تشغيل سعوديين فقط في محلات “الجوالات”.. خطوة عشوائية وقرار ارتجالي.. وفترة التطبيق لا تكفي

– محمد القحطاني: القرار صائب.. لكن أين الحلول السليمة لمعالجة مشكلة العمالة الوافدة التي ستتجه لأسواق أخرى؟

– راشد الفوزان: الشاب والفتاة السعوديان يبحثان عن فرصة عمل حكومي.. وعلينا أن نبدأ تدريجياً بسعودة 20% من هذا السوق.

– جمال بنون: “الجوالات” سيتعرض لهزة عنيفة وعدم ثقة لغياب العامل المدرب.

أثار قرار وزارة العمل بسعودة سوق الجوالات والاتصالات خلال 6 أشهر، الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية تنفيذه، والمغريات المقدمة لتحفيز الشباب، والفتيات السعوديين للانخراط في هذا السوق والعمل فيه. وتكاد تنحصر التساؤلات في: هل فترة الـ6 أشهر كافية لتدريب وتأهيل الشباب للانصهار في هذا السوق؟ هل سيكون القرار إخفاقاً جديداً لوزارة العمل بعد فشلها في سعودة قطاع الذهب، والليموزين، وسوق الخضار من قبل؟

أرقام وتقديرات

ووفق تقديرات الخبير الاقتصادي محمد بن دليم القحطاني؛ فإن عدد العمال في قطاع الجوال، وملحقاته يقارب 1.700.000 ألف عامل؛ فيما بلغت نسبة المحلات 50 ألف محل بمتوسط 3.5 عامل في كل محل، ويعد سوق الاتصالات في السعودية هو الأكبر في الشرق الأوسط من حيث حجم المبيعات، وتبلغ مبيعاته قرابة 20 مليار ريال.

ويرى “القحطاني” أن قرار سعودة محلات الجوالات قرار صائب في مصلحة العمل؛ بيد أنه يفترض إيجاد حلول لتلك العمالة الوافدة، وإعادة هيكلتهم لقطاع آخر وفق احتياجات السوق.

وهم -وفق القحطاني- قوة بشرية ساهمت في خلق هذا القطاع ونجاحه، أو الاعتراف بأنها عمالة زائدة، وعبء على الاقتصاد السعودي، ولا مكان لها؛ لافتاً إلى أن العامل الوافد يكلف الاقتصاد السعودي ما يعادل 50 ريالاً شهرياً من استنزاف كهرباء وإقامة وخلافه.

التدريب والتأهيل

ويتساءل “القحطاني”: هل هناك شباب مهيأ للعمل في مواقع العمالة الوافدة؟ وهل الفترة الزمنية (6 أشهر) كافية للتدريب؟ ويجيب موضحاً أن على شركات الاتصالات الكبرى دور كبير في احتضان هذا القطاع؛ بحيث تبيع الجوالات وخدمات الموبايل وصيانته، كما أن عليها إعداد مراكز تدريب لتهيئة الشباب لهذا التوجه؛ ولكن بنكهة جديدة من حيث الهوية والخدمات؛ حتى تستطيع أن تجذب الشاب والفتاة؛ مقترحاً علامة تجارية لكل شركة تقوم من خلالها بفتح فروع للبيع والصيانة.

وبسؤاله عن إمكانية التدريب والإحلال خلال هذه الفترة، أجاب: هذا القطاع مكلف في التدريب ومرهق، والفترة غير كافية، وعلينا مضاعفة الجهود؛ وإلا سنكون في مأزق عدم تفاعل الشباب مع هذا القطاع، كما يجب أن يتوفر الفكر الانضباطي وفكر البيع والشراء في العمالة الوطنية؛ وإلا سيضاف إخفاق جديد.

وقال: “علينا أن نستفيد من الأخطاء السابقة؛ فوزارة العمل أخفقت في حث تجار الذهب على خلق بيئة صحيحة لهذا القطاع، وكان عليها أن تتفق مع تجار الذهب في تدريب الشباب والشابات أولاً؛ بدلاً من فرض أفراد غير مؤهلين؛ ولذا لا نرغب في تكرار التجربة؛ موضحاً أن أهم المشاكل التي سوف تقابل وزارة العمل هي التدريب، والإعداد؛ متسائلاً من جديد: لماذا لا توجد لدينا شركات مهمتها تأهيل الشباب حسب احتياجات السوق، والانصهار مع برنامج التحول الوطني، قبل اللجوء إلى سعودة القطاعات دون كوادر؟ مطالباً بأهمية تفعيل الناتج المحلي في الاقتصاد الوطني من خلال إشراك الكيانات الاقتصادية في مجال الاتصالات، والتعاون مع الجامعات، وكليات التقنية، وفتح مراكز تدريب؛ معرباً عن مخاوفه من عودة التوطين الوهمي، وتصبح برامجنا كلها هباء، أو تذهب أموال هذا القطاع إلى أسواق مجاورة.

هدف نبيل.. ولكن

من جهته، رأى الكاتب الاقتصادي راشد الفوزان، أن قرار سعودة محلات الذهب، ثم سعودة أسواق الخضار، وبعدها سعوده الليموزين؛ كلها لم تنجح للدرجة المطلوبة؛ معرباً عن أمله في أن تكون وزارة العمل قد استفادت من الدروس السابقة قبل اتخاذ هذه الخطوة.

وتساءل: هل لدينا الكوادر المؤهلة للإحلال؟ وأي المحفزات سوف نقدّمها للشباب؟ قائلاً: “السعودة ليست قراراً؛ بيد أنه بنية تحتية، وقدرات، وإمكانيات، وتهيئة، وتجهيز، وتعليم؛ مؤكداً أن هدف وزارة العمل نبيل، وتوجهها ممتاز؛ لكن هناك الكثير من علامات الاستفهام؟

وتابع: ما زال الشاب والفتاة السعوديون يبحثون عن فرصة حكومية، ودخولهم في هذا القطاع غير مضمون من وجهة نظره، كما أن البوادر وقصر المدة الزمنية المعلنة تشير إلى وجود بعض الخلل في نجاح التجربة.

وقال: “لماذا لا نبدأ بسعودة 20% مثلاً من قطاع الجوالات، وبعدها بفترة تزيد النسبة؛ بحيث نتمكن من التدريب والتأهيل واستيعاب السوق والاستفادة من العمالة الوافدة؟”.

قرار ارتجالي

أما الكاتب جمال بنون؛ فقال لـ”سبق”: لا ننكر أن قرار سعودة سوق الجوالات، يُعَدّ واحداً من القرارات التي تهدف إلى خلق فرص عمل؛ في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلد، وانخفاض سعر النفط، ووجود الكثير من الخسائر في كثير من الشركات، وارتفاع نسبة البطالة، وهناك الكثير من الشركات قامت بتسريح موظفيها؛ مما اضطر وزارة العمل إلى فرض العمل من خلال القطاع الخاص بتقليص عدد الوافدين.

وبسؤاله عن مدى تقبل السوق السعودي لهذه الخطوة، أجاب: سوف يتأثر السوق في البداية بنسبة 30% في مستوى الخدمة والصيانة؛ مما سينعكس بالسلب على المستهلك بسبب التراجع في مستوى الخدمة؛ مؤكداً أن سوق الجوالات سوف يتعرض لهزة عنيفة وعدم ثقة لغياب العامل المواطن المدرب والمؤهل، ووصف قرار وزارة العمل بأنه “قرار عشوائي وارتجالي وغير مدروس، ومدته الزمنية قصيرة جداً؛ بسبب غياب البنية التحتية له”؛ لافتاً إلى أن سوق الاتصالات السعودي يعتبر الأكبر في منطقة الشرق الأوسط من حيث المبيعات، وسوف يكون هناك انعكاس سلبي على السوق والمستهلكين؛ مبدياً استغرابه من عشوائية مثل هذه القرارات، وقال: علينا ألا ننظر له بالعاطفة فقط؛ بل نتعامل معه من منظور اقتصادي؛ فالطبيعي والمنطقي هو البدء في الإعداد والتدريب والتأهيل للشباب، وبعدها اتخاذ القرارات وليس العكس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.