثه مع (الصيحة)، بالقول إن ما حدث مجرد سوء تفاهم استدعى اعتذار السفارة التركية عن منحه تأشيرة دخول لأراضيها للمشاركة في مؤتمر عمل، نافياً أن يكون للأمر أبعاد سياسية.

الموقف من مصر

فقط، بذهاب الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، تمكَّن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، الراحل د. حسن عبد الله الترابي، من دخول الأراضي المصرية.

ولعقود ظلت مصر بحق (محروسة) للحيلولة دون دخول عرّاب الإسلاميين لأراضيها، حد أن نائبه إبراهيم السنوسي تم توقيفه وإبعاده من مطار القاهرة بسبب الشبه الكبير بينه والترابي.

وظل نظام مبارك، يتهم الترابي بالوقوف وراء محاولة اغتيال حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا العام 1995م، ثم إن عداء القاهرة المستحكم ضد جماعة الإخوان المسلمين، يجعلها دوماً في محل شك وريبة تجاه كل رموزهم سواء في الداخل المصري أو ضمن المنظومة الدولية للإخوان.

وبعد زيارة تاريخية للقاهرة إبان حقبة الرئيس محمد مرسي، الذي تعترض المجموعات الإسلامية في السودان على إلحاق صفة المخلوع باسمه، والإصرار على أن ما جرى له انقلاب كامل الأركان، يبدو أن الطريق المصري انسد ثانية في وجوه قادة الشعبي، من المعترضين على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتالي لم يحدث وأن اختبروا أمر دخول مصر، باعتباره أمراً محسوماً سلفاً.

يونس واليمّ

من أشهر حالات إغلاق الحدود، ما جرى لعضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، المقدم وقتذاك، يونس محمود. محمود كان يهاجم بقسوة، من منصة الإذاعة، المملكة العربية السعودية، ويُظهِر تأييداً لموقف الرئيس العراقي صدام حسين الذي، أقدم على اجتياح دولة الكويت، وعلى إثر هذه المواقف تحول المقدم إلى تحول دون إلى أحد الممنوعين من دخول إلى الاراضي السعودية.

وتلك صفحة انطوت، بعد تحوُّل الخرطوم إلى المحور الخليجي بعد عاصفة الحزم، ومبارحتها للمحور (الإيراني)، الأمر الذي قد يكون أتاح فرصة جديدة لـ(يونس محمود) لدخول أرض الحرمين، ولو حاجّاً.

تحدٍّ

قال الرئيس، عمر البشير، في أكثر من مناسبة، إنه حيل بينه وبين دخول الولايات المتحدة الأمريكية، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعدما رفضت سفارة واشنطون بالخرطوم منحه تأشيرة دخول. وتتذرَّع واشنطون في رفضها بدعاوى تتصل بأوضاع الحرب والسلام في السودان، وبمذكرات التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية.

ويشير الرئيس البشير إلى جاهزيته بتحدي قرارات المحكمة، وقطع المحيط الأطلسي، وصولاً إلى الأراضي الأمريكية متى وضعت تأشيرة دخول تخول له ذلك الأمر.

حقوق وواجبات

لماذا تغلق دولة حدودها في وجه مسؤول من دولة ثانية؟ سؤال أحلناه للمختص في الشؤون الدبلوماسية السفير الرشيد أبوشامة، الذي قال لـ(الصيحة) إن من حق الدول حجب تأشيرتها (الفيزا) لسياسين ورجالات مجتمع سواء لأسباب سياسية أو أمنية، فيما للممنوع، الاستفسار عن الأسباب التي دعت إلى رفض منحه تأشيرة الدخول.

وتعليقاً على موقف واشنطون من الرئيس البشير، يقول أبوشامة إن الولايات المتحدة تستند في قرارها على أسباب ودواعٍ سياسية، استدعت من السودان أن يتعامل بالمثل عندما رفضت منح المبعوث الأمريكي لدولتي السودان وجنوب السودان السفير دونالد بوث تأشيرة دخول للسودان، مشيراً إلى أن توتر العلاقات وحوداث الطرد قد تقود إلى القطيعة وطرد السفراء باعتبارهم شخصيات غير مرغوب فيها.
الهضيبي يس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.