يمين الطلاق.. 20% من الأزواج يعيشون “في الحرام”

“يمين الطلاق” تهدّد عدداً كبيراً من الأسر المصرية بالانفصال، خصوصاً بعد “اليمين الثانية”. يومياً، يقصد المئات لجنة الفتوى التابعة للأزهر أو لدار الإفتاء المصرية، بهدف لاستفسار عن اليمين بالطلاق، بعد أن يصل إلى أكثر من ثلاث مرّات

يرمي عدد لا بأس به من المصريين يمين الطلاق استهتاراً تارة وجهلاً تارة أخرى، وقد جعلوها على ألسنتهم كنوع من قسم. وتكثر عبارة “عليّ الطلاق” أن تفعل كذا وكذا، أي “زوجتي طالق إن لم تفعل هذا الأمر”. وهنا تبدأ المشكلة، فيبحث الرجل عمّا ينقذه من وقوع الطلاق فعلياً. –
فاطمة م. من محافظة المنوفيّة، تطرح مشكلتها أمام الشيخ سيد زاهر أحد أعضاء لجنة الفتوى، فيما يجلس زوجها بجوارها. تخبر أنّه رمى عليها يمين الطلاق خمس مرات، وفي المرة الخامسة نصحها أحد أقاربها بالتوجّه إلى لجنة الفتوى في الأزهر. وتوضح الزوجة أمام الشيخ أنّ صيغة يمين الطلاق في كلّ مرّة كانت “أنت طالق طالق طالق”، وهو ما يؤكده الزوج. بالتالي، يقع الأمر كالسيف على كلّ منهما: لا يصحّ أن يعيشا معاً ولا بدّ من الانفصال. تخرج الزوجة وهي في حالة انهيار وصراخ وعويل، متهمة زوجها بأنّه السبب. وتسأل: “كيف أعيش ومعي ثلاثة أولاد؟ لا بدّ من أن يكون الأب موجوداً معهم”. وتردد “حسبي الله ونعم الوكيل”.

أسماء ع. زوجة أخرى تجلس أمام الشيخ نفسه، بعدما نصحها أحد أقاربها بذلك، إذ إنّ زوجها “مدمن يمين طلاق” يردّد عبارة “عليّ الطلاق” في كلّ مناسبة ومن دون مناسبة أيضاً لأتفه الأسباب. على سبيل المثال، يحلف لأحد أصحابه “عليّ الطلاق أن تتعشى معنا، أو عليّ الطلاق أن تذهب معي إلى مكان ما”. تقول: “عائلة زوجي مشهورة بهذه العبارة. حتى أخوه غير المتزوج يحلف بالطلاق”. ينصحه الشيخ بعدم الحلف بذلك والتكفير عن هذه اليمين بمبلغ مالي يوزّعه على الفقراء.
أما سميرة أ. من محافظة الجيزة، فتختلف حالتها. تجلس أمام الشيخ محمد كمال بمفردها، وتؤكد أنّ زوجها رمى عليها يمين الطلاق صراحة للمرّة الرابعة. تقول إنّها تعيش اليوم في منزل أهلها “في انتظار ورقة الطلاق، بعدما علمتُ بأنني طالق بالفعل”. وتخبر أنّ “زوجي أحضر لي محلل وهو أحد أصدقائه، للزواج بي لفترة معينة ومن ثم يطلقني. وقد أعطاه شيكاً على بياض خوفاً من عدم الطلاق، وتعهّد بمصاريف الزواج كافة”. يستشيط الشيخ غضباً من هذا التصرف، مؤكداً أنه “عمل شيطاني وحرام ولا يجوز شرعاً”

في هذا السياق، يقول الرئيس الأسبق للجنة الفتوى في الأزهر الشيخ جمال قطب إنّ “من ضمن شروط تحليل يمين الطلاق حضور الزوجَين، ولا بدّ من أن يكونا صادقَين في ما يقولانه بلا تزييف ولا كذب، إذ سوف يترتب الكثير على حياة الأسرة من جرّاء ذلك”. ويؤكد أنّ “يمين الطلاق أصبحت نوعاً من الاستهتار لدى كثيرين، حتى أنّ عدداً كبيراً من الشبان غير المتزوجين يقولون دائماً: عليّ الطلاق”. ويوضح أنّ “الزواج الذي تكثر فيه يمين الطلاق، من الصعب نجاحه واستمراريته، خصوصاً أنّ الطلاق هو أبغض الحلال عند الله. لذا، لا بدّ من أن يتجنب الزوجان بلوغ هذا الأمر، إلا في حال استحالت الحياة الزوجية بينهما”. –
بالنسبة إلى الدكتور خالد الجندي وهو من علماء الأزهر، فإنّ “الحلف بالطلاق كقول الرجل عليّ الطلاق أو يلزمني الطلاق، ما هو سوى لغو من الكلام لا يقع به شيء”. ويعيد “سبب اختلاف الفقهاء في المسألة إلى اختلافهم في حكم صيغة الحلف بالطلاق. واليمين بالطلاق بدعة في الأمة أحدثها الحجاج بن يوسف الثقفي”.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.