الحكومة في السودان تسيطر على صناعة الصحافة وتصادر الصحف

تقاوم الصحف في السودان أوضاعا صعبة مع عقوبة المصادرة بدون إبداء أسباب التي ابتدعها جهاز الأمن بعد رفعه الرقابة القبلية، لكن تمدد سيطرة الحكومة على صناعة الصحافة طباعة وتوزيعا وإعلانا يمثل الوجه الآخر من أزمة صاحبة الجلالة.

وينفذ جهاز الأمن منذ العام 2015 مصادرات جماعية بحق الصحف المتجاوزة لما يعتبره “خطوطا حمراء”، حيث طبق في فبراير 2015 أكبر عملية مصادرة ضد الصحافة المطبوعة، عندما صادر نسخ 14 صحيفة في يوم واحد وعاد وصادر 10 صحف في مايو من ذات العام.

وطبّع الجهاز أسلوب المصادرة الجماعية في أوساط الصحف السودانية التي تعرضت خلال الشهرين الأخيرين من العام 2016، لحصيلة بلغت 32 مصادرة بالتزامن مع دعوات العصيان المدني في نوفمبر وديسمبر الماضيين.

ويقول رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” أشرف عبد العزيز لـ “سودان تربيون”، إن جهاز الأمن أوقع عقوبة المصادرة على صحيفته خلال العام الماضي 27 مرة، إلى جانب تعرضها لعقوبتي إيقاف من قبل مجلس الصحافة والمطبوعات أوقفت الصدور 4 مرات.

وصادر الأمن السوداني الصحيفة المستقلة في غضون أقل من شهرين 11 مرة، وبحسب الناشر فإنه اشترط حجب عمودي عثمان شبونة وزهير السراج حتى تستطيع “الجريدة” الصدور.

ويؤكد عبد العزيز أن المصادرات ألحقت خسائر مالية بالصحيفة بلغت على أقل تقدير 600 ألف جنيه “حوالي 30 ألف دولار” هي خسائر التوزيع والإعلان وتكلفة التشغيل.

ويشير رئيس التحرير إلى أن الصحيفة أيضا محرومة من الإعلان الحكومي الذي تحتكره شركة “أقمار” الحكومية، مستدلا بتصريحات سابقة لوزير الإعلام أحمد بلال قال فيها “إن الحكومة ستمنح الإعلان لمن تريد”.

لكن ناشر ورئيس تحرير صحيفة “التيار” عثمان ميرغني، يرى أن صحيفته كانت أكثر الصحف تضررا من عقوبات المصادرة والإيقاف، لأن النصف الأول من العام الماضي قضته “التيار” وهي معلقة الصدور من قبل جهاز الأمن.

وبشأن المصادرات أبلغ ميرغني “سودان تربيون” إن الصحيفة تعرضت لـ 10 مصادرات من جهاز الأمن، بلغت خسائرها نحو مليون جنيه “نحو 50 ألف دولار”.

واستقبلت “التيار” العام 2017 وهي تطبق عقوبة إيقاف لثلاثة أيام صدرت بحقها من مجلس الصحافة والمطبوعات في 27 ديسمبر المنصرم بعد شكوى من السلطة القضائية ضد عمود رأي بالصحيفة أورد مظلمة تتعلق بإجراءات تقاضي.

أما رئيس تحرير صحيفة “الصيحة” المملوكة للطيب مصطفى، خال الرئيس السوداني عمر البشير، فيقول إن الصحيفة تعرضت لعقوبة المصادرة 6 مرات خلال العام 2016 ما ألحق بها خسائر مالية تقدر بحوالي 400 ألف جنيه “نحو 20 ألف دولار”.

وتزداد وتيرة المصادرات الأمنية تبعا للأجواء السياسية، فمثلا في الربع الثالث من العام المنصرم “من أول يوليو وحتى نهاية سبتمبر” بلغت الحصيلة 9 مصادرات، وبالمقارنة مع الفترة من أواخر نوفمبر وحتى أواخر ديسمبر وصلت إلى 32 مصادرة بعد أن فرضت السلطات قيودا على تغطية الصحافة للإجراءات الإقتصادية الأخيرة والعصيان المدني.

وصادر الأمن صباح 29 نوفمبر صحف “(التيار)، (الأيام)، (الجريدة)، و(اليوم التالي)”، وفي 30 نوفمبر صادر “(التيار)، (الأيام)، (الجريدة)، (اليوم التالي)، و(الوطن)”، وفي 1 ديسمبر صادر “(التيار)، (اليوم التالي)، و(الوطن)، وفي 21 ديسمبر صادر “(الأيام)، (التيار)، (الصيحة) و(الأهرام اليوم).

لكن الحكومة السودانية لا تكتفي بمصادرة الصحف بل تتمدد بشكل لافت في السيطرة على صناعة وسوق الصحافة، حيث تتملك وزارة الإعلام شركة “أقمار” التي تحتكر بالكامل الإعلان الحكومي، وهو ما يجعل الإعلان في مقام سياسة “الجزرة والعصا”.

وفي مجال الطباعة تسيطر المطبعة “الدولية” التي تتبع لجهاز الأمن والمخابرات على سوق الطباعة بطباعتها 70% ـ 80% من الصحف السياسية في البلاد.

ويؤكد مدير مطبعة “الأشقاء” محمد وداعة لـ “سودان تربيون” أن المطبعة “الدولية” المملوكة لجهاز الأمن تطبع حوالي 80% من الصحف السياسية التي تصدر في الخرطوم.

ويقول إنه بالرغم من القرار الجمهورية بخصخصة 42 شركة تتبع للقوات النظامية إلا أن جهاز الأمن وسع مطبعته بإنشأ مطبعة أخرى دخلت المجال التجاري بطباعة الكتب، وما يخالف روح القرار الجمهوري.

وتشير “سودان تربيون” إلى أن جهاز الأمن يمتلك أيضا شركة كبرى لتوزيع الصحف وأخرى للإعلانات.

وفي العام 2013 تملك جهاز الأمن عبر شركته “بيادر” صحيفة “الصحافة” المستقلة لمؤسسها عبد الرحمن مختار في العام 1961. وقبلها تملكت ذات الشركة غالبية أسهم صحيفة “الخرطوم” قبل أن تعود لاحقا لناشرها الباقر أحمد عبد الله، لكن الصحيفة توقفت عن الصدور.

وإلى جانب انتهاك المصادرة تبرز انتهاكات أخرى بحق الصحفيين والصحافة تشمل الاستدعاء والاعتقال والتوقيف.

وطبقا لشبكة الصحفيين السودانيين فإن محكمة الصحافة والمطبوعات نظرت خلال العام 2016 في 11 قضية مثل فيها أمام المحكمة محررون ورؤساء تحرير.
سودان تربيون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.