وتخرج سهواً حين الموت – نضال حسن الحاج

وتخرج سهواً حين الموت!!
نضال حسن الحاج

******
موسيقى الحزن التي تركض بين مطرقة أذني وسندانها تقتلني ذبحاً.. جيئة وذهاباً..
هذا اللحن الباكي تبكي معه أوردتي حينما أستمع للرائع “حافظ عبد الرحمن”..
نشاز الحروف يقتفي أثر الرحيل إلى الرحيل.. وأنا أمارس الصمت على كيف الصمت..
قاسٍ أنت أيها الرجل الذي لا يحتمل النزيف..
هذا البحر الذي سئم ابتلاع الحجارة كلما قذف بها الغاضبون، يحرضني عليك بشدة..
مواقيت الناس كلها تبدأ من هنا.. من سوق الحياة الذي اكتظ بالوجع ولم يمت..
أنا أدرك تماماً أنه مثلي.. يتمنى الموت آلاف المرات على أن يعيش بلا حراك..
يا أيها الحراك الذي اعتاد أن يبث الحياة في عروقي رويدك سيدي..
هذا الإحساس الذي عجز عن وصفه شعراء العالم هو في الآخر إحساس شاعر..
ومتى يصف الناس إحساس شاعر؟
آلاف الطائرات التي تُحلّق في الأفق الرحب تنتظر مني بشارة الفرح..
حزينة أنا بك تماماً مثلما أنا الآن مسرورة بك..
فخورة بك، وإن كنت أنت مصدر حزني..
أشتاقك على رأس كل كلمة أتفوّه بها، ولكني مجبرة على تجرُّع الأسى..
فلك انحناءات التقدير؛ لأنك جعلتني أخسر الرهان..
أنا راهنت على وجود العشق وأنت كدت تقودني نحو الهلاك..
أخاف منّي عليَّ ..
وقد كنت فيما مضى من وقت أخاف منّي عليك..
أنظر كيف انقلبت الأمور رأساً على عقب..
أخشى من هذا العناد البائس الذي يسيطر على قراراتي، فيمليها عليَّ قبل أن أنطق بها..
أخشى عليَّ من أشباه القلوب التي ترعب البراءة..
أخشى أن أكفر بمبدأ الحب فتقيم عليَّ محكمة المحبين الحدّ وأُعدم شنقاً حتى الموت، فتخرج منّي سهواً حينما أسقط قتيلة هنالك..
أخاف أن تصدق توقعاتي، وتخرج من بين شظايا الروح.. مثل (سلِّ السببية من العجين)..
ألم أقل لك وللجميع إن لي قصائد كُتبت قبل مجيء واقعها بسنوات مضت..
أنا الآن أتوجس خيفة حينما أرى دفاتري تتربّص بي، أهم بقراءة كل قصيدة كتبتها على عجل دون أن أعيش قصتها، وأخشى أن أجدك جالساً في منتصف إحدى قصائدي التي سطرت فيها للفراق شأواً كبيراً..
أخشى أن أسلم عليك حينما أُردد أبياتها القاسية فلا ترد تحيتي ولا تحدثني..
أخشى ألا تزعج نفسك بي حينما أمر عليك في قصائدي الحزينة لألتقيك خفية فتشيح عني بوجهك وتضع ساقاً على ساقٍ، وتتكئ على وسادة ألمي وتستمر في احتساء قهوة الفراق..
هل أطلق الكتابة إلى حين اكتمال الواقع؟ أم أحاصر الخوف مثلما يفعل بي؟!

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.