السيول والفيضانات تحدث خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات

لقي أكثر من خمسة وسبعين شخصا مصرعهم في السودان جرّاء السيول والفيضانات، وإنهارت أكثر من ثلاثة آلاف منزل وشرّد عشرات الآلاف من مناطقهم، وتوقعت هيئة الأرصاد السودانية زيادة معدلات الأمطار في الأيام المقبلة، الأمر الذي ينذر بزيادة الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وتوقعت الهيئة العامة للأرصاد في السودان هطول أمطار غزيرة مصحوبة بزوابع رعدية، وأشار وزير الموارد المائية والكهرباء معتز موسى إلى الزيادة الكبيرة في إيرادات نهر النيل بأكثر من 88% عن العام الماضي، وأوضح أن الموقف في الخرطوم يشير إلى ارتفاع المياه بنسبة 15.56 متر، وقال وزير البيئة حسن عبد القادر إن التوقعات بهطول أمطار غزيرة هذا العام، تعني حدوث سيول جارفة في بعض الولايات.
وناقش مجلس الوزراء السوداني برئاسة البشير موقف السيول والفيضانات، وطالب المجلس باتخاذ ضوابط صارمة لمنع المواطنين من السكن في مجاري السيول، ودعا لدرء آثار السيول والاستفادة من هذه الأمطار في زيادة الرقعة الزراعية.
وأوضح وزير الداخلية في السودان، الفريق أول ركن عصمت عبدالرحمن، أن 13 من ضمن 18 ولاية سودانية تأثرت بالسيول والفيضانات حتى الآن، وأشار في جلسة استماع بالمجلس الوطني ناقشت التدابير الحكومية لمواجهة الفيضانات، إلى أن ولاية جنوب دارفور كانت الأكثر تضررا من حيث الوفيات والتي بلغت 15شخصا، ثم ولاية كسلا وقد جاءت في المرتبة الأولى للولايات الأكثر تضررا في جانب المساكن والمرافق العامة.
ووجه نواب في البرلمان السوداني انتقادات لاذعة للحكومة، مشيرين إلى أن ما حدث في هذا العام ظل يتكرر سنويا الأمر الذي يشير لعدم وجود خطة لمجابهة الخريف، وانتقدوا عدم وجود ميزانية جاهزة للتصدي لمخاطر الخريف، ودعا عدد من النواب لإنشاء إدارة متخصصة لكوارث الأمطار والسيول توفر لها الإمكانيات الفنية والمادية، ولفت النواب إنتباه الحكومة لخطورة المرحلة المقبلة بعد إنتشار البعوض والذباب محذرين من تفشي أمراض الملاريا والكوليرا.
ووفقا لنشرة صحافية أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان نهاية الشهر الماضي، فإن أكثر المناطق التي تأثرت بالأمطار الغزیرة والفیضانات هي ولايات النیل الأزرق، وكسلا، والخرطوم، وشمال دارفور، وشمال وجنوب وغرب كردفان.
وتسببت الأمطار في شمال وشرق الفاشر في وفاة تسعة أشخاص غرقا بمياه المجاري الموسمية، وفي مدینة النھود بولایة غرب كردفان، قتل شخص وفقد سبعة أخرون، وأوردت مفوضیة العون الإنساني الحكومیة أن عدد الذين تضرروا من السيول والفيضانات في النهود تجاوز1000 شخص.
وتشير تقارير محلية لتأثر أكثر من 7000 شخص في ولایة شمال دارفور، بالفيضانات، حيث دمرت الأمطار 500 منزل، ووفقا لخطة طوارئ الفیضانات في ولایة شمال دارفور، فإن نحو 25000 شخص في الولایة قد یتأثرون بالفیضانات.
وفي ولاية غرب كردفان تضررت أكثر من 800 أسرة بالأمطار التي هطلت في الاسبوع الماضي، الأمر الذي دعا حكومة الولاية لمناشدة المنظمات الإنسانية للتدخل وتقديم المساعدات العاجلة،وشهدت الولاية خلال هذا الشهر إنهيار سدين لحجز المياه.
ولقى خمسة أشخاص مصرعهم في ولاية الجزيرة بسبب انهيار المنازل نتيجة الأمطار التي هطلت مؤخراً بمحليات الكاملين والحصاحيصا وجنوب الجزيرة، وتم تدمير أكثر من 600 منزل وتضررت عشرات المدارس والمراكز الصحية في عدد من قرى محلية المناقل بجنوب الجزيرة.
وقطعت مياه الأمطار عددا من الطرق القومية منها طريق سنار الدمازين وطريق كسلا بورتسودان، والقضارف بورتسودان وشندي الخرطوم، وأحدث فيضان نهر القاش خسائر كبيرة في العديد من المناطق بولاية كسلا، أبرزها ما حدث من خسائر في منطقة همشكوريب والتي قتل فيه تسعة أشخاص وإنهار أكثرمن 1500منزل ونفقت أكثر من ألف رأس من الماشية وتسبب قطع الطريق القومي بها في تأخير وصول المساعدات.
وفي الأسبوع الماضي زادت مخاوف المواطنين السودانيين من حدوث فيضان غير مسبوق هذا العام وذلك بعد تواصل هطول الأمطار في العديد من الولايات والتحذير من أمطار غزيرة هطلت بالهضبة الأثيوبية، إضافة لتحذير المسؤولين عن المياه من إرتفاع مناسيب الأنهار والمجاري الموسمية، وتبادل السودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للدمار الذي حدث مع تعليقات ساخرة وناقدة للحكومة.
وانتقد إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان قصور الحكومة في مواجهة كارثة السيول والفيضانات وأضاف قائلا: «ماذا فعلت الحكومة قبل أن تحدث هذه الكوارث، ويموت الناس وتتهدم منازلهم، ويتلف زرعُهم؟ هل جاء الخريف في غير موعده؟ وهل مهمة الحكومة إحصاء الخسائر دون أن تقوم بفعل؟».
وقال أبو خليل إنّ الإجابة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، يراها العامة والخاصة، ويضيف :»لم تفعل الحكومة شيئاً قبل فصل الخريف الذي يأتي كل عام في موعده، ولكن الحكومة لا يهمها أمر الناس، فهي دولة لا تقوم على إحسان رعاية الناس، بل إنها لا تقوم على الرعاية أصلاً، فهي دولة جباية بامتياز، وإذا حدثت كوارث جراء سوء الرعاية من قبل الدولة، ومسؤوليها، والإهمال التام لحاجات الناس ومشاكلهم، بدأ العويل والشكوى، ورمي الناس بالإهمال والتقصير».
ويرى أن الحكومة تكتفي فقط بإحصاء الموتى جراء تهدُّم المنازل على رؤوس ساكنيها والغرقى جراء السيول والفيضانات، والذين صعقتهم الكهرباء، والذين فقدوا زرعهم.ويقول :»تحصي كل ذلك، وكأن هذه فقط هي مهمتها؛ إحصاء الخسائر وتحذير الناس، بل وتخويفهم بالقادم، فهيئة أرصاد الدولة تحذر الناس من استمرار هطول الأمطار الغزيرة في جميع ولايات السودان، فماذا يفعل الناس؟ فلا المصارف تم فتحها قبل الخريف، وعاصمة البلاد الخرطوم، تغرق بأقل الأمطار وتصبح بركاً آسنة، حاضنة للذباب والبعوض، وغيرها من مسببات الأمراض، أضف إلى ذلك تراكم النفايات وتعفنها، لتزيد من سوء البيئة سوءاً، ولا الاحتياطات عُملت حول النيل في الأماكن الضعيفة المعروفة تحسباً للفيضان فالدولة مشغولة بقميص ميسي، وتكريم الرئيس».
ويعاني السودانيون من تكرار مأساة السيول والفيضانات في كل عام دون إيجاد حل جذري لهذه المشكلة، وضربت السودان فيضانات شهيرة طوال القرن الماضي أحدثت خسائر فادحة في الأرواح والمملتكات وأصبحت أحداثا يؤرخ بها وأشهرها فيضان 1946وفيضان 1988.

القدس

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.