الهندي عزالدين : السر قدور يقدم عمل (ثقافي) عظيم … وبصراحة مافي حاجة غيرو نشاهدها

{ ما يقدمه أستاذ الأساتذة “السر أحمد قدور” عبر البرنامج الأعلى مشاهدة في جميع القنوات السودانية، بل وجميع القنوات العربية والأجنبية (بالنسبة للمشاهدين السودانيين)، (أغاني و أغاني) على شاشة قناة النيل الأزرق، ليس غناء للترفيه وحسب، لا بل هو عمل (ثقافي) عظيم لا يفهم مكنونه المتسطحون وعوام المتشددين.
{ في السودان.. تعرضت مجتمعاتنا لاهتزازات كبيرة نتيجة لتيارات الغزو الثقافي التي ضربت مراكز تعليمنا ولهجاتنا وطرائق حياتنا وسلوكنا، فلم تعد تميز الكثير من السودانيين بالخارج وبعض الداخل إلا بالبشرة السمراء و(الجلابية والعمة) أو (الثوب السوداني)!!
{ لهجات (خليجية) و(مصرية) و(شامية) وهجين إنجليزي وعربي، والأخيرة بسبب مدارس الأساس (الإنترناشونال)، هي ما تعودت عليه ألسن أولادنا وبناتنا، حصاد زراعة المهاجر والاغتراب، والتعليم الأجنبي بالداخل. بل قد يبدل بعض كبارنا لسانه، فتجده يتحدث على طريقة أشقائنا في شمال الوادي: (خلصنا يا عم.. هو أيه اللي بيحصل دا) لمجرد أنه قضى شهراً في القاهرة!!
{ هل سمعتم يوماً في الخليج أو غيره.. (مصرياً) يحدثك بلهجة الشوام أو السعوديين أو المغاربة؟!
{ الإجابة: بالطبع.. لا.. لأسباب عدة أهمها اعتزازه بمصر.. أرضاً وتاريخاً.. ثقافة ولهجة!!
{ لكن حالة (الفيض الثقافي) هي التي تمثل سياجاً حارساً لجوهر ومظهر ومسار حركة المجتمع.
{ بناتنا في مرحلتي الأساس والثانوي يحفظن عن ظهر قلب أغاني “إليسا”، “تامر حسني”، “نانسي عجرم” و”شيرين عبد الوهاب”، ويعرفن “عبد الحليم” و”أم كلثوم” و”صباح”، لكنهن لا يعرفن شيئاً عن “كرومة” و”سرور” و”الأمين برهان”.. والكثير من طالبات جامعة الخرطوم لم يسمعن بـ”زنقار”.. ولا “عبيد عبد الرحمن”!!
{ حدثني أحد كبار الموسيقيين أن فناناً كبيراً.. قمة من قمم السودان الفنية زاره بالمنزل فإذا بصغيرته تناديه بأن (واحد بجي في التلفزيون عاوزك) بينما هي تعرف “عمرو دياب” بالاسم!!
{ لهذا وغيره، فإن ما يقوم به الأستاذ ذاكرة الغناء السوداني الأكبر، وما يقدمه الفنانون والفنانات الشباب عبر برنامج (أغاني وأغاني) هو عمل وطني كبير يستحقون عليه التقدير والتكريم، فهم يحفظون تراثنا.. يجددونه.. يعيدون تسويقه بشكل مواكب ومحترم.
{ أما بالنسبة للنسخة الحالية (العاشرة)، فأنا أعتقد- وأزعم أنني متابع جيد- أنها حتى الآن، أفضل من النسختين السابقتين (الثامنة والتاسعة)، فالبرنامج كسب أصواتاً جديدة راقية- “هدى عربي” و”مكارم”- وأداء متطوراً من كل المجموعة، كما أن مظهر الفنانين وملابسهم غاية في الأناقة والاحترام هذه المرة، نافسهم (عمهم) “السر” الذي تجلى مظهراً ومخبراً.. طبعاً لا يخلو أي برنامج من هنات، ففي ظني وقد ذكرتها من قبل، أن تجهيزات الديكور- مثلاً- أقل من مقام وجماهيرية ونوعية البرنامج، مع إشارتنا وإشادتنا بإمكانيات المخرج المجتهد “مجدي عوض صديق”، وهناك أغانٍ كان يمكن أن يؤديها “فلان” أو “فلانة” أفضل من “علان”، لكنها ملاحظات لا تهدم المبنى والمعنى الكبير للبرنامج.
{ ليس لديّ أدنى شك في أن الذين ينتقدون البرنامج في الصحف والوسائط الأخرى هم الأحرص على مشاهدته كل يوم.. وبصراحة مافي حاجة غيرو نشاهدها.. الباقي كلو تجارب فطيرة وأداء مسخرة.

المجهر السياسي

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.