السودان يستورد ألعاباً نارية بـ12 مليون دولار اقتصاديون يؤكدون أنها تبذير متعمد لموارد النقد الأجنبي

من المنتظر أن تسن إدارة الجمارك السودانية قراراً يمنع استيراد الألعاب النارية والمفرقعات بعد أن كشفت تقارير إدارة السياسات الاقتصادية والجمركية بإدارة التخطيط بهيئة الجمارك عن تزايد استيراد الألعاب النارية والمفرقعات إلى السودان وصلت في العام 2015م إلى 12 مليون دولار سنوياً.

وأظهرت ورشة نظمتها الهيئة السودانية للمواصفات للتنبيه بمخاطر الألعاب النارية مؤخراً عن تزايد الاستيراد، ففي عام 2011م كانت قيمة الواردات من الألعاب والمفرقعات النارية أكثر من (68,400) ألف دولار ارتفعت فـي 2012م إلى أكثـر من (7,800) مليون دولار ثم ارتفعت في عام 2013م إلى أكثـر من ( 8,980 ) مليون دولار ارتفعت في عام 2014م إلى أكثـر من (11,127) مليون دولار لتصل عام 2015م إلى أكثـر من 11,990 مليون دولار.

وأطلق اقتصاديون صرخة كبرى بشأن استيراد الألعاب ووصفوها “بتبذير متعمد” لموارد النقد الأجنبي، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى العملة الصعبة وتوجيهها لتوفير الدواء للأطفال والمرضى والسلع الضرورية ومدخلات الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي.

كما يظهر آخرون آثارها الصحية والبيئية والاقتصادية والنفسية داعين لضرورة التحوط لآثار ومخاطر التطور التكنولوجي وآثار أشعة الليزر.

وزير التجارة السفير صلاح الدين محمد الحسن، شدد في تصريح صحفي على الجهات المختصة بوضع رؤية فنية موحدة بمشاركة الجهات ذات الصلة لمكافحة استيراد الألعاب النارية والمفرقعات ومنع دخولها ومكافحة التهريب إلى الأسواق بالتنسيق مع هيئة المواصفات ومكتب مفرقعات السودان.

وتطبق إدارة الجمارك 73 قانوناً نيابة عن جهات أخرى وذلك لتواجدها في كل المعابر والحدود النائية بجانب قانونها المختص بالرقابة الجمركية على الواردات إضافة إلى اللوائح المختصة.

العقيد شرطة حامد محمد الحسن مدير إدارة السياسات الاقتصادية والجمركية بإدارة التخطيط بهيئة الجمارك السودانية كشف في ذات الورشة أن السودان يستهلك آلاف الأطنان من الألعاب والمفرقعات النارية يستوردها بالعملة الحرة خاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية.

إلا أن مختصين يعدون ذلك تبذيراً في وقت يحتاج فيه السودان إلى الأساسيات وأن قيمة الواردات في زيادة مستمرة تكلف الدولة أموالاً طائلة بالعملة الحرة لأشياء ضارة صحياً ونفسياً واجتماعياً.

وأرجع الاقتصادي بابكر فيصل ذلك إلى سياسات الحكومة التي قال إنها المستورد الأكبر لتلك الألعاب والمفرقعات تستخدمها في أعيادها الخاصة والمناسبات العامة واعتبر الأمر جزءاً من ثقافة حكومية سادت لأجيال تأتي ضمن الصرف البذخي الذي تتخذه الدولة.

ويقول إن الثقافة ارتبطت بمظهر الأشياء الذي يعتمد على الاحتفاء والبهرجة لكافة مستويات الحكم، وأضاف قائلاً هذا “خلل”، حيث لا يوجد انفتاح تمتلك فيه الدولة أدوات للمحاسبة أو التقليل من حجم استيراد الأشياء الضارة معتبراً تلك أزمة حكم لا يستطيع البرلمان مساءلة الجهات التي تستورد تلك الألعاب.

ولكنه يرى أن المشكلة ليست اقتصادية بل هي سياسية بالدرجة الأولى فعلاجها سياسي أكثر منه اقتصادي وبالتالي المشكل أصبح متجذراً في بنية الحكم، فإذا لم يكن هنالك علاج جذري فلن تحل غالبية المشاكل بما فيها المتعلقة بالديون والحصار الأمريكي، فالبعد السياسي أصبح حاضراً ومحاصراً لكل السياسات.

ومع ذلك يرى بوجود جهات مستفيدة من استيراد الألعاب الخطرة تقوم على المحسوبية وروابط السلطة المتعددة التي تسمح بممارسة هذه التجارة ترتبط في بعدها بخلق وظائف وهمية تعتمد على صرف لا يقوم على دراسات موضوعية.

وشكك علي صلاح الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين في الأرقام التي أعلنتها هيئة الجمارك بقوله “لا يعقل أن يستورد السودان ألعاباً ومفرقعات بواقع مليون دولار سنوياً”، ويقول: أعتقد أن المقصود هو استيراد جملة الألعاب المكتبية المختلفة التي تندرج في إطار شعبة الألعاب المكتبية باتحاد أصحاب العمل السوداني، ولكنه يرى أنه في حال تطابقت الأرقام فإن ذلك يشكل خطورة على الاقتصاد السوداني وليس فقط آثارها السالبة.

ونبه مختصون إلى تجفيف الأسواق من الألعاب النارية الموجودة حيث ضبطت حملات قامت بها هيئة المواصفات والمقاييس 336 حبة و87 باكو ألعاب نارية غير مسموح بها، كما تمت مراجعة 5 آلاف كرتونة ألعاب نارية بواسطة خبراء من إدارة المفرقعات.

وكانت تقارير محلية كشفت أن السودان يستورد أربعة آلاف وخمسمائة سلعة من دول مختلفة تبين أن الصين تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر تصديراً للسودان بثلاثة آلاف سلعة .

ويرى الخبراء أن الاستيراد يتلقى امتيازات نتيجة لاعتماد الحكومة على الجمارك في تسيير النفقات المتزايدة لقطاعاتها المترهلة، وأن الترهل زائدًا الإنفاق الحكومي المتزايد من المال يغطى بتشجيع الاستيراد.
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.