أسباب اهتمام السعودية باليمن.. أهداف إقليمية وخلفيات التاريخ

مع استعار الحرب في اليمن وزيادة عدد ضحاياها من الأبرياء، بات الانقسام التاريخي بين السنة والشيعة يُساق على أنه من مبرراتها، فكيف أدى هذا الانقسام إلى تأجيج الحرب في اليمن كواحدة من أزمات الشرق الأوسط الدامية؟

في أيلول/ سبتمبر 2014، استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، وأعلنوا عدم اعترافهم بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الأمر الذي أدى إلى انطلاقة موجة من الأحداث، بلغت ذروتها باندلاع الحرب الأهلية باليمن في آذار/ مارس 2015.

وبعد فرار هادي من صنعاء إلى جنوب غرب عدن، ومن ثم إلى المملكة العربية السعودية، قامت القوات السعودية وقوات الدول المتحالفة معها، بعمليات برية وغارات جوية ضد المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن.

ومنذ ذلك الحين، لقي نحو 10 آلاف شخص حتفهم في الهجمات التي شنها التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن. وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في وقت سابق من هذا العام، إن 14.4 مليون يمني على الأقل كانوا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، وإن أكثر من نصفهم يواجهون حالة حادة من انعدام الأمن الغذائي. وأكثر من 19 مليون يفتقرون إلى المياه والصرف الصحي، بينما نزح قرابة مليوني شخص إلى مناطق أخرى داخل البلاد والبعض الآخر إلى خارجها.

ووفقاً لأبحاث مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، فإن الخلاف الديني القديم بين السنة والشيعة كان السبب الرئيسي وراء العديد من النزاعات في الشرق الأوسط، بما فيها تلك النزاعات التي نشبت في لبنان وسوريا واليمن. ناهيك عن الصراع التاريخي بين السنة والشيعة والذي تعود جذوره إلى مرحلة مبكرة من تاريخ الإسلام نفسه، بحسب التقرير.

وجاء في التقرير أيضاً أن “السعودية السنية وإيران الشيعية تتنافسان على الزعامة الإسلامية في الإقليم، وأنهما يستخدمان هذا الانقسام الطائفي لمواصلة طموحاتهم في قيادة المنطقة”.

وفي هذا السياق يقول الباحث في مركز موشي دايان بجامعة تل أبيب لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، ناحوم شيلو لـDW: “اهتمام المملكة العربية السعودية باليمن بدأ منذ عام 1920، وذلك بمحاولات السيطرة على القبائل اليمنية الكثيرة المنتشرة في الحدود، وتأمين حدود السعودية”.

ويضيف شيلو بالقول: “السبب الرئيسي للاهتمام السعودي باليمن هو الموقع الإستراتيجي للعاصمة صنعاء ومضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، وهي البوابة الرئيسية لتصدير النفط السعودي للعالم”.

أما الباحث في شؤون المملكة السعودية منصور المرزوقي من معهد الدراسات السياسية في باريس فيرى أن السعودية شكلت التحالف العربي للتدخل في اليمن من أجل منع شيء قبل حدوثه، وذلك لتجنب أن تصبح اليمن عراقاً آخر، “حيث كانت السيادة تكمن في طهران من قبل، والآن انتقلت إلى بغداد”.

وفي مقال له نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، يرى المرزوقي بأن التدخل في اليمن يساعد المملكة على درء التوسع الإيراني في المنطقة، والذي يشمل التدخل في سياسات الرئيس السوري، وتسليح أنصار بشار الأسد، وزيادة نفوذها ومليشياتها في المنطقة.

لذا يقترح المرزوقي بأن أفضل نتيجة للأزمة اليمنية بالنسبة للتحالف العربي بقيادة السعودية هو أن “يقوم الحوثيون المدعومون من إيران وقوات علي عبد الله صالح، بسحب عناصرهم من مؤسسات الدولة، وإنهاء حصارهم لمدن يسيطرون عليها، مثل تعز، وتسليم أسلحتهم الثقيلة – بما فيها الصواريخ الباليستية. وكذلك الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة تعكس جميع مكونات المجتمع اليمني”.

في الوقت الذي تدور فيه المحادثات. كانت الحرب مستمرة، إذ قامت قوات التحالف بقيادة السعودية، بتنفيذ عدة هجمات جوية في الأشهر الأخيرة على أهداف مدنية، منها مستشفيات تديرها منظمات إغاثة دولية.

وفي آب/ أغسطس من هذا العام، رفض الحوثيون الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، حول تسليم العاصمة صنعاء وغيرها من المدن التي تسيطر عليها، إضافة إلى رفضهم تسليم أسلحتهم الثقيلة إلى لجنة عسكرية شكلها الرئيس منصور هادي، وإطلاق سراح سجناء الحرب. كما رفض المتمردون طلب اختيار برلمان ورئيس جديد.

الأسبوع الماضي قصفت طائرات حربية تابعة لقوات التحالف موكب جنازة، مما أدى إلى مقتل 140 شخصاً، بينهم قائد بارز من المتمردين الحوثيين، وكانت هنالك احتجاجات في أعقاب الهجوم، كما أدانت الولايات المتحدة ذلك الهجوم، وهي التي دأبت على تقديم دعم عسكري إلى الرياض، بينما دعا المجتمع الدولي للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

وقال الباحث من تل أبيب ناحوم شيلو لـDW: “اليمن لديها الكثير من العناصر والقبائل التي لا يمكن السيطرة عليهم”، وأردف قائلاً: “تلك القبائل لم تكن تستجيب لتوجيهات الحكومة المركزية طوال تاريخهم”، مضيفاً: “لهذا السبب فإن وقف إطلاق النار في هذه الحالة محكوم عليه بالفناء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.