المناوبات المسائية.. أطباء “​مرهقون” وأخطاء طبية وتشخيص “كارثي”.. ولا بد من إعادة النظر فيها

يعد الطبيب المناوب المسؤول عن المرضى، ويقتضي وجوب وجوده بالمستشفى لاستقبال الحالات الطارئة مدة قد تتجاوز الـ24 ساعة؛ وقد تترتب على العمل فترات مسائية طويلة نتائج خطيرة من النواحي الطبية، والإنسانية؛ إذ أثبتت دراسات أن الحرمان المزمن من النوم يعد واحداً من أهم الاضطرابات السلوكية الاجتماعية التي تصيب الأطباء والعاملين في القطاع الطبي في المجتمعات الحديثة، وقد يؤدي ذلك- لا سمح الله- إلى عواقب وخيمة.

يقول “د.أحمد بن علي الحربي”- المركز الطبي بجامعة توليدو- الولايات المتحدة، لـ”سبق”: “لا يخفى على أحد ما يعانيه الأطباء من استنزاف جسدي وذهني، وخصوصاً في مرحلة التدريب من حيث طول ساعات العمل الشاقة، وخصوصاً أن نظام التدريب للإقامة الطبية يفرض على الطبيب المقيم عدد ساعات عمل تصل إلى ٣٦ ساعة متواصلة في كل ٧ إلى ١٠ أيام، تتخلل ذلك عمليات جراحية وحالات طارئة وإجراءات طبية، تتغير معها حالة الطبيب واستعداده النفسي لمواجهة هذه التحديات”.

وأضاف: “الناظر بعين البصير يدرك أن هذا مخالف للطبيعة البشرية وتركيبة الجسم الفسيولوجية؛ إذ تتراجع قدرة الجسم والعقل على التعامل مع الأحداث المحيطة به وتقل كفاءته تدريجياً مع طول فترة الإنهاك، ولو كان بمجهود جسمي أو عقلي بسيط، فكيف برعاية المرضى والعناية بهم، بل اتخاذ قرارات قد تكون مصيرية في بعض الأحيان”.
وبين: “أن المجلس الأمريكي خطى لاعتماد التعليم الطبي للدراسات العيا “ACGME”؛ خطوة سباقة بتقليص ساعات العمل للطبيب المناوب إلى ١٢ ساعة في اليوم، وقام بتكثيف عدد المناوبات حتى يضمن جودة التدريب؛ إذ ينهي الطبيب المناوب عمله في حدود الساعة الـ7 مساء، ولا يجوز له تعدي هذا الوقت، وإلا فإنه يخالف النظام المتفق عليه للتدريب وقد يتعرض البرنامج التدريبي للمساءلة”.

تغيير النظام:
أضف إلى ذلك وجود المناوبات الليلية التي تبدأ من الساعة الـ7 مساء إلى 7 صباحاً، والتي يكون فيها الطبيب المقيم بمرافقة أحد الأخصائيين أو الأطباء المتقدمين، ويتاح له التعرض للحالات التي قد لا يواجهها إلا في مثل تلك الأوقات، وبهذا تحل معضلة بقائه في المستشفى إلى اليوم الذي يليه”.
وختم “د.الحربي” حديثه: “هذه الدعوة إلى تغيير نظام العمل أثبتت عملياً وعلمياً أنها تقلل من نسبة الأخطاء الطبية، وترفع من كفاءة العمل، وتزيد سلامة المرضى، وهي مجربة وأثبتت نجاعتها. ويبقى السؤال: ما مدى استعداد القائمين على البرامج التعليمية للتحرك نحو تغيير هذا النظام، والتخلي عن أسلوب “إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون”

سبق الالكترونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.