بنك السودان يرفض مراجعة الاعتداء على المال العام.. سيناريو التجاوزات يتكرر

عامٌ بعد عام، تمتد الأيادي المختسلة إلى المال العام، بصورة يشعر معها المرء كما لو أنه لا يوجد من يقوم بردع المفسدين، لدرجة أن التجاوزات ظلت حاضرة حتى في المؤسسات ذات الطابع الديني. بل أن المراجع العام الذي تلا تقريره أمام البرلمان في جلسة أمس المسائية كشف عن وجود (104) هيئة وشركة حكومية أو تسهم فيها الحكومة قام بتفتيشها، قال إنها غير مدرجة في إدارة الهيئات والشركات بوزارة المالية، ولا تحصل منها على أي إيرادات، هو أمر قد يبدو مبرراً إذا علمنا أن الفروقات في الحساب الختامي لوزارة المالية بلغت (31) ملياراً و(600) مليون جنيه و(208) ملايين دولار، وهو رقم كبير يكشف عن حجم التغافل عن ردع المفسدين.

تجنيب ملياري

المثير في الأمر كله، أن المراجع العام لحكومة السودان الطاهر عبد القيوم كشف عن بلوغ جرائم المال العام غير المسترد في الأجهزة القومية في العام الماضي بلغ (7.3) مليون جنيه من جملة إيرادات الدولة التي بلغت (57.6) مليارات جنيه، بينما بلغ إجمالي العهد والأمانات في العام 2015 بالحكومة القومية (5) مليارات و(283) مليون جنيه، وبلغ إجمالي الأموال المُجنّبة في جميع الولايات مبلغ (114.7) ملايين جنيه، فيما بلغت المبالغ المُجنّبة في الولايات بالدولار مبلغ (541) ألف دولار في 2015م.

وقال المراجع العام إن وزارة المالية رفضت الإفصاح عن قروض شركات البترول (CNPC) وعدم إثبات الالتزامات الظاهرة في حسابات بنك السودان (الحسابات الوسيطة) وعدم إثبات بعض إيرادات الوحدات ومصروفاتها لوجود استثناءات ممنوحة لهم، فضلاً عن فرض رسوم وصرفها بدون موافقة وزارة المالية وعدم رصدها في الحسابات. ويلاحظ هنا أن وزارة المالية وعدت – بحسب تقرير المراجع العام – بمعالجتها في العام 2016م.

الجمارك في دائرة التجاوزات

وكشف المراجع العام عن مخالفة إدارة الجمارك القوانين بفرض رسوم غير مشروعة بلغت (206) ملايين جنيه، تتمثل في “رسوم غرامة موديل، رسوم ملاحظة، رسوم مخالفات”، فضلاً عن بيع (111) عربة بإدارة مكافحة التهريب بلغت عائداتها (90.7) ملايين جنيه، مشيراً إلى أن عائدات العربات تم توزيعها مناصفة بين الجمارك والأطراف الأخرى دون سند قانوني، فضلاً عن تخصيص نسبة (50%) من عائدات الجمارك لصندوق مال الخدمات دون وجه حق، وكشف المراجع العام عن وجود مبلغ (36.8) ملايين جنيه خارج موازنة الجمارك تم تحصيله من البنوك، وقال المراجع العام إن إجمالي عائدات الإيرادات الضريبية للعام 2015 بلغت (40) مليار جنيه، وعائدات الضرائب (17.2) مليار جنيه، بينما بلغت الشيكات المرتدة والمتأخرات والفاقد الضريبي (4.1) مليار جنيه.

مشيراً لمخالفة قوانين ولوائح التعيين بمؤسسات الدولة بالتعيين بصورة مباشرة وليس عبر لجان الاختيار بجانب شغل بعض الوظائف الهيكلية بالتعاقد الشخصي، إضافةً لتعدد حالات الجمع بين وظيفتين ووجود كشوفات الأجور بدون ملفات تعيين، الأمر الذي أدى لعدم كفاية اعتمادات تعويضات العاملين المصادقة للعام 2015م بمبلغ (9.2) مليار جنيه بينما بلغ الصرف الفعلي (8) مليارات جنيه، ومخالفة قانون مخصصات شاغلي المناصب الدرستوية للعام 2001م وتعديلاته لاحقاً بإصدار قرارات ولائية تمنح مخصصات خلاف تلك التي يحددها القانون بولايات شمال وجنوب درافور وكسلا.

التصرف في المرافق العامة

وأشار المراجع العام إلى أن اجمالي عائدات التصرف في مرافق القطاع العام بلغ 171,9 ملايين جنيه، تبين عدم إظهارها في الحساب الختامي للعام 2015م. ولفت إلى أن جملة الاستدانة من النظام المصرفي بلغت 21,1 مليار جنيه بزيادة 3,4 مليارات جنيه عن العام السابق.

اما على المستوى الولائي فقد ارتفعت المبالغ المُجنّبة الى 114,7 ملايين جنيه في العام 2015م، أي بنسبة مائة في المائة، وارتفاع المبالغ المجنبة بالدولار إلى 541 ألف دولار.

وقال إن صافي مبلغ جرائم المال العام من مطلع سبتمبر إلى 2015م إلى 31 أغسطس 2016م وصل إلى مبلغ 6,6 ملايين جنيه. وقال إنه تم استرداد مبلغ 0,7 ملايين جنيه بنسبة 10% من جملة الأموال المعتدى عليها.

مخالفات الدستوريين

بالرغم من دعوات المراجع العام المتكررة للالتزام بالقانون في مخصصات شاغلي المناصب الدستورية إلا أن ولايات كسلا شمال دارفور جنوب درافور لم تلتزم بذلك وهو ما أظهره تقرير المراجع العام الذي أشار إلى صرف 1,2 مليون جنيه دون وجه حق، مقارنة مع مبلغ 2,34 مليون جنيه في العام 2014م.

تجاوزات في ديوان الزكاة

تكررت حالات التجاوزات في ديوان الزكاة لهذا العام أيضاً، وبالنظر إلى تقرير المراجع العام نجده أشار إلى أن جملة الموارد بلغت 2,368 مليون جنيه أما جملة صافي الجباية فبلغ 2,89 مليون جنيه. وقال المراجع العام إن الفائض المُرحّل والصدقات بلغ 280 مليون جنيه، بينما أظهرت القوائم المالية مبلغ 25,8 مليون جنيهاً كأصول مشروعات بينما هي في الواقع أصول ثابتة، لفت إلى إسقاط أراضٍ بلغت قيمتها 2,9 مليون جنيه من قيمة الأصول، الأمر الذي يُظهر صوراً غير عادلة وغير حقيقية وهو ما يخالف المادة 161/3 من لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2001م. وأشار أيضاً إلى شراء عدد 50 عربة من فائض ميزانية العام 2014م مما يخالف المادة 28/1 من ذات القانون.

وأيضاً رصد المراجع العام توريد مبلغ 6,9 ملايين جنيه عبارة عن عائدات الاستثمار كأمانات والصرف على أفراد تحت بند الغارمين دون وجود مستندات مؤيدة للصرف.

مخالفات في ميزانية الحج

وبالنسبة لميزانية العام 1436هـ، فقد ذكر تقرير المراجع القومي أن إدارة الحج والعمرة تحصّلت على مبلغ 100 ريال سعودي من كلّ حاج لمقابلة المصروفات دون تقديم سند قانوني، وقامت بالتصرف في فائض القطاعات والأرباح المتراكمة وهي أمانات حجّاج لم تُردّ إليهم تمثّلت في 2,025,632 جنيهاً لدى حجاج قطاع الخدمات الخاصة، بجانب مبلغ 1,903,984 جنيهاً لدى قطاع المؤسسات ومبلغ 416,238 ريالاً سعودياً لدى قطاع الخرطوم، ومبلغ 132 ألف ريال سعودي لدى قطاع دارفور، إضافة إلى صرف نثريات وحوافز لأعضاء البعثة بلغت 5,8 ملايين ريال سعودي بنسبة 62% من جملة التسيير بمحور السعودية. بجانب عدم الإفصاح عن مبلغ 3,5 ملايين ريال سعودي عبارة عن مصروفات تمّت دون أن يتم الإفصاح عن أوجه صرفها.

البنك المركزي يرفض

كشف تقرير المراجع العام أن الإدارة العامة للرقابة المصرفية ببنك السودان المركزي رفضت تقديم المستندات للمراجعة بحجة تعارض ذلك مع القانون العام. الأمر الذي ذكر بالتقرير أنّه أدى لعدم التمكن من تحقيق الهدف الكلي لمراجعة الإدارة.
الصيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.