أخطر الاسرار السودانية : أين اختفت مذكرات صلاح سالم…؟

مصطفي سيد مبارك
الاسرار في حياتنا نحن السودانيين تظل أسراراً دون أن يجدي معها الزمن أوتتعرض لعوامل التعرية فتكشف عنها وكثير من الاسرار ظلت بعيدة عن مسرح الواقع بل تتداول في همس المجالس رغم مرور عشرات السنين عليها .
ومن أهم الاسرار التي ظلت طي الكتمان في حياتنا السودانية تلك التي حملتها مذكرات صلاح سالم ابن مدينة سنكات السودانية ومهندس ثورة يوليو المصرية وعلى الرغم من أن سالم كان حريصاً على أن ترى مذكراته النور حتى ولو بعدحين إلا انها اختفت ولم تظهر واختفت معها أهم المعلومات في تاريخ الحياة السياسية والاجتماعية في السودان ومصر، فالمذكرات تحكي عن مرحله مفصلية في التاريخ .

*محتويات المذكرات
مذكرات صلاح سالم نعتقد إنها تشخيص للحالة السودانية وتشخيص لكل المواقف السياسية ويتحدث فيها عن مواقف مهمة حول الوحدة مع مصر وفيها رصد لعلاقة الجنوب بالشمال وعلاقة الشماليين ببعضهم البعض وعلاقة السودان ككل مع مصر وتحتوي على حقيقة أدوار بعض السياسيين التي لعبت في الخفاء ويُقال إنها وردت فيها سيرة بعض المتعاونين مع الانجليز. والمذكرات بإمكانها أن تكشف حقائق دور صلاح سالم نفسه في السودان واستقالته عن منصبه متحملاً مسؤولية ما لم يرد تفصيل عن طبيعتها .
إلا أن هذه المذكرات لم ترَ النور واختفت تماما بعد موت صلاح سالم ولم يعثر لها على أثر في مصر ولا أحد يعرف حقيقتها حتى اليوم
والحقيقة الثابتة أن صلاح سالم اعطى نسخة من مذكراته للمورخ السوداني الكبير حسن نجيلة احتفظ بها نجيلة لسنوات طويلة ولكنه اعطاها لشخص من باب نشر المعرفة ولكن لم يتم العثور على هذه النسخة ايضا ولم يجد أحد النسخة الاصلية للمذكرات في مكتبة صلاح سالم أو حتى في محتوياته وبين الخرطوم والقاهرة ضاع ماكتبه رجل مهم له التأثير الاكبر ويعلم الكثير عن تاريخ البلد وشكل العلاقة بين السودان مصر وكيف تشكلت وغيرها الكثير المثير
*القصة الكاملة
ولمعرفة حقيقة مهمة عن النسخة التي توجد بالخرطوم وكيف اختفت نورد ما أورده يحيى محمد عبدالقادر أحد عمالقة الصحفيين السودانيين في كتابه الذي جاء تحت عنوان: (شخصيات صحفية عرفتها) فقد أورد في صفحة 14 و15 من الجزء الخاص بحسن نجيلة معلومات مهمة عن مبتغانا وهنا ننقل ماورد نصا
(قبل رحيله باسابيع قليلة وبمستشفى الخرطوم – يقصد حسن نجيلة – امسك يدي قائلا: هناك أمر مهم دهمتني الاحداث فنسيته ولقد تذكرته الآن قابلت صلاح سالم أحد ضباط ثورة 23يوليو المصرية وله دور بارز في المرحله التي سبقت الاستقلال .. هذا الكتاب لاستعين به في مراجعة معلومات عن دور بعض الشخصيات السودانية قبل توقيت انهاء الحكم الثنائي بالسودان وموقفه الشخصي تجاه الشخصيات التي نادت بالوحدة أو الاتحاد التام أوالاستقلال عن مصر ولم يكن صلاح في ظروف صحية تسمح له بالحديث طويلا واكتفى بالقول (انه كتب كل شيء في مذكراته وانه لايرغب في نشرها الان معظم من تناول اسمائهم ومواقفهم وقتها (مازالوا على قيد الحياة)..
وناولني المذكرات وطلب مني الاطلاع عليها على أن الا أشير إليها أو انشر منها شيئا لحين عودته من رحلة العلاج بالولايات المتحدة.
وشاءت إرادت الله وانتقل صلاح سالم الى رحمة مولاه وجيئ بجثمانه الى القاهرة حيث دفن.
وظلت هذه المذكرات المهمة بحوزتي وفي حرز حريز الى أن أجاء يوما بمنزلي بامدرمان المورخ عبد الرحمن الفكي والبرلماني القديم يوسف العجب ودار حديث بيننا عن فترة ماقبل جلاء الانجليز وذكرنا مواقف واحداث وشخصيات واستشهدت بما سجله صلاح سالم ولم اعرف أيا منهما أستاذنا واخذها للاطلاع عليها لذلك اطلب منك الاتصال بالابن محمود عبد الرحمن الفكي أو الاخ منصور العجب وقل لهما إني أوصيتك بأمر هذه المذكرات وأن يبحثا عنها وأن يسلماك لها عند العثور عليها .
وقد جاء الاخ محمود والعم منصور الى العزاء بعد فترة وقد اخبرتهما بالامر ووجدت منها اهتماما كبيرا بأمر المذكرات وبأمر الوصية ووعدا بالبحث عنها في مكتبة الفقيدين وتسليمها عند العثور عليها.
*وجه آخر للحقيقة
ورغم أن ضياع المذكرات الموجودة لدي حسن نجيلة لم يكن بسوء نيه. يؤكد عدد من الاشخاص أن صلاح كانت له نسخة أخرى من المذكرات وضعها تحت تصرف شخص ما بالقاهرة من غير السودانيين ولكنه لم يظهر ولم يكشف عنها واختفت المذكرات واختفت معها معلومات وأسرار مهمة للغاية.
ويأتي الاهتمام بما كتبه صلاح سالم لانه يمثل شخصية لها وضعا خاصا في السودان ومصر ويعتبر مخزناً لأسرار العلاقة بين السودان ومصر بل تتعدى أسراره إلى جنوب السودان، فالرجل له علاقات كبيرة بالجنوب .
*صلاح سالم من هو؟
صلاح مصطفى سالم ضابط من أصل شركسي ، ولد في سبتمبر 1920 في مدينة سنكات السودان، حيث كان والده موظفا هناك. أمضى طفولته هناك، وتعلم في كتاتيب المدينه. عندما عاد إلى القاهرة مع والده تلقى تعليمه الابتدائي، ثم حصل على البكالوريا، وتخرج في الكلية الحربية سنة 1938 وهو في الثامنة عشر من عمره. تخرج في كلية أركان الحرب سنة 1948، وشارك مع قوات الفدائيين التي كان يقودها الشهيد أحمد عبد العزيز في فلسطين.
واشتهر دائما بارتداء النظارات السوداء.
تعرف على جمال عبد الناصر أثناء حصاره في الفلوجة، وانضم إلى الضباط الأحرار، وكان عضو في اللجنة التنفيذية لهذا التنظيم، وعندما قام الضباط الأحرار بحركتهم في يوليو 1952 كان صلاح في العريش، وسيطر على القوات الموجودة هناك. .
بعد نجاح حركة يوليو اسند إلى صلاح سالم ملف السودان، وكان معيار الاختيار أنه ولد هناك، وكان السودان من أعقد الملفات التي تعترض استقلال مصر في مفاوضاتها مع بريطانيا، وأطلق عليه في الصحافة الغربية الصاغ الراقص لانه رقص شبه عارٍ مع القبائل الجنوبية،
ساند صلاح سالم جمال عبد الناصر في صراعه مع الرئيس محمد نجيب على السلطة في أزمة مارس 1954، ثم ما لبث أن تقدم باستقالته من جميع مناصبه بعد فشله في السودان في نهاية أغسطس 1955، وشارك في مؤتمر باندونج.
وكان وزيراً للإرشاد القومي والدولة لشؤون السودان في وزارتي محمد نجيب «3591» وجمال عبدالناصر «4591».
شارك في مفاوضات الجلاء بين مصر وبريطانيا.
عضو الاتحاد القومي ورئيس المكتب التنفيذي لمنطقة القاهرة.
أشرف مع عدد من زملائه على تنظيم المقاومة ضد العدوان الثلاثي سنة 1956م وكان مسؤولاً عن منطقة السويس.
طلب منه مستر سبريل مورتون رئيس تحرير صحيفة «ديلي شكوش» البريطانية أن يكتب رسالة إلى أسرة الضابط البريطاني مور هاوس الذي لقي مصرعه خلال العدوان الثلاثي في بورسعيد سنة 1956م
كتب الرسالة إلى الصحيفة البريطانية التي نشرتها وفي نفس اليوم نشرتها «الجمهورية» وأكد فيها أن القوات المعتدية هي المسؤولة عن مصرع مورهاوس.
كتب عشرات المقالات في الجمهورية والشعب وصحف الثورة الأخرى عن القضايا المختلفة وأشهرها الوحدة العربية ومقاومة الأحلاف ومساندة حركات التحرير. والحياد الإيجابي وعدم الانحياز وقضية فلسطين ومقاومة الاستعمار.
وقع مقالاته بتوقيع صلاح سالم وأحياناً بتوقيع صلاح وأحيانا بتوقيع «صاد».
قام بدور كبير في معالجة مشكلة السودان وشارك في التوقيع على اتفاقية الأحزاب السودانية.
زار مناطق السودان المختلفة وشارك أهل الجنوب رقصاتهم التقليدية منها رقصة الحرب وتناقلت وكالات الأنباء العالمية هذه الصورة ونشرتها الصحف العالمية.
من أشهر مقالاته مقال «السياسة العالمية بجريدة الشعب». وسلسلة مقالات بعنوان «إني أتهم» التي هاجم فيها سياسة الأحلاف التي عاد بها الاستعمار إلى منطقة الشرق الأوسط. وتحليل سياسي بعنوان «الموقف السياسي في أسبوع» ومقال بعنوان «صوت العرب».
توفى في / 18 2 / 1962م بالقاهرة.
*من أجل هذا ومن أجل كل هذه المعلومات عن سيرة الرجل والتي توضح شكل علاقته بالسودانيين ودوره البارز في تاريخ السودان في أهم مراحله .. تأتي مذكراته في غايه الاهمية للنظر للحقائق كما هي عارية دون تجميل بل من الممكن أن تكشف المذكرات الكثير المثير في حياة البلد.

صحيفة الوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.