صائدة الأوغاد وحكاياتها المثيرة

تكسب الشابة الأميركية الجميلة، أليسون رزقها الوفير من القيام بأعباء وظيفة مجزية مبتكرة طريفة، تتلخص في العمل على إيقاع ضحاياها من الرجال، واستدراجهم في فخ الشروع بالخيانة من خلال وسائل عدة، تقع مواقع التواصل الاجتماعي في مقدمتها، لسهولة التقاط الطعم فيها، تكلفها بتلك المهام غير النبيلة نساء مذعورات فاقدات الحس بالأمان والسكينة، انصياعاً لرغبة حمقاء جارفة، لا تخلو من مغامرة في اختبار مدى إخلاص شركائهن والتزامهم، بإخضاعهم للتجربة العملية المهينة للطرفين كما أرى، لتأتي النتيجة، في أغلب الأحيان، بحسب حكايات أليسون المثيرة، مدمرةً صادمةً موجعة للقلب، حيث أفادت الحسناء اللعوب، هادمة البيوت، بتكليف رسمي مدفوع الأجر، أن النسبة الأعلى من الفئة المستهدفة التي تضم نماذج مختلفة من الرجال، قابلة، وبيسر كبير، وبدون أدنى جهد، لإقامة علاقات خارج إطار العلاقة الزوجية، بل يتعدّى الأمر حدود المؤسسة الزوجية القابلة للرتابة والملل حكماً، إلى علاقاتٍ عاطفيةٍ حرة بالكامل، لا يؤطرها سوى إرادة الشريكين في البقاء معاً، من دون أي ضغط اجتماعي، أو التزام قانوني يرتب الفكاك منه مستحقات مالية تذكر.
وعلى الرغم من ذلك، لا تتوانى غالبية عظمى من الرجال، ومن مختلف الثقافات، استجابةً لشرط الطبيعة، كما يزعمون، عن الاندفاع في أي فرصة سانحة لإقامة علاقة عابرة، حتى لو كان سعيداً مستقراً مع امرأته، متوهماً أن ذلك لا ينبغي أن يؤثر، بأي حال، على استقرار العلاقة وجديتها وعمقها ومتانتها، بذريعة النزوة العابرة التي يختبرها الرجل العربي، مراراً وتكراراً، وهي، بحسب المنطق الذكوري السائد، ليست ذات أهمية كبرى، كما أنها قابلة لغفران الأنثى بالضرورة، يختلف الأمر، بطبيعة الحال، بالنسبة لأبناء الثقافة الغربية، مثلاً، التي تبيح للمرأة الحق نفسه في الوقوع تحت مؤثرات الضعف الإنساني، من باب الطيش، أو الإحساس بالفراغ النفسي والعاطفي، أو حتى الملل والرغبة في التغيير.
انسجاماً مع بيئةٍ، تمكّنت، إلى حد بعيد، من تحقيق شكل معقول من المساواة بين الجنسين، بحيث تعامل خطاياهم بالمنظور الاجتماعي والأخلاقي والقانوني نفسه، غير أن الأمر يأخذ صيغة قبيحة في واقعنا المزدوج الذي يعاني من شيزفرونية أكثر حدة في هذا المقام. الأمر غير المفهوم، والذي يستدعي دراسةً وتأملاً، نلاحظ أن نموذج الرجل الأكثر استخفافاً وغشاً وخداعاً وتلاعباً وخيانةً وعلاقات متعددة، لا تخلو من استهتار ومجانية وابتذال، يكشف في علاقته بالمرأة الزوجة، أو الحبيبة، عن تعسف وتحفظ وتقليدية ونمطية، تذكّر بشخصية “سي السيد” الشهيرة التي أبدع نجيب محفوظ في تجسيد ملامحها نمطاً عربياً مؤسفاً، نقر بأنه خلع الطربوش فعلاً، غير أن الرأس نفسه اجتاز السنين، محشواً بالأفكار العفنة نفسها التي تؤكد أن حق الرجل الحصري في الرذيلة مكفول بتواطؤ الجميع. ويعبر هذا الصنف المثير للخيبة عن مشاعر تملك وغيرة شديدة وتسلط وغضب فائق عند مجرد شبهة تعرّض الشريكة لتحرش، حتى لو كان ذلك بنظرة عابرة ضمن منطق حرملك متخلف يحكم تفكيره المحدود، فيهبّ محموماً للدفاع عن الشرف الرفيع والكرامة المسلوبة لا يمنعه ذلك بطبيعة الحال من تحريض نساء مضللات بوهم العشق، ممن يترددن في خوض علاقات من هذا النوع، لاعتبارات دينية وأخلاقية، يدفعهن إلى الثورة والتمرد ورفض قيم المجتمع المتهرئة، وذلك في سبيل اقتناص علاقات عابرة، تستهلك فيها إنسانيتهن، وتفسد حياتهن، وتشوش مشاعرهن، وتمسّ سمعتهن، وتعطيه، في الوقت نفسه، مادة قصصية كافية للتشدق والتباهي والاستعراض أمام الرفاق بانتصاراتٍ ذكوريةٍ ليست، في جوهرها، أكثر من نتاج مخيلة مريضة بوهم التفوق الجندري.
وبالعودة إلى أليسون وطرائدها، لا مناص أمام السيدات، والحالة هذه، سوى التحلي بعزة النفس، والكف عن لعبة التحرّي الخطرة الحمقاء. أما الرجال، ولا سيما الأوغاد منهم، فما عليهم سوى ترديد مقولة السيد المسيح “اللهم لا تدخلنا في التجربة، ولكنْ نجّنا من الشيطان”.

 

المصدر:العربي الجديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.