توقُّعات بوصول وجوه جديدة لمؤسسة الرئاسة .. الحكومة الجديدة.. نافذون في صالة المغادرة

أيام فقط تفصلنا عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني في العاشر من يناير الجاري. وبدأت حمى الترشيحات تطفو على السطح بقوة. وتعج الوسائط بعشرات القوائم التي تحمل أسماء أشخاص قيل إنهم التحقوا بركب التوليفة الحكومية المقبلة.

ولم تكن الصحف بعيدة عن هذه الأجواء، حيث وصلت الترشيحات إلى كثير من صفحاتها، تارة منزوعة من مصادر في مطبخ القرار، وتارة أخرى مدفوعة بأمنيات مطلقي الترشيح في لحاق أفراد بقطار حكومة الوفاق الوطني .

رشح إسفيري

منذ انتهاء النقاشات في أروقة الحوار الوطني، وإجازة التوصيات، بدأت حمى الترشيحات لحكومة الوفاق الوطني تملأ الأسافير التي اندلقت فيها عشرات القوائم التي تضم كشوفاً بالوزراء وولاة الولايات القادمين، رغم أن كثيراً من القوائم عجزت عن الاستواء على سوقها مرات بفعل الغرابة البائنة، وأحايين من جراء الأخطاء في بعض الأسماء، لكن مع ذلك كانت القوائم تجد حظها من التشريح والتحليل الأسفيري لدرجة يخيل لك أن ما تراه الحقيقة بعينه رغم الخطل الواضح في القائمة.

ترشيحات إعلامية

مع اقتراب العد التنازلي لإعلان حكومة الوفاق الوطني بدأت بعض التسريبات تصل إلى الصحف عن شكل وملامح الحكومة المقبلة، حيث تناولت بعض الصحف أبرز الأسماء المغادرة على رأسهم مساعدا رئيس الجمهورية إبراهيم محمود وجلال الدقير، مع دخول أحزاب أخرى في المشهد الحكومي، وربما تزداد وتيرة الترشيحات في الأيام القادمة وربما يدفع بعض الطامحين في السلطة بأسمائهم ضمن كشوف المرشحين لالتهام جزء من كعكة السلطة .

مؤشرات أولية

من أبرز المؤشرات التي تؤكد قرب إعلان أجل الحكومة القادمة هو مطالبة رئيس الجمهورية للوزراء برفع تقارير عن إدائهم السنوي، ومن ثم تقييم أدائهم، ومن بعد تحديد الأصلح بالبقاء، ومن يستحق المغادرة.

وعلمت (الصيحة) أن عدداً مقدراً من الوزراء قاموا برفع تقارير أدائهم إلى رئيس الجمهورية، في مقدمتهم وزير الصحة بحر إدريس أبوقردة، وزير الإعلام أحمد بلال عثمان، ووزيرة الاتصالات تهاني عبد الله .

جدلية المشاركة

في ذات الصعيد، تسعى الحكومة لإشراك قطاع عريض من القوى السياسية في حكومة الوفاق الوطني لإدارة المرحلة القادمة، وتشير التسريبات لجهود كبيرة تبذلها الحكومة لإقناع بعض الممانعين للمشاركة في حكومة الوفاق خاصه حزب المؤتمر الشعبي الذي يتمترس حول موقفه السابق المتمثل في عدم المشاركة في الحكومة، وللشعبي عدة مبررات في عدم المشاركة أبرزها إتاحة الفرصه للقوى السياسية الأخرى وعدم الظهور في ثوب المتهافت على كيكة السلطة .

تقليص ورشاقة

في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد مؤخراً، سرت مطالبات بضرورة تقليص الإنفاق الحكومي لمجابهة الأوضاع الاقتصادية. وطبقاً لهذه المطالبات تسعى الجهات الحكومية إلى تفادي الترهّل الحكومي والتوافق على حكومة رشيقة خاصة في الجهاز التنفيذي، والاكتفاء بمنح بعض المشاركين مقاعد في الجهاز التشريعي القومي والولائي. وتشير التسريبات لتقليص حصة الأحزاب الاتحادية وسحب منصب مساعد الرئيس منها حيث من المتوقع أن يخرج جلال الدقير ومحمد الحسن الميرغني من القصر في إطار تقليص الإنفاق الحكومي .

حصة الوطني

في خطابه ليلة الاستقلال، أشار الرئيس عمر البشير لشروعهم في مشاورات لتكوين الحكومة الجديدة، معلناً أن الحكومة القادمة ستكون من الكفاءات. وبناءً على حديث الرئيس فإن مداولات مكثفة قيل إنها تدور في أروقة حزب المؤتمر الوطني الحاكم لاختيار الأجدر بالمشاركة في الحكومة المقبلة.

وفي ذات الصعيد، أشار مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود في وقت سابق إلى أن الوطني ستكون حصته 50% من كيكة السلطة. حديث محمود بدا غير مهضوم لكثيرين خاصة مع حديثه بأن منصب رئيس الوزراء ذاهب إلى حزب الأغلبية الذي لا تنتطح عنزان في أنه المؤتمر الوطني، الذي عبرت أحزاب محاورة من خشيتها باستئثاره بجل المناصب التي يفرزها الحوار.

يقال أيضاً، إن ثمة مطالب داخل ردهات الحوار الوطني تنادي بأن تكون أوزان الأحزاب المشاركة في الحكومة صفرية، بمعنى أن يتساوى الوطني مع أقرانه في السلطة. فيما نحت مطالبات أخرى أن يكون نصيب الوطني في السلطة 30% فقط.

عن ذلك، توقع المحلل السياسي د. الرشيد محمد إبراهيم، أن يُقدِم الوطني على تنازلات كبرى في الحكومة الجديدة، متوقعاً في ذات الوقت أن يتم تخفيض حصة أحزاب الوحدة الوطنية في السلطة وإفساح المجال لأحزاب الحوار. وقال الرشيد لـ (الصيحة) إن الوطني سيتنازل عن جزء من السلطة وهذا أمر جيد يستحق الإشادة عليه.

في المقابل نفى القيادي بالمؤتمر الوطني أُبي عز الدين أن يكون هنالك تخفيض في الهيكل الحكومي. وقال أبي بصورة مقتضبة لا يمكن تقليص الحكومة في الوقت الراهن .

وذهب أُبي عميقاً في تحليله بالإشارة إلى أنه من الصعب جداً في دول العالم الثالث أن تطبق النظريات السياسية كإطار جامد، مذكراً بأن السودان يعاني من التشظي السياسي والتنافس القبلي، ليخلص إلى أن تكلفة هذا التشظي باهظة وأكبر من تكلفة إضافة عدد من الوزراء، الذين يمكن تقليض أعدادهم متى استقرت الأحوال.

حكومة كفاءات

الرئيس البشير في خطابه ليلة الاستقلال، أشار إلى أن الحكومة الجديدة ستكون من الكفاءات، وطبقاً لحديث البشير، تشير المصادر إلى أن الوطني بدأ تمحيص الأسماء التي يمكن أن يدفع بها في الفترة المقبلة خاصة من الفئة الشبابية التي يبرز فيها اسم جمال محمود كمرشح لمنصب مساعد رئيس الجمهورية على أن يتم الدفع بإبراهيم محمود لمنصب وزير التعاون الدولي وترشيح حامد ممتاز وزير لرئاسة مجلس الوزراء.

وعلى صعيد الولايات، وبحسب ما أوردت مراصد صحفية، فإن تغييرات طفيفة ربما تطرأ على الولاة ويرجح أن يتم تعيين والي النيل الأبيض عبد الحميد موسى كاشا في أحد المواقع الوزارية، على أن يذهب حسب الله صالح والياً للبحر الأحمر مع عودة عبد الحليم المتعافي لولاية الخرطوم، وتحويل الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين لمنصب مستشار رئيس الجمهورية .

مدارج الهبوط والمغادرة

من المتوقع أن تضم الحكومة القادمة وجوهاً جديدة من قوى المعارضة المحاورة ومن المتوقع أن يغادر جزء من أحزاب الوحدة الوطنية مقاعدهم الوزارية وإفساح المجال للقادمين الجدد، وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي الرشيد إبراهيم بالقول: المساحة في الحكومة القادمة ستكون للأحزاب المحاوِرة، وستغادر “الديسك” الحكومي بعض أحزاب الوحدة الوطنية، منها المؤتمر الوطني الذي سيتنازل عن جزء كبير من حصته في السلطة.

في السياق تشير مصادر إلى مشاورات تدور بين الحزب الحاكم وبعض شركائه في السللطة بغية إقناعهم بالتنازل عن جزء من مواقعهم، بالتالي بات في حكم المؤكد مغادرة الدقير القصر الجمهوري، وكذلك بات بقاء الحسن في القصر مرهوناً بالتنازل عن إحدى الحقائب الوزارية التي يشغلها حزبه الاتحادي الأصل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.