مكتوب يا هلال.. تطلع مغلوب…!

مضت السفينة الزرقاء عكس التيار وذهبت في اتجاه الضد لريح عاتية عصفت بالأشواق ورمت بالأحلام في مكان سحيق.. هناك في أدغال أفريقيا.. وسقط الهلال أسداً جريحاً ورفع المناديل الزرقاء لتحلق الحمامة البيضاء عالياً.. في ليلة للنسيان لعملاق أم درمان ومناصريه؛ الذين احتشدوا من صوب عميق.. ويبقى الحدث للذكرى والتأريخ لمغامر تطوان..!

ضربت نتيجة المباراة بتغلب المغرب التطواني المغربي على الهلال السوداني التوقعات وكتبت أكبر المفاجآت.. كل الدلائل كانت تشير، بل تؤكد انتصار منتظر للازرق، من واقع الخبرة والتأريخ والفوارق في امكانات اللاعبين والناديين.. كل شيء كان في صالح الهلال (على الورق فقط).. دخل لاعبونا في زهو وغرور وثقة زائدة، على وقع تعادل ثمين في سانية الرمل، مدفوعين بأربعين ألف من المناصرين، في حضور فخيم تقدمه السيد حسبو محمد عبدالرحمن، نائب رئيس الجمهورية، والسيد حيدر جلوكما، وزير الشباب والرياضة الإتحادي، السيد بله يوسف البشير، وزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم وغيرهم من دستوريين ومسؤولين.. كلهم جاؤا ليزفوا الفارس الأزرق ليلة عُرسه وحمله على الأعناق إلى الدور نصف النهائي من المحفل الأفريقي الكبير، ولكن سبق السيف العزل.. أسبغ الكتاب على الهلال أن ينهزم ويشيَع ويدفن في مقبرته، التي حفرها بيديه لخصومه.. ليغادر الأربعين وفي الحلق قصة وفي القلب حسرة.. شق نائب الرئيس طريقه نحو القصر الجمهوري دون أن يحمل بشرى للبشير.. وغادر الوزير إلى وزارته بشارع النيل، دون أن يكتب تهانيه وبرقياته المعتادة لجماهير الموج الأزرق بُعيد كل انتصار.. ومن خلفهم مضى بله، محتفظاً بتهانيه وتبريكاته ربما إلى مناسبة أخرى.. نتمناها قريبة.. وقريبة جداً..!
الهلال لم يكن سيئاً للدرجة التي توقع به في هوة الخسارة والإنكسار، لكنه لم يكن في يومه.. تخلى عنه الحظ تماماً، وخدم منافسه التطواني.. جاءت البداية جيدة ومبشرة، تنبئ بنصر قام يلوح في الأفق البعيد.. ومع حمى البدايات يرتبك الحارس المغربي محمد اليوسفي ويرتعد ويرمي بالكرة أمام مروضه وساحره (أندرزينهو) كأنه يريد أن يكتب نهاية فريقه من البداية دون الحاجة لضغوط، ولكن رسام الرمل في تطوان، ليس هو عازف الألحان في أم درمان.. تباطأ في الأرسال نحو الشباك الخالية، وفضَل التمرير عن طريق الخطأ للجزولي.. وتوالت الفرص تباعاً من كل الزوايا والإتجاهات، ومارس الأسطول الأزرق ضغطاً رهيباً تساقط دونه أبناء تطوان خوفاً من الإصابة تارةً، وحيلة واحتيالاً على الحكم الكاميروني «نيون أليوم» المتساهل.. وفي كل مرة نشعر فيها أن الهدف آت لا محالة.. تؤكد الكرة أنها على عهد مع المستحيل ألا تدخل مرمى الحامة البيضاء..!
أخفق نزار حامد في إدراك التعادل من علامة الجزاء، التي جازى منها الهلال نفسه من خطأ للمدافع الجنوب سوداني «أتير توماس» في لقطة مؤثرة وعلامة فارغة من المباراة.. لم يكن أحد يتوقع انتهاء الأمور عندها.. غاب مدثر كاريكا كالعادة عن الحضور والتوقيع على الشباك، واكتفى بقطع المسافات الطويلة دون الوصول إلى نقطة النهاية.. وتفنن صلاح الجزولي في عذاب جماهير الهلال بسوء استخدامه وضعف استقباله وإرساله ورعونته في التعامل مع الفرص المتاحة أمام المرمى.. كان الرهان عليه كبيراً في غياب البرازيلي جوليام والوطني محمد عبدالرحمن.. ولكنه كان أبرز الغائبين في يوم الحضور..! كانت الجماهير تمني النفس برأسية للإنقاذ من سيف مساوي العميد.. وكان الأمل من المنال بعيد.. لم يلق فيصل موسى بعصاه.. انشغل البال مع مرور الوقت دون أن يشغل الشغيل أو يقم بشغل يعيد الأمور إلى نصابها.. تدخلات الكوكي لم تأت بجديد.. كل شيء إنتهى إلى لا شيء.. في انتظار قام المواعيد.. عسى ولعل..!

اخر لحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.