منتج عسل: من العسل ما هو “حي” و”ميت”.. ويشفي من الأمراض بشرطين

– صعوبة معرفة العسل زادت مع دخول الأنواع الصناعية غير المنتجة من النحل.
– نطالب بتجهيز مواقع لطرح إنتاجنا وعدم إعطاء ضعاف النفوس فرصة ببيع “أعسال” غير معروفة المصدر.
– في السنوات الأخيرة ظهر منتجون للعسل في مناطق صحراوية ليس متعارف فيها على وجود نحالين في السابق.
– أي نبات موجود في السعودية ينتج منه العسل نستفيد منه في صناعة العسل.
– النظام يمنع بيع العسل في الطرقات وأمام المساجد والأسواق من قبل الباعة المتجولين بسياراتهم.
– “جمعية النحالين” جهودها بسيطة في خدمة أصحاب المهنة والجمهور.

“تصوير: عبدالله النحيط”: قال “نحال عنيزة” صالح الجربوع لـ”سبق”: “يوجد من العسل ما هو حي، ومنه ما هو ميت، وكلا الاثنين صالح للاستهلاك؛ لأنَّ العسل الطبيعي لا تنتهي صلاحيته، وإنما يفقد الكثير من قيمته العلاجية وفوائده الكثيرة المهمة، التي صنعتها النحلة من خلال جمع الرحيق وإنضاج العسل، ويكون العسل حياً، وفي أعلى معدلات الفائدة للمستهلك؛ حيث يستطيع رفع المناعة، ويزيد الامتصاص، وينشط ويغذي ويفتح الشهية، ويتحقق ذلك بقوة وفاعلية إذا كان العسل محتفظًا بكامل خصائصه وإنزيماته، كما أخرجه النحل، ويبدأ العسل بالموت وفقد القيمة والتدهور إذا تعرض للحرارة، فكلما تعرَّض العسل للحرارة بدأ الفقد وبدأ التفاعل بين مركبات العسل، ودليل ذلك تحول لون العسل من الفاتح إلى الغامق بسب الحرارة، لذلك كلما كان العسل محفوظًا في معدلات حرارة ما بين 15-20 درجة مئوية احتفظ بقيمته، ولا يحدث له تدهور، إضافة إلى أن من عوامل فقد العسل من قيمته، الإضاءة الصناعية والطبيعية، حيث تُحدث نفس أثر الحرارة بإحداث تغير في لون العسل، لذلك من الواجب حجب كافة أنواع الضوء عن العسل وحفظه في أوانٍ معتمة تمنع وصول الضوء إليها تمامًا، ومثال علب حفظ الأدوية تكون زجاجاً معتماً، وكذلك ينبغي استخدام أواني حفظ وتخزين العسل يجب أن تكون مخصصة للعسل، ولا تحدث تفاعلاً بينها وبين العسل، وأفضل هذه الأواني الخشب والفخار، ثم الزجاج ثم “الإستيل”، وفي الأخير البلاستيك المخصص للعسل والزيوت والأطعمة؛ حيث إنه آمن ولا يتفاعل مع أجزاء العسل، وكذلك ينبغي منع وحجب وصول الرطوبة للعسل؛ لأنه يتأثر بها، ويفقد الكثير من قيمته المطلوبة لذلك يجب إحكام وإغلاق العلب لمنع نفاذ الرطوبة إليه.

أمَّا عن الخصائص التي من خلالها يكون العسل شافيًا بإذن الله، فأكد “نحال عنيزة” أنَّه ينبغي توفر شرطين أساسيين كي يكون العسل شافيًا بإذن الله، الأول أن يكون منتج من النحل؛ لقوله تعالى: “يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس”، والثاني أن يكون من الأزهار؛ لقوله تعالى: “ثم كلي من كل الثمرات”، وأساس كل ثمرة على وجه الأرض زهرة من الأزهار، فالعسل ينتج بعد جمع النحلة للرحيق من الأزهار وإدخاله في بطونها وبعد إنضاجه وطبخه تخرجه في العيون السداسية، لكن يبقى جزء مهم في إكمال نضج العسل وهو نزع الرطوبة منه؛ حيث تقوم بتسليط تيار هوائي بأجنحتها ليكتمل نضج العسل عند حد معين، وبعدها يتم ختمه بطبقة من الشمع لحفظه من الرطوبة، ودليل على اكتمال صنعه، فإذا توفر الشرطان الأساسيان “جمعه من الأزهار، وإنضاجه من النحل”، يكون العسل في أعلى معدلات الفائدة الشفائية المرجوة.

وعن مدى معرفة الناس بأنواع العسل الطبيعي، قال “الجربوع”: “زادت صعوبة معرفة العسل مع دخول الأنواع الصناعية غير المنتجة من النحل، ويعتمد عليها في مجال تصنيع الأغذية والنظرة لها كمكملات غذائية، وهي أكبر ضرر على المستهلك الراغب بالعسل كشفاء، وأكبر ضرر من الأعسال المنتجة بالتغذية السكرية للنحل؛ حيث إنَّ النحل يقلل من خطرها وتكون معها أعسال من الأزهار، وهذا التنوع بالمصادر الطبيعية من الأزهار وأعساله في تغذية النحل بالبدائل زادت من صعوبة معرفة الناس للعسل ومصدره، ولا يعرف غش العسل إلا من غشه فقط.

وعدّد نحال عنيزة أنواع العسل الطبيعي، قائلاً: “الأعسال الطبيعية المنتجة من نفس البيئة كثيرة مثل الطلح والسدر والبرسيم والأثل وغيرها، ويكون لدى بعض المستهلكين خبرة في معرفتها من خلال الأخذ من المصادر الموثوقة بإنتاجها، ومع الوقت والتجربة تكون لدى البعض خبرة مثل أصحاب المناحل وإنتاج العسل وتجار العسل، ويمكنهم أيضًا تحديد العسل الجيد من السيئ، ولكن يحتاج ذلك إلى مزيدٍ من الوقت، ويكون متعارفاً لدى أهل المنطقة طبيعة ونكهة أعسالهم المنتجة قريباً منهم، لكن الأعسال المجلوبة من مناطق غير معروفة المصدر مثل “الزهري” القادمة من الخارج تجد صعوبة من أصحاب الخبرة بإعطاء حكم قاطع في سلامتها؛ لأن مصادر إنتاجه من أزهار غير معروفة لديهم بسبب اختلاف النكهات والمواصفات.

وأشار “الجربوع” إلى أنَّ كلَّ يوم تنضم مجموعة جديدة من الشباب لهذه المهنة، والملاحظ في السنوات الأخيرة ظهور منتجين للعسل في مناطق ليس متعارفاً فيها بوجود نحالين في السابق، وخصوصًا المناطق الصحراوية التي لا يستطيع النحل أن يعيش فيها وحده، إلا بوجود نحَّال يؤمن له ظروف المعيشة المناسبة، من حيث مواصفات المسكن المناسب، ليتقي فيها النحل الحرارة والبرودة، ويستطيع أن يجمع العسل من النباتات المتوفرة في هذه البيئات، ومثال بسيط لذلك في مدينة عنيزة الآن قرابة 30 نحالاً، هذا غير المناطق المتعارف فيها بالأساس في إنتاج وتربية النحل بالمنطقة الغربية والجنوبية بالمملكة؛ حيث إنَّ تربية النحل فيها متوارثة من الأجداد، وفيها الآن تطور وازدهار في إنتاج مختلف أنواع الأعسال من الأشجار المتوفرة فيها.

وأكَّد “نحال عنيزة” أنَّ المملكة يتوفر فيها أنواع من البيئات، وتحظى بتنوع نباتي يختلف من منطقة لأخرى، ويمتد إنتاج العسل لدينا طوال العام، وهذا من النادر حدوثه في باقي الدول، وذلك لاختلاف التضاريس والامتداد الطولي لموقع السعودية على خطوط العرض من الشمال للجنوب، مما شكل مناطق متعددة لإنتاج العسل التي يستطيع من خلالها النحال النشيط إنتاج أكثر من 30 صنفًا من الأعسال بواسطة ثمار الأعشاب والأشجار.

أمَّا عن مدى صلاحية مناطق المملكة لتربية العسل، قال “نحال عنيزة”: “أي نبات موجود في السعودية ينتج منه العسل يستطيع النحال أن يستفيد منه، ولكن بشروط توفير المسكن المناسب للنحل، بحيث يستطيع أن يقوم بدوره في إتمام عملية جمع العسل. ومن إرشاد الله سبحانه للنحل اتخاذ المسكن بقوله: “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يعرشون”، و”يعرشون” معناها ما يهيئ لك أيتها النحلة بنو البشر من مساكن تستطيعين من خلالها البقاء والمحافظة على نفسك، وتجني منها العسل، لذلك نجد تطورًا كبيرًا في إنتاج العسل من مناطق صحراوية لدينا في منطقة نجد من مراعي نحلية نادرة ينتج منها أعسال حققت جوائز عالمية بسبب جودة البيئة ومواصفات أعسال المناطق الصحراوية مثل عسل الطلح المنتج من الأودية، وغيرها الكثير، وكل عام نسمع عن إنتاج أعسال جديدة مثل الأثل والعشَر والقيصوم والتنوم وغيرها من المناطق الصحراوية.

وأشار “نحال عنيزة” إلى أنَّ هناك نظامًا يمنع بيع العسل في الطرقات وأمام المساجد والأسواق من قبل الباعة المتجولين بسيارتهم، وهذا النظام صادر عن أمانة البلديات ويجب على المستهلكين التبليغ عنهم، والسبب أن مصادر هذه الأعسال غير معروفة المصدر، والكثير يجهل ذلك؛ ما قد يسبب تدهورًا لحالة المريض؛ لأن الناس يعتمدون على العسل وينظرون إليه كشفاء وعلاج لأمراضهم، وللمعلومية، فإنَّ آخر دراسة من وزارة الزراعة بينت أنَّ العسل المحلي المنتج من المناحل لم يغطِّ إلا 8% من احتياج السوق للعسل، لذلك أغلب هذه الأعسال إما مستوردة أو مصنعة، ثانيًا الثُقات من المنتجين للعسل المحلي يأتي إليهم المستهلك في مناحلهم أو محلاتهم ليشتري منهم العسل، وهم ليسوا بحاجة للبيع في الشوارع والطرقات، وتنتهي أعسالهم بعد إنتاجها بفترات بسيطة.

وأوضح “نحال عنيزة” أنَّ “جمعية النحالين” لها جهود بسيطة في خدمة أصحاب المهنة، وأيضًا الجمهور، وذلك من خلال إقامة معارض ومهرجانات العسل مثل مهرجان الباحة الدولي للعسل، القائم عليه جمعية النحالين بالباحة، ومهرجان أبها والطائف والقائمون عليه من جمعية النحالين بأبها والطائف، وقد ساهمت هذه المهرجانات بإبراز النحالين الثقات من البلد وعمل مسابقات للعسل والجودة؛ ما شجع الكثير من النحالين للمبادرة في المشاركة، ومحاولة التميز بما يطرح من منتجات خلال هذه الفعاليات، وانعكست هذه الفعاليات على المستهلك بأن يجد أعسالاً ذات مواصفات عالية ومن إنتاج محلي وموثوق وتحت إشراف إدارة الجمعيات النحلية، وأصبحت هذه المهرجانات للكثيرين من المصادر الموثوقة بالعسل المحلي المنتج من النحالين الثقات، وهناك بعض المناشط التي تسعى لتحقيقها الجمعيات المنتشرة مثل الدورات وورش العمل والتواصل بين النحالين والجهات المسؤولة لتحقيق الغايات، وتذليل العقبات التي تواجه أصحاب المهنة.

وأشار إلى أنَّ أمانات المناطق لا تقصّر في الاهتمام بالنحالين، وقال: “ساهم الكثير منها بدعوة النحالين في المهرجانات العامة خلال العطل والمناسبات، وهذا الدور موكل به أكثر جمعيات النحالين، وأيضًا من خلال اجتماع النحالة والمطالبة بتجهيز مواقع لطرح ما لديهم من إنتاج للمستهلكين، وإرشاد الناس إليهم، وعدم إعطاء ضعاف النفوس فرصة ببيع أعسال غير معروفة المصدر، وإبراز الأعسال المحلية المميزة، وأرجو من الدولة والمعنيين بأمر النواحي الشفائية والعلاجية بالعسل مثل أمانات البلديات ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء وضع محلات مخصصة ببيع العسل الموثوق وفق اشتراطات تحددها هذه الجهات لتنظيم وحفظ حقوق المنتجين الثقات من خلال بيع أعسالهم في محلات مرخصة وتحت إشراف رقابي، وأيضًا هو المهم أن يجد المستهلك مراكز للعسل الموثوق والآمن للمستهلك.

57bdfec88e17b
سبق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.